في يوم كباقي الأيام، يوم اعتيادي، يغلب عليه طابع الروتين، بعد أن استيقظت صباحا واستعددت لذهابك للعمل، تخرج من المنزل فتقابل سائلا متسولا يغلب عليه طابع الفقر والحاجة.. تتعامل معه وفق مبادئك وينتهي الموضوع.
تركب سيارتك لتنطلق إلى عملك فتجد ورقة على الزجاج الأمامي لسيارتك، تترجل منها لمعرفة ما تحتويه، فتجد أن هذه الورقة تحتوي على مادة اعلانية لا تهمك بشيء فترميها وتنطلق إلى عملك، فتنجزه كالمعتاد ويستمر يومك إلى أن ينقضي اليوم وأنت تشعر بالراحة بلا شك.
هل تشعر بالراحة حقا لإنجازك للمهام الصعبة والمشاكل الكبيرة التي قد تحدث في حياتك؟
وماذا بالنسبة لأبسط الأمور؟
قد تكون القرارات الأصعب هي التي تتخذها في الأمور البسيطة!!
ففي اليوم الذي تعاملت فيه مع المتسول وفق مبادئك قد اتخذت قرارا خاطئا ساهم في تحويل المتسول إلى بائع مخدرات. الورقة التي رميتها قبل ذهابك، حاول عامل النظافة التقاطها ليضعها في سلة المهملات، لكن مسرعا فقد السيطرة على مركبته وكانت رجلا عامل النظافة المتضررتين الوحيدتين.
الكرة الأرضية في حركة مستمرة، ونحن جزء من هذه الحركة تدور الدنيا، تمر الأيام وتمضي السنين.
ابن بمزاج سيئ تكتشف بعد فترة أنه ضحية لآفة المخدرات ولكن بعد فوات الأوان، تم إلقاء القبض عليه وجار التحقيق معه.
تخرج من المنزل حزينا مكتئبا لمصاب ابنك ولا تجد حلا لمصابك ولا تعرف جوابا مقنعا لتقصيرك.
شارد الذهن، تمشي دون تركيز حتى تصدمك سيارة أجرة ترميك في المشفى لفترة من الزمن.
ماذا لو ان بمساهمتك بتحويل المتسول إلى بائع مخدرات قد أوصلته بطريقة ما إلى ابنك؟
ماذا لو ان عامل النظافة الذي فقد رجليه قد قطع رزقه ولم يرسل المال لأهله مما جعل ابنه يتوقف عن الدراسة ويعمل في أبسط الأمور وأقلها شأنا إلى أن سافر وتغرب ليعمل سائقا هو نفسه الذي اصطدم بك وجعلك مقعدا؟
«حوبة».. «كارما».. «كما تدين تدان».
اعلم أن أبسط الأمور وأسهلها هي التي تتطلب القرارات الصعبة وهي التي تأتي بالمشاكل الأكبر، فالأمور البسيطة تتكرر معنا كثيرا فلا يجب أن تتسرع بعمل ما أو لا تعطي اعتبارا لموضوع إلا وعرفت أبعاده.
A1985Q@