بعد مضي أكثر من شهر على بدء العام الدراسي، تعاني العديد من المدارس الحكومية في مدينة حمص من نقص في الكوادر الإدارية، رغم المطالب المتكررة التي يرسلها مديرو المدارس إلى مديرية التربية.
وقال إداري في مدرسة إعدادية للذكور في ريف حمص الشمالي، إن المدرسة تقدم خدماتها لأكثر من 1000 طالب مقسمين على دوامين صباحي ومسائي، يبدأ الصباحي الساعة الثامنة صباحا وينتهي الساعة الـ12 ظهرا، فيما يبدأ المسائي الساعة الـ12 ظهرا وينتهي في الرابعة مساء، بحسب تقرير لموقع «عنب بلدي».
وذكر أنه لا يوجد من الكادر الإداري في الدوام الصباحي سوى المدير واثنين من الموجهين وكذلك في الدوام المسائي، ويتناوب المدير على الدوامين لتأمين الحد الأدنى من التنظيم و«تيسير الأمور»، قائلا إن المدرسة تحتاج وسطيا إلى 12 إداريا حتى يتم ضبطها، وتحتاج إلى 20 إداريا لتصنف على أنها جيدة.
ويخلق نقص الكوادر الإدارية العديد من المشكلات، من بينها الضغط الكبير على الإداريين الموجودين، والتسيب والتسرب وعدم الانضباط لدى الطلاب، ما دفع العديد من الأهالي لنقل أبنائهم إلى مدارس أخرى أو حتى الإحجام عن إرسالهم للمدارس ودفعهم للبحث عن مهنة لتعلمها.
وقالت المعلمة جمانة في المدرسة نفسها، إن قلة الإداريين يعرض المعلمين لضغط كبير مع عدم القدرة على ضبط التسيب الحاصل، خصوصا أن الطلاب في سن المراهقة قد نشأوا في بيئة غير سوية، بسبب طول فترة الحرب، وما رافقها من انقطاعات طويلة عن المدارس.
وأضافت أن فقر الحال لدى الأهالي الذين انشغلوا بهموم تأمين لقمة العيش عن الاهتمام بأبنائهم، وما تشهده البلاد من ظواهر الخطف والسرقة وانتشار السلاح، كل ذلك أدى إلى صعوبة التعامل مع الأطفال، وهو ما يعزز الحاجة لإكمال نصاب الإداريين للمساعدة في ضبط الطلاب خلال فترة الدوام الرسمي.
هدى مدرسة في المرحلة الابتدائية، تعمل في مجال التدريس منذ عام 2012، قالت إنه تم نقل المدير في المدرسة التي تدرس فيها منذ حوالي الأسبوعين، ولم يتم إرسال بديل عنه.
وتضم المدرسة خمسة إداريين هم المرشدة النفسية، والمشرفة الصحية، وأمينة السر، ومعاونة المدير، والموجهة، وفي حال تغييب أحد الإداريين يقوم زميله بسد مكانه.
وتواصلت إدارة المدرستين (الإعدادية والابتدائية) مع مديرية التربية في المحافظة، التي وعدتهم بأنها ستؤمن الكوادر اللازمة لكن دون جدوى.
وتركت المعلمة حنان مهنة تدريس طلاب الصف الأول الابتدائي في مدرسة بريف حمص، بسبب صعوبة ضبط الطلاب، حيث يضم الصف أكثر من 50 طالبا وبعض الصفوف تضم 60 طالبا، بينما في الأوضاع الطبيعية يجب ألا يزيد عدد الطلاب على 30.
وذكرت أن المدرسة كانت لا تضم سوى المدير ومعاونته، وأضافت أن أغلب المدرسين يقومون بعملهم ب”الوكالة” وليس وظيفة ثابتة، ما يحرمهم أولا من رواتب خلال فترة الانقطاع الدراسي، كما لا يقدم لهم أي شكل من التأمينات الصحية وغيرها.
أحد الإداريين في مدرسة إعدادية بريف حمص، قال إنه يجب أن تضم كل مدرسة مديرا ومعاون مدير، وأمين سر، ومرشدة نفسية، ومشرفة صحية، وعددا من الموجهين يتناسب مع عدد الطلاب في المدرسة.
وذكر أن عدم توفر العدد الكافي من الإداريين يؤدي إلى ضغط كبير على الإداريين الموجودين، مضيفا أن النقص أجبره على مراقبة دوام المدرسين وتنظيم أضابير الطلاب وتوزيع الكتب وضبط دوام الطلاب ومراقبتهم في الباحات خلال الاستراحة كل ذلك بمساعدة إداريين اثنين.
هذه الحالة أدت إلى الكثير من التسيب، حيث يتأخر الطلاب بالحضور، وبعضهم لا يأتي إطلاقا، وعند رغبتهم في المغادرة يذهبون في أي وقت يشاؤون.
كما تكثر المشاجرات والمشاحنات خصوصا في وقت الاستراحة، وتنتشر ظاهرة التدخين نتيجة عدم المراقبة الجيدة بين الطلاب، وكل ذلك يؤدي إلى انخفاض جودة التعليم.
ويشكو المدرسون والإداريون من قلة الرواتب، إذ تبلغ 500 ألف ليرة سورية بحدها الأقصى، وهذا الرقم لا يعادل 10% من الحد الأدنى لمستوى المعيشة بحسب برنامج الأغذية العالمي، الذي يبلغ 2.75 مليون ليرة سورية (نحو 188 دولارا أميركيا).
وقد ينطبق هذا الرقم (2.75 مليون ليرة سورية) على احتياجات الأسرة من الطعام فقط، دون الأخذ بالحسبان باقي مستلزمات الأسرى من ملبس وتدفئة وإيجارات وفواتير ومواصلات وغيرها، إذ تحتاج الأسرة بحسب موقع «عنب بلدي» إلى خمسة ملايين ليرة سورية شهريا بالحد الأدنى لتأمين متطلبات أسرة مؤلفة من ستة أفراد.
إلى جانب ذلك، تعاني مدارس محافظة حمص انخفاض عدد المدارس مقارنة بعدد الطلاب، ووصلت نسبة الدمار في المدارس عام 2018 حوالي 80% من إجمالي المدارس.
من أجل زيادة فرص الحصول على التعليم الشامل والآمن للأطفال في سورية، تقدم «يونيسف» الدعم لإعادة تأهيل المدارس المتضررة في جميع أنحاء سورية.
وفي الفترة من يناير إلى يونيو 2024، وبدعم من حكومة اليابان، أعادت «يونيسف» تأهيل مدرستين متضررتين بشدة، هما مدرسة «السلطانية» الابتدائية في حمص ومدرسة «صوران» الثانوية للبنات في ريف حماة، ومن المقرر إعادة فتح هاتين المدرستين، اللتين توقفتا عن الخدمة منذ عام 2011 بسبب الحرب، للعام الدراسي 2024-2025.