منذ شهر مارس الماضي حيث جرت الانتخابات البرلمانية العراقية التي على أثرها تنتخب الرئاسات الثلاث (رئيس البرلمان والحكومة والدولة)، لم ينعقد البرلمان الجديد لأسباب عديدة، منها أن الصدر وحلفاءه تمكنوا من الحصول على أغلبية مقاعد البرلمان وأصبح بإمكانهم أخيرا تشكيل الحكومة، ولكن تجمع الإطار التنسيقي الشيعي يرفض أن يعترف بهزيمته وابتدع فكرة أن البرلمان لا يمكنه أن ينعقد إلا بثلثي أعضائه! وهذا ما لا يملكه الصدر، وهو شرط مستجد لفرض الإطار التنسيقي إرادته لتحديد شكل الحكومة وأعضائها، وللأسف المحكمة الاتحادية العليا أيدت رأي الإطار، ما جعل الصدر يتهمها بالفساد، ويطالب بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة، وبالطبع رفض الإطار التنسيقي وبعض التجمعات السياسية فكرة الانتخابات المبكرة، ما جعل الصدر ودون حلفائه يرفع من سقف مطالبه إلى حد إعادة تشكيل الدولة، عبر طرح فكرة دستور جديد وإعادة تشكيل المحكمة العليا.
الإطار التنسيقي بقيادة المالكي رئيس الوزراء الأسبق «صانع داعش»، والطائفي الذي قام بعمليات عسكرية بشعة في مناطق الغرب السني، بل لم يسلم منه الصدريون الشيعة، وكلنا نتذكر عملية «صولة الفرسان» التي قادتها حكومة المالكي والجيش الأميركي ضد جماعة مقتدى الصدر، وربما هذه الحادثة مازالت تؤثر على العلاقة بين الرجلين!
الإطار التنسيقي بجمع المالكي والحشد الشعبي وهي قوات شبه نظامية طائفية يتحكم بها أشخاص طائفيون يرتبطون بالحرس الثوري الإيراني وتحديدا فيلق القدس، وربما حادثة مقتل قائد حشد السابق أبومهدي المهندس مع قائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني اكبر دليل على ذلك.
٭ ختاما: إن جزءا من حل مشاكل العراق يرتبط بحل القضية الإيرانية المزمنة وفرض عدم تدخلها في محيطها الجغرافي، وجمع السلاح وتقوية مؤسسات الدولة والقوات المسلحة، والأهم من ذلك صياغة دستور ديموقراطي لا يقوم على المحاصصة العرقية أو الطائفية وإلا سنكون أمام حالة «لبنانية - يمنية» حيث تجتمع الطائفية والعنصرية والسلاح، ونكون أمام اللا دولة.
٭ الخلاصة: تحول الصراع في العراق من طائفي «شيعي - سني» إلى صراع شيعي - شيعي، وبين من يريدون الاستقلال عن التدخلات الخارجية ومن يرفضون ذلك، وبين المستفيدين من الفساد والمتضررين منه، وبين من يملكون السلاح «الحشد» ومن يتظاهرون بأجسادهم العارية في شوارع بغداد وداخل ساحات البرلمان!