ورد في الحديث النبوي الشريف «الشتاء ربيع المؤمن، قصر نهاره فصام، وطال ليله فقام»، وارتبط فصل الشتاء بأمطار الخير والبهجة والارتباط الأسري واجتماع الأهل في أجواء من الدفء الإنساني الذي يفتقده أكثر الناس في بقية الفصول، ولكن فصل الشتاء يبعث في قلبي نوعا آخر من السعادة، وهو ارتباطه بالمناسبات الوطنية الخليجية، فهو بحق فصل الأعياد والبهجة والسرور الذي يجمع البيت الخليجي حول مدفأة الترابط الإنساني والهوية المشتركة والتهاني المتبادلة.
أكتب هذه السطور وأنا مدفوعة بحب وطني الثاني مملكة البحرين والتي تحتفل بعيدها الوطني يوم 16 ديسمبر من كل عام والذي يوافق ذكرى استقلالها عن الإمبراطورية البريطانية، وكذلك ذكرى تتويج سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، رحمه الله، كأول حاكم لإمارة البحرين بعد الاستقلال، وبهذه المناسبة الوطنية العزيزة على قلوبنا جميعا أتقدم بأسمى آيات التهاني والتبريكات لحضرة صاحب الجلالة والفخامة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله، وللشعب البحريني الشقيق.
والحقيقة أن الرابطة القوية التي تربط جلالة الملك بأبنائه من الشعب البحريني محل إعجاب وفخر واعتزاز من الجميع، فهو بحق قائد حكيم وعلى قدر رفيع من الرقي والإنسانية تتجلى في خطابه لأبنائه المواطنين، ولقد سمعت جلالته مرارا يصف بعين الخبير ولسان القائد الحكيم وهو يعظ بعضا من أبنائه المواطنين قائلا نصا «يجب علينا ألا ننقل عن بلدنا إلا الصورة الزينة، الصورة الزينة اللي ننقلها عن بلدنا تشوه، فكيف ننقل بعد صورة لا سمح الله ناقصة! فتشوه أكثر! وبعدين اللي ليه حقوق لن ينصفه إنسان أكثر منا ومعاكم أنتم، لأن إحنا أحن عليك وأرأف بك، ولن نستقلك ولن نستخدمك كآلة أو أداة، بل سنعالج أمرك بكل كرامة».
لذلك نجد أن ارتباط الشعب البحريني بجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله، قائمة على رباط الصدق والوضوح من جلالته، وهنا أتذكر مقولة أبوحيان التوحيدي «إذا لم يكن القائل واجدا بما يقول، لم يكن السامع واجدا بما يسمع، إنما هو قلب يخاطب قلبا»، فما يخرج من القلب يصل للقلوب مباشرة، ويقينا فإن اهتمام جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله، بالقيم الإنسانية ونهج الأمن والسلام في العالم أجمع انعكس على قيم الشعب البحريني المسالم المتسامح الذي تغلب على كل محاولات زرع الفتنة بين أطياف أبناء الوطن الواحد، فالصدق والإخلاص والوفاء المتبادل بين القائد والرعية هي حصن الأمان لأي وطن، وأن السلم الاجتماعي هو أساس كل تقدم ورخاء.
لقد أثبتت الأيام أن مملكة البحرين قيادة وشعبا امتداد لتاريخ وحضارة عريقة شهدتها أرض المملكة منذ القدم حيث عراقة وأصالة الماضي وعبق الحاضر وآمال المستقبل تحت الحكم الرشيد لجلالة الملك.
وختاما، أتوجه مرة أخرى بالتهنئة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله ورعاه، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، حفظه الله ورعاه، ولكل الأشقاء في مملكة البحرين بمناسبة العيد الوطني للمملكة، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يعمهم بالخير والأمان والسلام، وأن تظل أرض المملكة كما عهدناها أرض الإنسانية ووطن المحبة.