بيروت - اتحاد درويش
يتصاعد الحديث عن حرب شاملة تلوح في الأفق تهدد بها اسرائيل يوميا، وتتزايد المخاوف الداخلية من آثارها الكبيرة على الاقتصاد وقدرة لبنان على تحمل نتائجها، وهو يعاني أزمة اقتصادية خانقة ويعيش فراغا رئاسيا، في حين تسعى حكومة تصريف أعمال الى اتخاذ كل التدابير الاحترازية لمواجهة احتمالات توسع الحرب وتطورها نحو الأسوأ.
في هذا السياق، يرى الباحث في الاقتصاد د.محمد فحيلي في حديث الى «الأنباء»، أن «لبنان الذي لا يزال يتخبط في أزماته لا يمكنه تحمل تبعات حرب واسعة النطاق، لأن ذلك يُعمق من الانهيار الاقتصادي الذي يواجهه منذ أربعة أعوام، وهو اليوم بالكاد يحاول من خلال خطة الطوارئ التي وضعتها الحكومة، تعزيز جهوزيته في حال وقوع حرب واسعة».
وتوقف فحيلي عند «طبيعة الحرب الدائرة على الحدود الجنوبية اللبنانية كونها ليست حربا بين لبنان واسرائيل، بل بين حزب سياسي يساند المقاومة الفلسطينية وبين إسرائيل. فالمواجهة محصورة في القرى الأمامية، لكن تأثيرات الحرب الدائرة منذ 8 أكتوبر الماضي بدأت نتائجها تكبر مع الوقت، وتسجل الى جانب الخسائر البشرية ونزوح العشرات من القرى الواقعة على الحدود الى مناطق أكثر أمانا، خسائر بمليارات الدولارات نتيجة القصف المدمر الذي طال المنازل والمؤسسات والمدارس والأسواق التجارية، كما ألحق أضرارا جسيمة بالأراضي الزراعية، وقضى على مساحات واسعة من المناطق الحرجية بفعل النيران الناجمة عن الحرائق، الى جانب ضرب المحاصيل الزراعية الأساسية التي تعتبر مصدر رزق لأهالي تلك القرى».
وتساءل فحيلي «عما اذا كان لبنان لديه الموارد من أجل تغطية كلفة الأذى والضرر الذي تسببت به اسرائيل جراء قصفها المدمر للقرى الحدودية، وهل يستطيع التعويض على أهل الجنوب، وهل بمقدوره تحمل عبء اعادة النازحين الى قراهم واستيعاب التلامذة الذين اقفلت مدارسهم؟».
وقال: «هناك حديث عن توفير الاحتياجات لمئة ألف نازح وإلى مائة مليون دولار شهريا في حال حصل نزوح لنحو مليون لبناني كما حصل في العام 2006، إلا أن الخشية من عمل عسكري اسرائيلي قد يمتد على مساحة البلاد ويخلف دمارا هائلا سيؤدي الى كارثة حقيقة بالنظر الى ما سيتبع ذلك من تكلفة لإعادة الإعمار».
وأشار الى أن «خطة الحكومة بالأرقام المعلن عنها، ولكي تتحضر لحرب واسعة في حال وقعت، لا سمح الله، عليها أن تفكر بجدية. صحيح أن الدولة لديها موارد باعتراف رئيس الحكومة، لكن هذه الموارد وفي حال وقوع حرب واسعة فان قدرة الدولة على جمع الضرائب والرسوم تتأخر مباشرة وليس بمفعول مؤجل، أي أن الايرادات تتراجع وتكون الحكومة مرغمة، سواء وقعت حرب أم لا على تغطية مصاريفها التشغيلية بالحد الأدنى من رواتب وأجور الموظفين».
وأكد أن «مصرف لبنان المركزي لديه الرفاهية للقول إنه لا يمول عجز الدولة. انما في فترة الحرب وعندما تتأثر قدرتها على جمع الضرائب والرسوم، فهو ملزم بتمويل الدولة في كل ما تحتاج اليه لتغطية المصاريف الأساسية التي تتوجب عليها لتمويل الخدمات الأساسية للمواطن، وهي بدورها مضطرة الى استعمال ما يتوافر لديها من موارد في حساباتها لدى مصرف لبنان. ولا خيار بالتالي أمام مصرف لبنان في حالة الحرب، من تمويل الدولة، التي هي بدورها لا خيار أمامها الا المصرف المركزي».