بيروت - عامر زين الدين
ليست «المجدرة الحمرا» التي قدمتها نساء بلدة حولا الجنوبية لأهالي بلدتهم، والتي تشتهر بها البلدة كجزء من أكلات التراث الغذائي الطبيعي، بعدما وضع الجيش الإسرائيلي خطوطا للحيلولة دون الدخول إليها، وإبقائها قيد الاحتلال مثل قرى مثيلاتها وبعض النقاط الاستراتيجية ضمن منطقة جنوب الليطاني.
لم يستطع أبناء حولا في منطقة القطاع الشرقي الدخول إلى كامل بلدتهم الحدودية المتاخمة لإسرائيل، وكان زنار النار والقذائف وأعمال النسف للمنازل، إلى جانب إطلاق الرصاص الحي باتجاه الأهالي، عوامل كفيلة بمنع الاقتراب من المداخل الرئيسية.
واقع حولا ينطبق في جانب منه على ما فعله الاحتلال مع أبناء بقية قرى القطاع، ميس الجبل، مركبا، عديسة، كفركلا والوزاني، وقرى مارون الراس، يارون وبليدا في القطاع الأوسط، فضلا عن مزارع شبعا والنقاط التي لا يزال الجيش الإسرائيلي يتمسك بالبقاء فيها.
«يا صهيوني اطلع برا»، هو الشعار الذي واجه به أهالي حولا موقعا إسرائيليا في البلدة، وقد عمل عناصره على تصويب أسلحتهم بالقرب من دبابة في المكان باتجاه الأهالي المحتشدين، للحد من تقدمهم أكثر مع إطلاق أعيرة نارية وقنابل دخانية وصوتية باتجاههم.
فرحة دخول أبناء حولا مع الجيش اللبناني والصليب الأحمر غير المكتملة إلى جزء من بلدتهم على رغم استمرار احتلالها، جعل العشرات منهم يفترشون الأرض والتفيؤ في ظلال الأشجار طيلة يوم الأحد الماضي، فيما اختار الفتيان نصب الخيم والمكوث بها.
دور النسوة الملازم للمحتشدين من الرجال والشباب كان مهما، ولاقى ترحيبا واسعا عبر التطبيقات الإعلامية، حيث قمن بلفتة معينة، من خلال صنع أكلة «المجدرة الحمرا» ذات النكهة الجنوبية الخاصة، وتوزيعها مع الشاي على «نار الحطب» على أبناء البلدة، تعبيرا عن إرادة العودة والصمود.
السيدة زينب. ي من النسوة اللواتي عملن على تحضير الطعام قالت لـ «الأنباء»: «المجدرة التي تحوي العدس الأحمر والكمون وزيت الزيتون والبصل والبندورة، اشتهرت في بلدتنا كما كل منطقة الجنوب، اخترناها كتعبير على التمسك بالتراث، بموازاة التمسك بالأرض، وننتظر 18 فبراير المقبل للعودة الكاملة».
من جهته، قال يوسف قطيش: «حولا من القرى التي لاتزال تحت نير الاحتلال، والذي عمل على نسف منازلها وتدميرها شبه كاملة، خسرت من شبابها واعتقل بعضهم وقدمت الكثير من التضحيات. وليست المرة الأولى، انما أيضا في احتلالي العامين 2000 و2006، وسنبقى متمسكين بتراب أرضنا، مهما بلغت التضحيات».
رئيسة إحدى الجمعيات التنموية والإنسانية في المنطقة السيدة سحر صفاوي، أشارت إلى ان «للجمعيات دورا إلى جانب الأهالي ومنها بلدة حولا. ومن خلال عملنا الدؤوب، نحاول القيام بأنشطة إنسانية جامعة، وثمة العديد من الأفكار الداعمة للأهالي في هذا السياق».
وأضافت: «أثبتت المرأة الجنوبية وجودها على مستوى عال جدا من المسؤولية، وعانت كثيرا خلال الحرب الأخيرة ولاتزال، لكنها بقيت صامدة إلى جانب أخيها الرجل، وواصلت رحلة التحدي والصمود، وكان لها حضورها المؤثر في مرحلة العودة إلى الأرض».
وتابعت: «لم تشعر المرأة بالخوف من رصاصات الاحتلال ومسيلات الدموع، وسابقا في رفد الجبهات بالوجبات المختلفة والمتنوعة، وسطرن أروع مشاهد المواجهة، والتي نفتخر بها وبكل امرأه جنوبية غيورة على وطنها وترابها، لتحقيق الهدف المنشود الذي سار عليه كل الأحرار والشهداء والجرحى، ولن نتراجع مهما كانت التحديات والصعوبات».