ينطفئ شيء من وعيك لحظة أن تغضب، تستفرغ المشاعر السلبية على شكل ثوران وامتعاض وأسى وحزن حتى تتخلص منها ويهدأ جسدك، لعلك تدري أن هذه العملية هي جزء لا يتجزأ من نشاط التفكير الذي يقوم به العقل.
فإن العقل الباطن أيضا يستفرغ فيض التفكير على شكل رؤى وأحلام حتى يوفر مساحة كافية للاستعداد للمزيد من العمل العقلي.
ولعل اهم ما يطرأ عليك في هذه العملية هي اللحظة التي ينطفئ بها وعيك ويسيطر الغضب على كامل جسدك إذ انه في هذه اللحظة قد يتخذ الغضب نيابة عنك قرارات حتمية ومصيرية تتحمل انت تبعتها لحظة انسحابه من جسدك.
إن تلك الدقائق الفاصلة بين الوعي واللاوعي هي المعضلة الأكبر التي يبحث في مدى مسؤولياتها علماء النفس والأطباء المختصون وكذا العلماء الشرعيون الذين يعلمون حق العلم وأن بعض القرارات وليدة الغضب لا اثر لها شرعا.
وفي وجه آخر لهذا الحضور الذي يشبه التسلط والهيمنة هو حضوره على الحالة النفسية للفرد فيشحنه باليأس والتذمر والاستسلام ويجعل منه إنسانا يحول كل سهل الى عسر وفي كل طريق حجر، يملؤه بالعنصرية تارة والغرور تارة حتى يجعله كائنا يحترف التنمر دون العمل لتصحيح الأشياء.
ولأن رصيد الغضب والاستياء المتوفر عندك والذي جمعته قبل أن تتعلم ضبط النفس يجعلك تفقد الكثير من العلاقات من حولك فأنت بحاجة إلى مراجعة نفسك كثيرا وإعادة المواقف التي خرجت منك أثناء غضبك ودون تركيز حتى تعيد تجميع ذاتك وتستعيد كيانك وتحسّن علاقاتك بالعمل والحياة الاجتماعية وتعمل على تمثيل نفسك بشكل أفضل اما دون هذا المجهود الذاتي فلن تتمكن من تقريب العلاقات لك أو تحسينها.
عندما تنظر داخل نفسك فسترى المشاعر الكامنة التي تمنع النجاح، المنافسة، وعدم الثقة بالنفس، وعدم الأمان الداخلي.
هذه المشاعر كلها تعمل ضدك وأنت على كل غرور وتكبر، وتبعدك عن القرارات الصحيحة والسعادة الحقيقية والصحة الجيدة.
الحق انه لا شيء يضاهي الحصول على السلام الداخلي والتسامح مع الذات، اذ انه منطلق الصحة النفسية التي تبنى عليها العلاقات الإنسانية وبها تستثمر الجانب المتسامح والنبيل من شخصيتك ويكون مفتاحا طيبا للود بين الأصدقاء والأقرباء وتبادل الاحترام مع زملاء العمل.