مظهر جديد من مظاهر عودة الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي بعد سقوط نظام بشار الأسد، مع الاعلان عن تسيير أول رحلة جوية من مطار دمشق إلى مطار حلب، لما يمثله ذلك من أمل لملايين اللاجئين والمغتربين المنتظرين بفارغ الصبر لحظة العودة بعد غياب لأكثر من عقد لظروف أمنية، فضلا عن عودة الشريان الجوي لمد البلاد بكل ما منع عنها طوال العقود الماضية سواء بفعل النظام أو العقوبات الدولية التي تواصل القيادة الجديدة الدعوة لرفعها كون مسوغات فرضها زالت بزوال النظام.
وانطلقت صباح أمس أول طائرة، منذ سقوط الأسد في 8 الجاري، من مطار دمشق لتحط في مطار حلب من حيث انطلق هجوم «ردع العدوان» الذي اطلقته إدارة العمليات العسكرية وتحالف فصائل المعارضة بقيادة أحمد الشرع في 27 نوفمبر الماضي، لتسيطر على أكثر من 70% من مساحة البلاد باستثناء مناطق سيطرة الأكراد في شمال شرق سورية.
وكان في الطائرة، وهي من طراز «إيرباص» تابعة لخطوط «السورية للطيران» الوطنية وقد زينت بعلم الاستقلال الجديد، 43 شخصا من بينهم صحافيون وقياديون.
وقال مسؤول في مطار دمشق لـ «فرانس برس»، من دون الكشف عن اسمه، إن «الرحلات الدولية ستستأنف بدءا من 24 الجاري، بعد استكمال إجراءات صيانة واعادة تشغيل أجهزة المسح والشاشات والتأكد من جهوزية» الطواقم المشغلة. وقبل ساعات قليلة من سقوط العاصمة، استقل بشار الأسد طائرة من مطار دمشق إلى قاعدة حميميم الجوية الروسية في غرب سورية. وانهار الجيش وقوات الأمن وأخلت مواقعها مع دخول فصائل المعارضة دمشق وسيطرتها على المطار.
وفي هذه الاثناء، تستمر الاتصالات الدولية مع القيادة السورية الجديدة حيث بحث الشرع قائد القيادة العامة، مع وفد من وزارة الخارجية الألمانية، التطورات الأخيرة في سورية، بحسب ما ذكر الإعلام الرسمي السوري.
وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) بأن الشرع التقى مع وفد ممثل عن وزارة الخارجية الألمانية في العاصمة دمشق، وبحث معه التطورات الأخيرة في سورية.
كما نشرت صورا للقاء الشرع مع ممثل وزارة الخارجية الألمانية.
بدوره، دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية غير بيدرسون من دمشق أمس إلى تنظيم انتخابات «حرة وعادلة» بعد نهاية المرحلة الانتقالية في البلاد، آملا في الوقت نفسه «بحل سياسي» للوضع في شمال شرق سورية مع ما تسمى الإدارة الذاتية التي اعلنها الاكراد من جهة واحدة.
وقال بيدرسون للصحافيين في دمشق «نرى الآن بداية جديدة لسورية التي، بما يتوافق مع قرار مجلس الامن 2254، ستتبنى دستورا جديدا يضمن أن يكون بمنزلة عقد اجتماعي جديد لجميع السوريين، وأننا سنشهد انتخابات حرة ونزيهة عندما يحين ذلك الوقت، بعد الفترة الانتقالية».
يأتي ذلك غداة دعوة مجلس الأمن الدولي إلى تنفيذ عملية سياسية «جامعة ويقودها السوريون»، مشددا أيضا على وجوب تمكين الشعب السوري من أن «يحدد مستقبله».
وتحدث غير بيدرسون عن «تحديات في بعض المناطق» السورية، مشيرا إلى أن من أكبرها «الوضع في شمال شرق البلاد» الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديموقراطية (قسد) الذراع العسكرية للادارة الذاتية.
وتسود هدنة في شمال شرق سورية بين «قسد» وفصائل الجيش الوطني المدعومة من تركيا، وقد أعلنت الولايات المتحدة أمس الأول تمديدها حتى نهاية الأسبوع.
وأكدت واشنطن أنها تحاول الحفاظ على الهدنة «إلى أقصى حد ممكن في المستقبل» وإرساء تفاهم أوسع نطاقا مع أنقرة.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية التي تهيمن على قسد المدعومة اميركيا، فرعا لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه أنقرة وواشنطن «منظمة إرهابية».
وفي هذا الصدد، قال المبعوث الأممي «أنا سعيد جدا بتجديد الهدنة ويبدو أنها صامدة، لكن نأمل أن نشهد حلا سياسيا لهذه القضية».
يأتي ذلك بعدما قال القائد العسكري لهيئة تحرير الشام مرهف أبو قصرة، المعروف باسمه الحربي أبو حسن الحموي، إن مناطق سيطرة قسد «ستضم» إلى الإدارة الجديدة، مؤكدا أن «سورية لن تتجزأ ولن توجد فيها فيدراليات».
إلى ذلك، أعلنت الإدارة الذاتية الكردية عن إلغاء الرسوم الجمركية مع بقية الأراضي السورية أمس، في خطوة تأتي بعد أيام من دعوتها إلى «وقف العمليات العسكرية» على «كامل» الأراضي السورية.