وسط أجواء من الترقب وملفات معقدة وما تمر به المنطقة من منعطفات خطيرة، تستضيف الكويت القمة الـ 45 لقادة دول مجلس التعاون الخليجى، وهي القمة الثامنة التي تستضيفها درة الخليج ومهد أنجح تجربة تكاملية جمعت دول الخليج بفكرة من أمير البلاد الراحل الوالد سمو الشيخ جابر الأحمد رحمه الله عام 1976 الذي ظل يناضل لخمس سنوات حتى نجح في تحقيق الحلم الذي أصبح واقعا في مايو 1981.
تنطلق أعمال القمة 45 اليوم الأحد الأول من ديسمبر بملفات عديدة ومتشابكة وسط ترقب عربي وإقليمي وعالمي لما تمثله دول الخليج من ثقل سياسي واقتصادي في ظل تطورات الحرب الروسية -الأوكرانية، والحروب المشتعلة في المنطقة، وموقف دول الخليج من إيران خاصة بعد عودة دونالد ترامب للبيت الأبيض والعلاقات الأميركية -الصينية وموقف دول الخليج المتوازن بينهما لتأمين المصالح الاقتصادية والحفاظ على العلاقات مع كليهما في ظل عالم لن تنجح فيه إلا التكتلات والكيانات المترابطة.
والحقيقة اننى أراهن وبشدة على حكمة قادة دول مجلس التعاون في إنجاح القمة والوصول إلى بيان مشترك يحقق مصالح دول الخليج ومطالب شعوبها. ورغم صعوبة الظروف الراهنة والأحداث المشتعلة فإنني أرى في الاتحاد قوة، خاصة أن القمة تأتي تحت شعار «المستقبل...خليجى».
لقد نجح مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ نشأته في تحقيق أهدافه التي تأسس من أجلها تحت راية «خليجنا واحد»، ونجح في توحيد الكلمة والموقف والحفاظ على الهوية الخليجية التي ينتظرها ملف شائك يتعلق بالتطورات التقنية التي تتمثل في التهديدات السيبرانية والذكاء الاصطناعى وكيفية الحفاظ على شبابنا الخليجي من مساوئ هذا التطور التكنولوجى المرعب واستغلاله بطريقة إيجابية وتعزيز دوره في مسيرة التنمية والرؤى المستقبلية الخاصة بكل دولة وكيفية استغلال هذه الرؤى التنموية في إطار سوق خليجية مشتركة تحقق أحلام شعوب دول الخليج التى تملك صناديق سيادية تتخطى الـ 4 تريليونات دولار وتتحكم في النفط أهم مصادر الطاقة ونقطة قوة يجب استغلالها.
ولعل ملف الطاقة المتجددة والأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية غير القائمة على القطاع النفطي حاضر وبقوة على طاولة الخطط الاستراتيجية التي نرجو أن تحظى مستقبلا بالاهتمام في ظل التحديات المستقبلية والتصعيد العسكري في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي والحرب الروسية- الأوكرانية، والذي يؤثر بدوره في حركة التجارة العالمية ويقلل فرص الأمن والسلام.
لقد جاءت هذه القمة في توقيت مناسب، وهي فرصة ذهبية لبلورة موقف خليجي موحد في كل المجالات، وأكرر مرة أخرى انني على ثقة بأن أرض الكويت الطيبة التي خرجت منها فكرة وحدة وتعاون دول الخليج ستشهد نجاح هذه القمة في ترسيخ وحدة الصف الخليجي، وأن الكويت التي تمثل العمق الحضاري والثقافي والوسيط المعتدل المحايد وقت الأزمات بين الإخوة وجسر الروابط بينهم سوف تعمل على إنجاح القمة تحت رعاية صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد حفظه الله ورعاه مع إخوانه القادة من أصحاب الجلالة والسمو، لتكون هذه القمة انطلاقة حقيقية لمستقبل مشرق من الأمن والأمان والسلام والرخاء لكل شعوب دول الخليج.