في نظام دولي تهيمن عليه دولة واحدة Superpower، يجب التعامل معها بحذر شديد، خاصة إذا تلاقت معها مصالحنا بشكل كبير، وإذا كانت القوى الدولية والإقليمية الأخرى لا يمكن ان نثق بها كـ «خليجيين».
بات ترامب يرأس دولة الولايات المتحدة الأميركية، ويجب التعامل معه بحذر كحليف نعتمد عليه في استقرار منطقتنا وأمننا الإقليمي.
ترامب في ولايته الرئاسية الثانية ليس بالشخص الجديد والغامض بل سبق ان تعاملت معه دول العالم بما فيها دولنا. هو رجل اعمال براغماتي سواء في رئاسته لأميركا او في أعماله الخاصة لا يختلف كثيرا.
والأدلة كثيرة ولا تحتاج براهين من ولايته الأولى او بدايات ولايته الرئاسية الثانية والتي افتتحها بفرض ضرائب على أصدقائه كندا قبل منافسيه الصين.
ترامب في كل خطبه يتحدث عن المصالح الاقتصادية فهو يرفض التدخل العسكري لأنه يكلف اموالا، هو يرفض الحروب في روسيا وأوكرانيا او إسرائيل وغزة لأنها تحمل الميزانية الأميركية أموالا لدعم حلفائها!
مفتاح سلوك وشخصية ترامب هو المال، فهو بالنهاية تسيطر عليه شخصية رجال الأعمال والصفقات على شخصية السياسي.
وتظهر دراسة قام بها علماء نفس من جامعة سانت بنديكت للفترة الرئاسية الاولى 2016 - 2020 لدونالد ترامب، ان أنماط الشخصية الأساسية لترامب هي الطموح/ والهيمنة/ والانفتاح/ مع سمات ثانوية لنمط الشجاعة المعارضة، وهناك أدلة واضحة على ظهور نزعات عدم الثقة/ الشك والتقلب/ عدم الاستقرار خلال فترة حكمه.
ختاما: ما يريده الرئيس ترامب من منطقتنا هو إبرام صفقات مليارية والمحافظة على استقرار أسعار البترول منخفضة!
طلب ترامب الاول بالتأكيد ليس بالتحدي الكبير، فدول المنطقة بحاجة ماسة جدا إلى صفقات أسلحة نوعية ومتطورة كالطائرات بأنواعها، إضافة إلى بناء قدرات دفاع صاروخية «قبة حديدية»، وبعض دول المنطقة لديها مشاريع بنية تحتية كبيرة، ودول تحتاج إلى محطات نووية للاستخدام السلمي.
ولكن طلبه الثاني وهو خفض اسعار البترول فهو حتما سيؤدي إلى انخفاض مدخولات دول الخليج، وبالتالي سيحد من امكانية عقد الصفقات بينهم وبين الولايات المتحدة، لذا يجب ان تتقبل إدارة ترامب اسعار بترول معتدلة، وهو ليس خيارا مطروحا أمام الأميركيين بل شي حتمي، وأن أي شي آخر سيعود بالعلاقات الأميركية ـ الخليجية إلى حقبة إدارة بايدن والذي لم يجد امامه الا احترام رغبة شركائه الخليجيين.
الخـلاصــة: الاحتياجات الخليجية تصل إلى «التريليون دولار» وهي أكثر بكثير من طموح ترامب فيما يخص الصفقات التي يسعى إلى إبرامها مــع دول منطقتنا، ولكن السؤال هل يستطيع ضمان أمن المنطقة رغم التهديدات الإقليمية في المقابل؟!