وفي شهر فبراير نكتب عن الوطن وتمجيده والتغني بجماله والتفاني بحبه، فحب الوطن والاعتزاز به هو العزة والكرامة بحد ذاتها.
ولن ينتهي العالم إلا إذا انتهى هذا الحب، فلا يوجد ما هو أحق من الوطن في الحصول على أرواحنا، الوطن عزيز وغال على قلوب الشرفاء، كما يبقى الحديث عنه حديثا متصلا دافقا، خصوصا إذا كان هذا الوطن، كالأم لا يمكن التخلي عن حضنها وعن حنانها، فنحن ننتمي إلى أوطاننا كما ننتمي إلى أمهاتنا، فلا فرق بينهما، فالأم أنجبت وربت، والوطن احتضن وتكفل، فكل منهما يستحق منا البذل والعطاء والتضحية.
المواطنة حق يستحق الأداء وضريبة مضمخة بعطر الوفاء للأرض التي أقلت والسماء التي أظلت، فالوطن هو صانعنا، وبالوطن تكبر قيمتنا ويبنى نجاحنا، فكل مواطن عليه «ضريبة» تجاه الوطن، تعلي رايته، وتشرف اسمه، وتدعمه بما تملك وبما تستطيع، وتدفع عنه المكاره والأخطار، وتسنده للتقدم والازدهار.
كل مواطن عليه أن يحمي الوطن ويحافظ عليه، ويعمل على ارتقائه بين الأمم، ويضحي بالغالي والنفيس من أجله، ويقف في وجه كل محاولة للإخلال بأمنه، أو الإضرار بمكتسباته، أو العبث بمنشآته، أو تفريق شمله، أو الإضرار بوحدته الوطنية، فوطننا الآن بحاجة إلى مواطن مستنير في فكره، واثق بنفسه ومشبع بهوية وطنه، بحاجة «إليك» وإلى «جهدك»، فإذا كنت أنت أغلى ما يملكه الوطن، فلماذا لا يكون الوطن أغلى نعم الله عليك؟
فيا ليت من ينساق وراء سراب أباطيل أولئك المروجين بعقول الناشــئة، أن يــرجعوا إلى حب أوطــانهم وأن ينتظموا مرة ثانية للذود عن حياضها.