بالرغم من استمرار التهديدات الامنية التقليدية كالحروب الدولية أو الأهلية، فإنها باتت محصورة في اقاليم معينة ويحاول العالم كله جعلها كذلك، بحيث لا تنتشر بين الدول والمجتمعات، ومن الامثلة على هذه النوع من التهديدات: الحرب الروسية ـ الأوكرانية التي مازالت لم تتطور إلى صراع عالمي، وأيضا الحرب الأهلية في سورية وليبيا، ومؤخرا الصراع العسكري في السودان.
هذا النوع من التهديدات يمكن التنبؤ به، عن طريق بعض المقدمات الواضحة، ويمكن معالجته قبل وقوعه ولكن يحتاج إلى وساطات ديبلوماسية واحيانا إلى قوة دولية.
أما التهديدات أو «المخاطر» الأمنية الجديدة، كانتشار الأوبئة والكوارث الطبيعية فمن الصعب التنبؤ بها بوقت كاف، ومن الصعب جدا الوقاية منها، فهي تحتاج إلى موارد اقتصادية ضخمة لتفاديها، كتطوير المدن وبنيتها التحتية وتطوير الأجهزة التكنولوجية لرصدها ومكافحتها.
فالزلازل تحتاج إلى مبان حديثة تبنى على أساسات مقاومة تمنع او تخفف من آثار الزلازل، كما هو الحال بالنسبة للفيضانات التي عانت منها الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأميركية وسببت خسائر مادية جسيمة، ولكن في البلاد الفقيرة والنامية تكون الخسائر البشرية عالية جدا، والدليل زلزال تركيا الاخير والمغرب، وفيضانات باكستان ومؤخرا ليبيا.
لم تعد اقوى المدن تتحمل التقلبات المناخية العنيفة او الكوارث الطبيعية المفاجئة، في الخليج العربي باتت بعض المدن تعاني من تكرار فيضانات مياه الامطار والتي أصبحت تهدد ممتلكات الأفراد وحياتهم، فالمدن الخليجية لم تهيأ عند بنائها لمواجهة كل هذه السيول التي لم تتعود عليها منطقتنا الصحراوية الجافة!
في المغرب يجب إعادة اعمار المناطق المنكوبة لتتواءم مع الهزات الأرضية الشديدة، وفي ليبيا إعادة بناء السدود بشكل سليم وإعادة توزيع الأحياء السكنية لتتفادى مجاري الأودية والمنحدرات التي تتحول إلى بحار جارفة عند الفيضانات التي تسببها الأمطار الغزيرة.
أخيرا، لا يسعنا الا الدعوة الصادقة لله تعالى أن يرحم الموتى ويشفي المصابين في كارثتي المغرب وليبيا، والحث على مساعدة المنكوبين من جراء تلك الكوارث الطبيعية، وتقديم الدعم الدولي لإعادة اعمار المناطق المنكوبة.
الخلاصة: هذه المخاطر الجديدة القديمة كالزلازل والأوبئة والفيضانات، هي قديمة حيث ان الانسان عرفها منذ الأزل، وهي جديدة نسبة لزيادة معدلات حدوثها وكثرة خسائرها البشرية المادية التي لم تعرف سابقا. ولذلك تحولت من مخاطر طبيعية إلى تهديدات أمنية غير تقليدية تأخذها الدولة بالحسبان عند إعداد استراتيجيتها الأمنية الشاملة.