بقلم: د.ميثم عبدالكريم حسين
رجل بقامة ومكانة المرحوم د.عبدالرحمن العوضي يستحق منا وقفة تتعلق بالمشروع الصحي الذي وضع أسسه وأشرف على تنفيذه الراحل. ولست بصدد سرد إنجازاته في المجال الصحي ولا إسهاماته في بناء المؤسسات الصحية، فإنني أصغر وأعجز عن الوصول الى هذا الهدف حين يتعلق الأمر بشخصية المرحوم د.عبدالرحمن العوضي وتقع المسؤولية في هذا التدوين والتوثيق على من عمل معه وعاصره وزامله من وزراء ورجال دولة وأطباء أفاضل. ما يهمني هنا أن أقف تلميذا في مدرسة الراحل المهنية والعلمية لعلنا نساهم جميعا في النهضة الصحية بالكويت. فأن تكون تلميذا أحيانا أكثر صعوبة من أن تكون موثقا لسيرته.
العبرة الأولى: التحصيل الأكاديمي الرصين. فمن بيروت عاصمة الثقافة والعلم الى المملكة المتحدة حاضرة الطب الى الولايات المتحدة الأميركية حصّن المرحوم د.عبدالرحمن العوضي ذاته علميا، فالبناء الأكاديمي أساس للثقة بالذات وتمكين لبناء المستقبل.
العبرة الثانية: العمل الجاد لبناء الثقة. فالمرحوم الراحل عرف عنه نشاطه وحيويته منذ بداية مسيرته المهنية وتدرج في السلم الوظيفي، ما مكنه من فهم وإدراك النظام الصحي: إيجابياته وسلبياته. فالقفز في المناصب والتسلق لا يبني نظاما بل وهماً.
العبرة الثالثة: بناء فريق متمكن. لم يعمل المرحوم وحده، بل سعى الى تمكين الخبرات المحلية واستقطاب الإقليمية والعالمية والفرق المتخصصة في جميع المجالات لبناء المؤسسات والنظم والسياسات وفق منهج لا ردة فعل.
العبرة الرابعة: أدرك المرحوم أن البناء المؤسسي يعني خلق شبكة اجتماعية وسياسية وتشريعية وثقافية فساهم في مد يده وبناء جسور في كل تلك المجالات ولم يتورع من خوض غمار السياسة أو العمل النقابي أو العمل المجتمعي.
العبرة الخامسة: الاستمرار والإصرار. لم يكن المرحوم مقيدا بلقب أو منصب أو كرسي، بل استمر في العمل دون عناوين ولبى دعوة الجميع حتى بعد سنين - الصديق والخصم. فالرجل صاحب قضية وليس طالب سلطة.
العبرة السادسة: التشعب والتفرع. فالمرحوم طرق باب بناء المؤسسات الصحية من مستشفيات ومراكز صحية، ولكن أيضا برامج الصحة العامة، بل البيئة، بل ترجمة العلوم الصحية، بل التنمية المستدامة فكان رجلا شاملا لم يعبأ بنقد حاسد أو تثبيط جاهل.
العبرة السابعة: التواضع والبساط. كل من تعرف أو تعامل أو عمل مع المرحوم لامس وأدرك ذلك، وفي أحد اللقاءات العلمية تشرفت بالسلام عليه فبدأ بمحاورتي وكأن الرجل يعرفني منذ زمن بدأ مرحبا ثم مشجعا ثم ناصحا.
رحم الله الفقيد المرحوم د.عبدالرحمن العوضي الذي صنع قدوة يتطلع اليها العاملون من أجل الوطن ونموذجا للعمل المؤسسي الوطني في المجال الصحي والبيئي والثقافي.
خالص العزاء لأسرته الكريمة التي حتما ستجد فراغا كبيرا بفقده يصعب جبره.