- متى ما تمسكت الشعوب بالقيم الإسلامية الصحيحة تقدمت.. والتفريط فيها هو سبب الضعف
- أدعو الكويت بصفتها إحدى منارات الثقافة إلى تبني حركة ترجمات لنشر العلوم الإنسانية باللغة العربية
ثامر السليم
نظم مركز «طروس» لدراسات الشرق الأوسط أول من أمس حلقة نقاشية مميزة بعنوان «هل الإسلام سبب تخلفنا؟»، حاضر فيها من تركيا المفكر الإسلامي عمر فاروق قورقماز، وأدارتها الكاتبة والمتخصصة في الإعلام السياسي الزميلة خلود عبدالله الخميس، وذلك في مقر مركز «طروس» بمنطقة الري مقابل مجمع الأفنيوز وسط حضور كثيف من الجنسين.
عن عنوان المحاضرة، قال عمر فاروق قورقماز ان هذا السؤال «هل الإسلام سبب تخلفنا؟» يتكرر منذ ما يقارب من مائتي سنة، فكلما تراجعنا حضارة أثير هذا السؤال، وعندما نكون في اوج الحضارة والقوة لا يطرح احد هذا التساؤل، مبينا أن حالة الضعف الحضاري تدفع بالتساؤلات الجدلية ويبحث الناس عن أسباب وشماعات تحميلها سبب ذلك الضعف، بينما لا يحدث ذلك في حال القوة، والتاريخ دليلنا، هل سمعتم عمن حمل الإسلام ذنب تخلف الأمة في أوجها؟ ولفت قورقماز الى ان الإسلام هو سبب في القوة وبنظام التدافع وكان الوسيلة لدفع الحضارة إلى الأمام ففيه القيم الصحيحة والربانية متى ما تمسكت الشعوب بها تقدمت الى الأمام، وفي أحوال الضعف فإن التخلف سببه تفريط الأمة في القيم الإسلامية، ولا ذنب على الإسلام في ذلك.
وأضاف ان هناك فجوة كبيرة في التعامل مع المرأة المسلمة في التسعينيات والمرأة الغربية، وفي ذلك الوقت كانت المرأة تعد متخلفة والسبب لا يعود في ذلك الي الإسلام، بل الإسلام قام بدور كبير جدا في تطويرها وتطوير الانسان ونالت المرأة قفزة كبيرة في التاريخ، مشيرا الى ان هناك فرقا كبيرا بين الأديان في التعامل مع المرأة، ففي الانجيل والتوراة يعدونها هي المسؤولة الأولى عن الخطيئة الأولى، كما يدعون، وبسببها خرجنا من الجنة وهي السبب الحقيقي وراء كل المشاكل في العالم، لافتا الي ان الدين الإسلامي أنصف المرأة وبين أن آدم وحواء أخطآ معا وكان ذلك سببا لخروجهما من الجنة وفي النصوص والتفسير ما يوضح ذلك.
وذكر اننا نستطيع التعبير عن انفسنا بشكل صحيح متى ما أظهرنا الصحيح والحقيقي من تراثنا وإسلامنا وعقيدتنا، فالمشكلة تكمن في اننا لا نقرأ ولا نكتب ولا نتعمق في الدراسات الاجتماعية والإنسانية، وذلك السبب الحقيقي في التخلف، فمن يقرأ يعرف ومن يعرف يستطيع هو ان يحدد مصير البشرية، بينما في مجالات الطب والعلوم الطبيعية والهندسة يقرؤون ويهتمون، متسائلا: لو كان خبير العلوم الإنسانية يحصل على حوافز معنوية ومادية مثلما يحصل عليه خبير الطب والهندسة فهل سنجد إعراضا عن الاهتمام بتلك العلوم؟ وبين انه من لم يهتم بصحة المراجع والمتون ويفهم الدين بشكل غير صحيح فإنه سيؤدي الى مهلكة ومن أساءوا الى الدين كانوا ليسوا جيدين في العلوم الاجتماعية والأصول وأخطأوا في فهم النصوص.
ودعا قورقماز الكويت بصفتها رائدة ومنارة ثقافية وحضارية إلى تبني حركة ترجمات ضخمة لنشر العلوم الإنسانية باللغة العربية ودعم هذا المشروع المهم لتطور ونهضة وحضارة الإنسانية وتزود بها مكتبات العالم، مبينا أن الترجمات هي ثورة بحد ذاتها وتحتاج الى متمكن وقادر على أن يقودها لمنفعة البحث العلمي والمعلومات.
وتقدم بالشكر الى مركز «طروس» على استضافة هذه الحلقات النقاشية، مشيدا باهتمام النخب الفكرية والثقافية في الكويت بالحضور والمشاركة الفاعلة في تلك المحاضرات.
الثنيان: «طروس» ينشر الوعي السياسي والفكري والثقافي والتاريخي
قال رئيس مركز «طروس» لدراسات الشرق الأوسط محمد الثنيان ان المركز أسس حديثا وهو بحثي مستقل مختص في دراسات الشرق الأوسط ويهدف الى نشر الوعي السياسي والفكري والثقافي والتاريخي، موضحا افتتاح مكتبة طروس للطباعة والنشر والتوزيع للكتب في المجالات المذكورة.
وأوضح ان المركز بدأ بمشروع ضخم وهو ترجمات لكتب ذات أهمية تاريخية وثقافية للباحث والقارئ المتخصص والساعي للتزود بالمعلومات الدقيقة من مصادرها الأصلية.
وأعلن أن المركز يقيم كل سبت، في مقره مقابل مجمع الأفنيوز، جلسات حوارية ونقاشات لمواضيع وكتب، داعيا العامة الى الحضور والمشاركة وإثراء المركز والمكتبة بدعمهم وتواجدهم، مشيرا الى أن «طروس» هي جمع لكلمة «طرس» وهي كلمة عربية تعني الكتاب الذي محي ثم أعيدت كتابته.
«المرأة» في أوروبا خلال القرن الـ 19 كانت تباع لأن ذلك أوفر من تكلفة طلاقها»
الخميس: سورة النساء نزلت قبل 1400 عام وكانت بمنزلة ثورة لتحرير المرأة
في تقديم لمديرة الجلسة النقاشية الكاتبة والمتخصصة في الإعلام السياسي الزميلة خلود عبدالله الخميس، قالت: قبل الف وأربعمائة عام انطلقت ثورة تحرير المرأة الفعلية، فقد جاء الإسلام ليعزها في كل جوانب حياتها ولم يغفل منها شيئا، وكانت سورة «النساء» لتحريرها من ظلم الأديان السابقة المحرفة والأعراف البالية والعادات التي لا تمت لشريعة العدل والإحسان والحق بصلة، وقد وجه القرآن خطابا مشتركا للذكر والأنثى في سور متعددة سواء للبشارة أو النذارة أو التكليف.
وأضافت الخميس: فلننظر الى المرأة في أوروبا في القرن التاسع عشر، فقد كانت تباع بالمال بمقابل حياتها وهذا تحديدا في بريطانيا، فمتى ما مل منها زوجها عرضها للبيع لأنه أوفر من كلفة طلاقها، فهل الإسلام سبب تخلفنا أم تحضرنا؟
وتابعت: كذلك كانت تعامل المرأة كالحيوان وتوصف كثرة كلامها بالنباح، بل اخترعوا قفصا يسمى بلجام التأنيب scold’s bridle وفيه حديدة تحبس لسانها عن التحرك لتصمت، وهو عقوبة للمرأة النمامة أيضا، وهذا السوء في المعاملة دفع المرأة آنذاك للبحث عن حقوقها في شرائعها ووجدت أن أديانها المحرفة هي التي تبرر كل ما تعاني منه النساء من اضطهاد لأنها تمثل حواء وخطيئتها التي لولاها لما خرج البشر من الجنة، كما يزعم تحريفهم، ولكن إسلامنا علمنا ان سبب هبوط آدم وحواء قوله جل جلاله (إني جاعل في الأرض خليفة) و(عصى آدم ربه)، وفي هذا تفصيل لسنا بمكانه، ولكن لتلك التبريرات فعليها أن تحتمل عقوبة الرب باحتمال آلام الحمل والولادة وظلم الرجال.
وزادت: عندما لم تجد نساء اوروبا في أديانهن العدل والمساواة اتجهن الى القوانين الوضعية والتحرك لثورة تحرير المرأة وما يسمى الآن بالنسوية، فما الذي حدث؟ أن قامت ثورتهن على عقدة المظلومية والتناقضات للانتقام من التاريخ، وكانت مناهضة للرجل مثل الندية والعدائية فتفتتت الأسرة كمفهوم وواقع وتم إجهادها بالعمل وفرض الضرائب على دخلها والمتبقي منه تنفقه على المكياج والملابس، فهل تحررت المرأة بالفعل؟
واستطردت: لا، فما تزال المرأة الأوروبية الأكثر معاناة من العنف والتحرش ضدها وبالذات من الأزواج، والأقل في سلم الرواتب والمناصب وبالذات القيادية، وما تزال النظرة لها بأنها سلعة يعرض جسدها ليتم الترويج للمبيعات حتى ان إحدى الشركات عرضت امرأة عارية لبيع إطارات سيارات، وهذا ما فعلته ثورة تحرير المرأة أو النسوية: إن لم تنفق على نفسها ستجوع وتتشرد، بينما الإسلام كفل المرأة من المهد إلى اللحد، ففرض على أوليائها من الذكور الإنفاق عليها فلا تجوع ولا تعرى ولا تتشرد، وتبقى تحت سقف ومأوى ولها من يطعمها ويسقيها ولها الكسوة والعيش الكريم، فهل الإسلام سبب تخلفنا أم تحضرنا؟