- نمو مستمر لأعمال البيع بالتجزئة والخدمات عبر المواقع الإلكترونية
- تزايد الإقبال على الدفع الإلكتروني يُعزز الاقتصاد الرقمي ويدعم الابتكار
- الأرقام تعكس تغيرات سلوك المستهلكين.. يبحثون عن الراحة والسرعة
- الشمول المالي وقوة البنية التحتية الرقمية بالبلاد.. عوامل دعم واضحة
أحمد مغربي
شهدت الكويت طفرة كبيرة في معدلات الشراء وعمليات الدفع الإلكتروني من قبل المواطنين والمقيمين، مما يعكس تقدما ملحوظا في مستويات الشمول المالي وقوة البنية التحتية الرقمية في البلاد، وأسهمت التطورات التكنولوجية، مثل انتشار أنظمة الدفع عبر الهواتف الذكية، والمحافظ الرقمية، وبطاقات الائتمان المتصلة بمنصات التجارة الإلكترونية، في تسهيل إنجاز المعاملات المالية بلمسة واحدة، مما عزز ثقة المستهلكين في التسوق عبر الإنترنت.
وأدى هذا التحول إلى تغير جذري في السلوك الاستهلاكي، حيث أصبحت الراحة والسرعة والأمان عوامل رئيسية في قرارات الشراء، ولم يقتصر هذا التطور على تحسين تجربة المستهلك، بل لعب دورا محوريا في تمكين رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الناشئة، إذ أتاح لهم الفرصة لإطلاق متاجرهم الإلكترونية بسهولة والوصول إلى جمهور أوسع دون الحاجة إلى استثمارات ضخمة، ونتيجة لذلك، شهد قطاع البيع بالتجزئة الرقمي والخدمات عبر الإنترنت ازدهارا غير مسبوق، مما أسهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي ودعم الابتكار المستدام.
ووفقا لبيانات بنك الكويت المركزي، فإن حجم المشتريات والدفع عبر المواقع الإلكترونية، سواء من داخل الكويت أو خارجها، يشهد نموا متزايدا عاما بعد عام، ليصل إلى نحو 40% من إجمالي الإنفاق عبر البطاقات المصرفية. وقد سجل الإنفاق عبر الإنترنت نموا بنسبة 7.1% خلال عام 2024، ليقفز إجمالي المشتريات الإلكترونية إلى مستوى تاريخي بلغ 18.8 مليار دينار كويتي، مقارنة بـ 17.5 مليار دينار في عام 2023، أي بزيادة قدرها 1.24 مليار دينار.
وتظهر البيانات أن الكويت تعد من أكثر الدول الخليجية نموا في قطاع التجارة الإلكترونية، حيث شهدت طفرة كبيرة في عدد المتاجر الإلكترونية المحلية والدولية التي تخدم السوق الكويتي. وقد توزع إجمالي المشتريات عبر المواقع الإلكترونية على مشتريات إلكترونية من داخل الكويت بقيمة 17.3 مليار دينار، ومشتريات إلكترونية من الخارج بقيمة 1.48 مليار دينار خلال العام الماضي.
وفيما يخص تفاصيل الإنفاق الفصلي لعام 2024، فقد بلغ إجمالي المعاملات الإلكترونية في الربع الأول نحو 4.7 مليارات دينار، موزعة على 4.4 مليارات دينار داخل الكويت و326.6 مليون دينار خارجها. أما في الربع الثاني، فقد ارتفع الإجمالي إلى 4.8 مليارات دينار، توزعت على 4.49 مليارات دينار محليا و359.1 مليون دينار دوليا. وفي الربع الثالث، بلغ إجمالي المشتريات الإلكترونية 4.7 مليارات دينار، منها 4.33 مليارات دينار داخل الكويت و407.8 ملايين دينار خارجها. أما الربع الرابع، فقد شهد معاملات بقيمة 4.4 مليارات دينار، منها 4 مليارات دينار محليا و387.9 مليون دينار دوليا.
وتعكس هذه الأرقام التحول الرقمي الكبير الذي أدى إلى زيادة نسبة المشتريات المحلية عبر الإنترنت، حيث باتت معظم الشركات توفر خيارات التسوق الإلكتروني وخدمات التوصيل السريع، مما جعل التسوق عبر الإنترنت خيارا أكثر راحة مقارنة بالذهاب إلى المتاجر التقليدية، وأسهم في هذا التطور أيضا تحسن أنظمة الدفع الإلكتروني، ودعم الحكومة للتحول الرقمي من خلال تنظيم التجارة الإلكترونية، وتطوير البنية التحتية اللوجستية، وانتشار خدمات التوصيل السريع.
أما بالنسبة للمشتريات الإلكترونية من الخارج، فقد شهدت هي الأخرى نموا كبيرا، خاصة عبر المواقع العالمية الموثوقة، نظرا لتنوع المنتجات والأسعار التنافسية التي توفرها هذه المنصات.
وخلال العام الحالي، يتوقع أن يستمر قطاع التجارة الإلكترونية في الكويت في النمو، مدفوعا بالتـحـــولات الـرقـمـيــة والتطورات التكنولوجية المتسارعة، مما يجعل التجارة الإلكترونية جزءا لا يتجزأ من الاقتصاد الحديث. ومع استمرار دعم الحكومة لهذا التحول وتعزيز البيئة الرقمية، من المتوقع أن تصبح الكويت مركزا إقليميا بارزا في مجال التجارة الإلكترونية، مما يفتح آفاقا واسعة للاستثمار والابتكار في هذا القطاع الحيوي.
ومن جهة ثانية، تسعى وزارة التجارة والصناعة إلى إصدار مشروع «قانون التجارة الرقمية» ليشكل مظلة تنظيمية شاملة تغطي كل أبعاد هذا القطاع الحيوي.
ويمثل هذا القانون خطوة متقدمة نحو تنظيم التجارة الرقمية في البلاد بما يحقق التوازن بين تسهيل الأنشطة التجارية وحماية حقوق المستهلكين مع تعزيز البيئة الاقتصادية الرقمية في الدولة.
ويهدف إلى تحقيق الشفافية وحماية حقوق المستهلك وتنظيم العلاقة بين التجار الممارسين والمستهلكين من جهة والجهات الحكومية ذات العلاقة من جهة أخرى مع مراعاة التطورات التقنية والتحديات المستقبلية.
وانتهت «التجارة» مؤخرا من إعداد المسودة النهائية لمشروع قانون «تمكين التجارة الرقمية» بعد عملية تشاورية واسعة شملت آراء مجتمع الأعمال التي دعا لها وزير التجارة والصناعة خليفة العجيل في 4 ديسمبر الماضي بهدف تطوير بيئة تشريعية تمكينية لقطاع التجارة الرقمية. وقالت الوزارة إنه سيتم تقديم المسودة الثانية إلى إدارة الفتوى والتشريع في الأيام المقبلة تمهيدا لعرضها على مجلس الوزراء.
وتأتي مسودة قانون تمكين التجارة ضمن الأولويات المرحلية التي حددتها وزارة التجارة والصناعة، وهي تنشيط بيئة الأعمال الكويتية وتنظيم قطاعات الأعمال وتمكين أصحاب الأعمال.