باتت الهدنة في قطاع غزة «على المحك» مع تأجيل إسرائيل إطلاق سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين ضمن الدفعة السابعة من عملية تبادل المحتجزين والأسرى بموجب المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، فيما وسع جيش الاحتلال من عمليته العسكرية في الضفة الغربية المحتلة بعدما أجلى 40 ألف فلسطيني من منازلهم ومنعهم من العودة.
واتهمت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إسرائيل بتعريض اتفاق الهدنة «للخطر الشديد» بعد تأجيل حكومة بنيامين نتنياهو الإفراج عن دفعة جديدة من المعتقلين حتى يتم تسليم المحتجزين الإسرائيليين «من دون مراسم».
وأعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في ساعة مبكرة أمس تأجيل إطلاق سراح 602 من المعتقلين الفلسطينيين كان مقررا الافراج عنهم ضمن الدفعة السابعة من عملية التبادل بموجب المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في القطاع، وذلك على الرغم من إفراج «حماس» عن ستة محتجزين إسرائيليين أمس الأول تنفيذا لبنود الهدنة.
وقال مكتب نتنياهو في بيان إن هذا التأجيل سيستمر «إلى حين الالتزام بضمان إطلاق سراح أسرى الاحتلال المتبقين لدى (حماس) دون مراسم استفزازية».
وردا على ذلك، قال باسم نعيم عضو المكتب السياسي لـ «حماس» لوكالة «فرانس برس» إن «ما تقوم به حكومة العدو من تأجيل الإفراج عن أسرانا حسب الاتفاق هو عربدة وهي تعرض الاتفاق برمته للخطر الشديد».
وأكد نعيم أن «الوسطاء الذين ضمنوا الاتفاق، وخصوصا الأميركيين، مطالبون بالضغط على العدو لإنفاذ الاتفاق كما هو والإفراج الفوري عن هذه الدفعة من الأسرى الفلسطينيين».
وانتظرت عائلات فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة لساعات طويلة مساء أمس الاول وحتى الساعات الأولى من يوم أمس، من أجل إطلاق سراح المعتقلين من السجون الإسرائيلية.
وفيما لم تبدأ بعد المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة والتي يفترض أن تؤدي إلى نهاية دائمة للحرب، حذر وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، من أن حركة حماس «ستدمر» إذا لم تطلق سراح كل المحتجزين المتبقين في غزة.
هذا وأعلن ستيف ويتكوف المبعوث الخاص للرئيس الاميركي دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، انه سيزور منطقة الشرق الأوسط الأربعاء المقبل، لإجراء مباحثات بشأن اتفاق الهدنة في قطاع غزة. وقال ويتكوف في تصريحات أمس: سأعمل على تمديد المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة وضمان استمرار وقف إطلاق النار في القطاع. وأضاف: «نعتقد أن المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة في غزة ستمضي قدما».
ولفت مبعوث الرئيس الاميركي الخاص للشرق الاوسط إلى أنه «لا يمكن أن تكون حركة حماس جزءا من أي حكومة مستقبلية بغزة».
ومازال 62 من بين 251 رهينة خطفوا في هجوم 7 اكتوبر2023، محتجزين في غزة بينهم 35 قتلوا بحسب الجيش الاسرائيلي.
وفي شمال الضفة الغربية المحتلة، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن الجيش قام بـ «إخلاء ثلاثة مخيمات للاجئين الفلسطينيين، وتلقى اوامر بالبقاء فيها طوال العام الحالي لمنع عودة سكانها».
وقال كاتس في بيان أمس «تم إجلاء 40 ألف فلسطيني من مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم ونور شمس التي أصبحت الآن خالية من السكان»، مشيرا إلى أنه أمر القوات «بالاستعداد للبقاء في المخيمات التى تم إخلاؤها طوال العام الحالي، وعدم السماح للسكان بالعودة».
وبالتزامن، أعلن الجيش الإسرائيلي توسيع عملياته العسكرية في الضفة المحتلة، بما في ذلك نشر وحدة دبابات في مدينة جنين، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2002.
وقال الجيش في بيان إن العملية العسكرية في شمال الضفة الغربية تتوسع بمشاركة قوات من لواء «الناحال» ووحدة «دوفدفان»، إلى جانب فصيلة دبابات تنفذ مهامها داخل جنين ضمن العملية الهجومية الجارية.
وأشار إلى استمرار العمليات العسكرية في جنين وطولكرم، فيما فرضت قواته حظر تجول في بلدة قباطية وشنت حملة اعتقالات في نابلس، ضمن عملية عسكرية متواصلة منذ أكثر من شهر.
في السياق، ذكر موقع «واللا» الاسرائيلي أن لواء المدرعات 188 يشارك للمرة الأولى في عمليات داخل الضفة الغربية.
في المقابل، أكد القيادي في حركة «حماس» محمود مرداوي أن قرار جيش الاحتلال توسيع العملية وإشراك الدبابات «دليل على ضراوة المقاومة التي تواجهه في الميدان».
وشدد مرداوي في بيان على أن «تصعيد الاحتلال ما هو الا حرب نفسية ومحاولة يائسة منه للتأثير على الحاضنة الشعبية والمقاومة»، مؤكدا أن «الاحتلال سيفشل فشلا ذريعا في تحقيق اهدافه في الضفة الغربية».
وجاء هذا بعد يومين على زيارة نتنياهو للقوات الإسرائيلية في مخيم طولكرم للاجئين واصداره امرا بتكثيف العملية العسكرية الجارية فيه منذ نحو شهر.
ووسط أصوات القصف وإطلاق النار، قال أبومحمد أشتية، أحد سكان جنين، لـ «فرانس برس»: «لم أر دبابات في شوارع جنين منذ أكثر من 20 عاما، لكن اليوم نراها مرة أخرى تدمر البيوت والشوارع. نحن نعيش في رعب مستمر».
بينما قال محمود فراج، وهو شاب من المخيم، «كل ليلة ننام على أصوات الطائرات والرصاص، والآن عادوا بالدبابات! أين نذهب؟ منازلنا تدمر، وأصدقاؤنا يعتقلون أو يقتلون ولا أحد من العالم يهتم لأمرنا».
ووصفت أم أحمد، وهي سيدة نازحة من المخيم، الوضع بمرارة قائلة «هربنا من بيتنا بعد أن قصفوه، والآن نعيش في منزل أقاربنا. لا كهرباء، لا ماء، ولا نعرف متى سنعود. حياتنا أصبحت جحيما».
ومنذ 21 يناير الماضي، تنفذ القوات الإسرائيلية عملية عسكرية في شمال الضفة الغربية المحتلة تحت اسم «السور الحديدي»، في مخيمات جنين وطوباس وطولكرم.
وتفيد هيئة الأمم المتحدة أن هذه العملية العسكرية تسببت بمقتل 51 فلسطينيا على الأقل ونزوح 40 ألفا، كما قتل ثلاثة جنود إسرائيليين في الفترة ذاتها.