بيروت - جويل رياشي:
اقتصر السجال في توقف معامل انتاج الكهرباء في لبنان على أهل السياسة، من دون اهتمام يذكر من الناس (الا عبر نكات انتشرت على السوشال ميديا) الذين اعتادوا «عتمة» خدمات الدولة.
منذ زمن، اعتاد اللبنانيون تدبير أمورهم عبر بدائل خاصة يدفعون ثمنها أكلافا مضاعفة، لتأمين البديهي من الحاجات اليومية، من ماء وكهرباء وهاتف، ومحروقات في أوقات انقطاع مادتي البنزين والمازوت عبر السوق السوداء، وكذلك الأدوية المحصور توافرها عبر وزارة الصحة العامة، والمحجوبة غالبيتها عن المواطنين، والتي يتطلب الحصول عليها سلسلة من المعاملات الإدارية، فيما تصل عبر «خدمة التوصيل» إلى من يدفع ثمنها «براني» (تعبير لبناني مرادف للسوق السوداء).
العام الماضي، تداول ناشطون في شكل تهكمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مبادرة لبنانيين إلى طلب إلغاء عدادات الكهرباء الرسمية المعروفة بـ «الساعة» من منازلهم، في إشارة إلى ارتفاع رسوم الخدمات، وتخطي سعر الكيلوواط الواحد من الكهرباء، السعر المعتمد من قبل أصحاب مولدات الأحياء.
الآن، يدفع اللبناني شهريا رسوما لا تقل عما يعادل 20 دولارا أميركيا، من دون ان يحظى بالكهرباء. ولا يقل سعر الكيلوواط الواحد عن السعر المعتمد في فاتورة المولد. ويمكن القول ان المواطن اللبناني لم يعد مهتما بمصدر الخدمات التي يحصل عليها، سواء من الإدارة الرسمية او القطاع الخاص، بل يتطلع إلى توفيرها لتسيير أموره.
الشيء عينه بالنسبة إلى الفاتورة السنوية لاشتراك المياه بمتر مكعب واحد، والتي وصلت إلى 150 دولارا أميركيا. الا ان المياه غير متوافرة، والاعتماد في شكل رئيسي على مياه توفرها الصهاريج او من آبار جوفية يبيع أصحابها المشتركين المياه لقاء عداد خاص وتعرفة تقترب في نهاية الأمر من تسعيرة الدولة اللبنانية بفارق غير كبير، مع توافر المياه على مدار السنة دون انقطاع، ما يجعل المواطن يسدد فواتير إضافية رديفة لقاء خدمات لا يحصل عليها.
الشيء عينه بالنسبة إلى خدمات الهاتف الأرضي وشبكة الإنترنت التابعة لهيئة «أوجيرو» الرسمية المشغلة للقطاع في وزارة الاتصالات. ويعاني المواطن انقطاعا لخدمة الإنترنت، جراء توقف سنترالات الدولة الموزعة في المناطق عن العمل، بسبب النقص في مادة المازوت الكفيلة بتشغيلها في غياب الكهرباء.
قبل ايام، انتشرت صورة لعتمة في قاعة الذهاب بمطار بيروت الدولي تم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتبين انها قديمة تعود إلى العام الماضي، بعد تأكيد رئيس مطار بيروت فادي الحسن، الاعتماد على مولدات خاصة بالمطار لتأمين الكهرباء، وإبقاء واحد احتياطي للعمل في حال تعطل أحد المولدات الأخرى.
ويكرر المواطنون اللبنانيون ان الأزمة في لبنان لا تشمل غياب المنتج او المادة، بل هي أزمة سعر، على طريقة: ادفع لتحصل على الخدمات.
وبين تيار كهربائي ومياه شفة وخدمة هاتف لا توفرها الدولة، يتجه المواطن بكل سرور إلى القطاع الخاص، وشرطه الوحيد: توفير الخدمة وعدم انقطاعها وتجنب «البهدلة».