مملكة البحرين مستمرة بعطائها الإبداعي.. هذا لسان حالي دائما وأنا أتابع السياسة الحكيمة للملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله ورعاه، خاصة فيما يتعلق بمشروعه الإنساني لنشر قيم التسامح والأخوة والحوار البناء بين الأديان، وهو نهج راسخ منذ بدء تولي الملك حمد بن عيسى حكم المملكة الشقيقة أرض الحضارة والتاريخ العريق.
والحقيقة أنني أشعر بسعادة وفخر وأنا أتابع أنشطة «مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي» تحت قيادة مجلس الأمناء برئاسة الشيخ د.عبدالله بن أحمد آل خليفة، ومبعث هذا الفخر والاعتزاز أن سياسة المملكة الرشيدة في نشر قيم التسامح لم تتأثر بالأوضاع الملتهبة في الشرق الأوسط والحروب الدائرة هنا وهناك تطبيقا للحكمة التي تقول «أن توقد شمعة خير من أن تلعن الظلام».
ولعل من أهم القرارات الملكية للملك حمد بن عيسى آل خليفة إنشاء «جائزة الملك حمد للتعايش السلمي» وذلك في أغسطس الماضي يأتي امتدادا لمسيرة تعزيز القيم الإنسانية وحوار الحضارات ونبذ التطرف بكل صوره والعيش المشترك بين شعوب الأرض، هذه الجائزة بكل تفاصيلها كانت فكرتها حاضرة في خاطري عندما كنت متواجدة في مملكة البحرين وقمت بالفعل بالتخطيط لمبادئها وأهدافها في مسودة وتم عرض الأمر على الجهات المسؤولة في مملكة البحرين في أبريل الماضي حتى جاء القرار الملكي بإنشائها ليتحول الحلم إلى حقيقة وواقع بفضل جهود الملك، حفظه الله ورعاه، وهذا القرار الملكي الذي أعتبره بمثابة الجائزة الثانية لي بعد أن شرفت بالحضور إلى أرض المملكة الطيبة نوفمبر 2016 لحضور الدورة الرابعة للمنتدى الخليجي للإعلام السياسي تحت عنوان «الإعلام والهوية الخليجية» الذي قام بتنظيمه معهد البحرين للتنمية السياسية وحصولي على المركز الأول في جائزة الصحافة في موضوع «ثقافة الاختلاف والسلم الأهلي»، وقد تم تكريمي برفقة ابني المغفور له بإذن ربه الشيخ ناصر صباح فهد الناصر الصباح، من قبل نائب رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة، وهو التكريم الذي أعتز به كثيرا لأنه جاء تتويجا لما أعتقده وأخطه بقلمي من ضرورة نشر التسامح ونبذ الكراهية والتطرف وخاصة عندما يأتي هذا التكريم من مملكة البحرين التي أعتبرها وطني الثاني.
إن جهود الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله، في عهد حكمه المبارك تركزت حول تعزيز وترسيخ مبدأ الأخوة الإنسانية، ولا يسعنا المقال للتفصيل ولكن نذكر منها على سبيل المثال إنشاء مركز الملك حمد للتعايش السلمي، وتدشين كرسي الملك حمد للحوار بين الأديان في جامعة سابينزا الإيطالية، إعلان مملكة البحرين في الولايات المتحدة وإطلاق مركز الملك حمد العالمي للحوار بين الأديان في لوس أنجيليس، تأسيس مركز الملك حمد للسلام السيبراني لتعزيز التسامح والتعايش بين الشباب، المؤتمر العالمي للحوار بين الأديان نوفمبر 2022 تحت عنوان «الشرق والغرب من أجل التعايش السلمي» بحضور فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر د.أحمد الطيب وقداسة البابا فرانسيس بابا الفاتيكان والعشرات من الشخصيات البارزة ممثلي 79 دولة لمناقشة تحديات العصر كالتغير المناخي وأزمة الغذاء العالمية ونشر قيم التسامح بين الشرق والغرب.
والحقيقة أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله، قد سخر كل جهود المملكة لهذا الشأن العظيم الذي هو في الحقيقة التطبيق العملي لخلافة الله في الأرض بتعميرها وإرساء أسس الحضارة الإنسانية، إذ لا حياة بدون تسامح وتعاون وأخوة إنسانية، وفي ظل هذا الصراع الدائر في الشرق الأوسط وآلة الحرب التي لا تتوقف نحن في أشد الاحتياج للقيادة الحكيمة الرشيدة وللعودة مرة أخرى لنشر الوعي في المجتمع بأن الحرب والتطرف لا منتصر فيهما، أما السلام وقيم التعايش السلمي فالجميع منتصر لا محالة.
حفظ الله الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وشكر الله سعيه المبارك في حفظ السلام والأمن العالمي والإقليمي، وسدد الله خطاه وحفظ مملكة البحرين الشقيقة ورزقها الأمن والأمان والرخاء تحت قيادتها الرشيدة.