القاهرة - هالة عمران
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلا جديدا حول «الاستثمار العالمي»، تناول من خلاله تدفقات الاستثمار العالمي الرئيسة التي لوحظت خلال عامي 2023 و2024، مع تحديد أبرز القطاعات والمناطق الجاذبة للاستثمار، موضحا أن تدفقات الاستثمار تعد محركا رئيسا للنمو الاقتصادي العالمي، فعندما تضخ الشركات استثماراتها وكذلك الأفراد في مشروعات جديدة أو توسيع مشروعات قائمة، فإن ذلك يؤدي إلى توفير فرص عمل إضافية، وزيادة الإنتاج، وتعزيز التطور التكنولوجي، وتعزيز التجارة، وتنويع الاقتصاد.
وأوضح التحليل أنه على مدى العقود القليلة الماضية، شهدت تدفقات الاستثمار العالمي تحولات كبرى مدفوعة بعدة عوامل، مثل التوترات الجيوسياسية وعواقب جائحة «كوفيد-19»، والضغوط التضخمية، والابتكار التكنولوجي، بما لتلك العوامل من تأثير مباشر على قرارات الاستثمار. وإن فهم اتجاه وحجم هذه الاستثمارات عبر مختلف القطاعات الاقتصادية يوفر رؤى قيمة حول اتجاهات السوق وتفضيلات المستثمرين والمشهد الاقتصادي العالمي.
وبين التحليل «أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي قدرت في عام 2023، بنحو 1.37 تريليون دولار، وهو ما يمثل زيادة طفيفة بنسبة 3% مقارنة بعام 2022، وقد تحدى هذا النمو المتواضع مخاوف الركود السابقة وكان مدعوما بتعافي الأسواق المالية الذي تلا جائحة «كوفيد-19».
وأشار التحليل إلى زيادة التدفقات الاستثمارية إلى الاقتصادات النامية خلال النصف الأول من عام 2024، بنسبة 5%، وخاصة في أفريقيا، بفضل الصفقة الضخمة لتمويل تطوير مشروع رأس الحكمة في مصر، والتي بلغت قيمتها 35 مليار دولار، وباستثناء هذا المشروع، فإن التدفقات إلى البلدان النامية ستكون أقل بنسبة 2%، مقارنة بعام 2023، وهو ما يؤكد استمرار الانخفاض الملحوظ لهذه التدفقات.
وأوضح مركز المعلومات في تحليله أن الاستثمار قد اقترن بنمو قوي في مجالات الصناعة التحويلية والتعدينية المهمة التي تعتمد على سلاسل القيمة العالمية المكثفة، حيث شهدت تلك الصناعات ومن بينها صناعات السيارات والإلكترونيات والآلات، نموا كبيرا في قيمة تدفقات الاستثمار العالمي خلال النصف الأول من عام 2024، مدفوعا إلى حد كبير بمضاعفة الاستثمار في صناعة أشباه الموصلات، مما يدل على تأثير الضغوط الناشئة عن إعادة هيكلة سلاسل التوريد.
ولفت التحليل إلى أن العديد من العوامل الاقتصادية والسياسية قد أسهمت في تشكيل أنماط الاستثمار على مدى الأعوام الماضية، ومن أبرز هذه العوامل، التضخم وأسعار الفائدة، التوترات الجيوسياسية، مثل الأزمة الروسية - الأوكرانية والعلاقات التجارية المتوترة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، والتي أثرت على قرارات الاستثمار، بالإضافة إلى العوامل البيئية والاجتماعية والحوكمة.
كما أشار التحليل إلى أن تعزيز تدفقات الاستثمار العالمي خاصة بالنسبة للقطاعات الاقتصادية والبلدان المهمشة، يتطلب مزيدا من تيسير إجراءات الاستثمار والحوافز لجذب التدفقات، خاصة أن الدول المتقدمة تتجه حاليا لتبني تدابير أقل ملاءمة للمستثمرين، وتفرض العديد من إجراءات التدقيق في الاستثمارات الأجنبية الواردة إليها.
وفي السياق نفسه، فإن من أبرز الآليات التي يمكن أن تزيد من جذب الاستثمارات البحث عن فرص مواتية وبيئات مرنة مناسبة من خلال توسيع التحالفات الاقتصادية لمنح الاقتصاد مزيدا من الاستقرار، خاصة أن المستثمرين يتوجهون نحو الاقتصادات التي تتمتع بكفاءة تنظيمية أكبر وتمتلك سهولة في نقل رأس المال.