بقلم: سفير جمهورية الصين الشعبية لدى الكويت لي مينغ قانغ
في يوم 27 أغسطس عام 2021، كشف الجانب الأميركي عن النقاط الرئيسية للتقرير الصادر عن أجهزة استخباراته حول تتبع منشأ فيروس كورونا المستجد.
وهذا التقرير تكمن وراءه أغراض سياسية جلية، مما قد أثار قلقا لدى عموم الناس، وعرقل بشدة الجهود المبذولة في التتبع العلمي لمنشأ فيروس كورونا المستجد.
أولا، يعتبر تتبع منشأ فيروس كورونا المستجد مسألة علمية معقدة. وبعد اندلاع جائحة كورونا في أرجاء العالم، ظل الناس يسعون للوصول إلى حقيقة نشأة الفيروس وتطوره في أسرع وقت ممكن.
وفي هذا السياق، بذل أكفأ العلماء في العالم، بمن فيهم العلماء الصينيون، جهودا وقاموا باستكشافات متخصصة وإيجابية وتوصلوا إلى نتائج مرحلية، وهم يعلمون أن تتبع منشأ الفيروس، مهما كان نوعه، يحتاج إلى مقدار كاف من الوقت والأدلة باعتباره مسألة علمية معقدة للغاية يتطلب الوصول إلى حقيقتها وقتا طويلا، فلذلك، يعد توجيه أجهزة الاستخبارات بالكشف عن الحقيقة خلال 3 أشهر مخالفا للعلوم، كما أنه لا يمنح مصداقية للتقرير الصادر عنها حول تتبع منشأ الفيروس، بل تترتب عليه أضرار خطيرة، بما فيها ما تم ملاحظته في الفترة الأخيرة من الضغوط التي فرضت على منظمة الصحة العالمية التي تقود عمل تتبع منشأ الفيروس، والإكراه الذي تعرض له الكثير من العلماء، والتشويشات التي أثارها الساسة.
ثانيا، افتراض الذنب لن يكون بمنزلة بحث علمي. اتهم الجانب الأميركي الجانب الصيني منذ بداية الأمر بعدم الشفافية وعدم التعاون ومنع الوصول إلى المعلومات الحيوية، لكن الحقيقة هي أن الجانب الصيني قد أرسل التحذير للعالم أولا بأول، وزود منظمة الصحة العالمية بالتسلسل الجيني للفيروس وغيره من المعلومات الحيوية في أسرع وقت، واستجاب لجميع متطلبات الزيارة التي طرحها فريق خبراء منظمة الصحة العالمية دون أي قيود خلال الزيارتين اللتين قام الفريق بهما إلى الصين، حيث زار الخبراء كل مكان أرادوا زيارته في مدينة ووهان، وقابلوا كل شخص أبدوا الرغبة في مقابلته، واطلعوا على كل مستند أرادوا الاطلاع عليه.
لذا، من المؤسف أن تقرير الجانب الأميركي يتجاهل الحقائق، واستخدم عبارات مضللة كثيرة مثل «قد يكون من الممكن تأكيد...» و«قد تكون هناك علاقة بين...»، وغيرهما انطلاقا من الافتراض بأن «الصين مذنبة»، وعلاوة على ذلك، ينفي التقرير الاستنتاجات التي توصل إليها البحث المشترك الذي أجراه فريق خبراء منظمة الصحة العالمية والصين، بما فيها أن «فرضية تسرب الفيروس من مختبر مستبعدة تماما».
ثالثا، يجب تتبع منشأ الفيروس بكل الأبعاد. تشير عدد متزايد من الأدلة التي ظهرت خلال عام وبضعة أشهر إلى أن فيروس كورونا المستجد قد ظهر في العديد من الأماكن في العالم قبل اندلاع الجائحة في مدينة ووهان.
فلذلك، يجب أن تكون المرحلة التالية من الدراسات بشأن تتبع منشأ الفيروس امتدادا شاملا على أساس ما تم التوصل إليه في المرحلة الأولى، والقيام بتتبع منشأ الفيروس في أكثر من مكان بمختلف الدول.
وإن أصر الجانب الأميركي على فرضية تسرب الفيروس من مختبر، فيجب عليه أن يدعو خبراء منظمة الصحة العالمية لإجراء تحقيق في مختبر فورت ديتريك الأميركية.
إن هذا المختبر تم إغلاقه بسبب حدوث حوادث أمنية خطيرة عام 2019، واندلع في الولايات المتحدة بعد ذلك مرض ذو أعراض متشابهة مع أعراض وباء فيروس كورونا المستجد.
ظلت الصين تدعم التتبع العلمي لمنشأ الفيروس، وستواصل المشاركة النشطة في التعاون الدولي بشأنه، وما نرفضه هو التلاعب السياسي وافتراض الذنب وتحميل المسؤولية على الغير.
حتى الآن، قد أعرب أكثر من 80 دولة، من خلال إرسال خطاب إلى مدير عام منظمة الصحة العالمية أو إصدار بيان أوغيرهما من السبل، عن رفضها لتسييس مسألة تتبع منشأ الفيروس، ومطالبتها بالدفاع عن تقرير البحث المشترك الذي أجرته منظمة الصحة العالمية والصين، الأمر الذي عكس النداء العادل للأغلبية في المجتمع الدولي.