في كل مكان وزمان وفي كل الأعمال المحورية، هناك فرصتان إما للنجاح أو للفشل، ولا وجود إطلاقا للأماكن او الأزمنة أو الأعمال الرمادية، فالأبعاد الثلاثية أو الخطط البديلة أو الطرق الموازية قد تكون في الأوضاع والأشياء الاختيارية والجوازية وليس في الأمور المفصلية والمصيرية اللازمة والملزمة.
دائما هناك قطبان لكل معادلة وفريقان لكل معاملة، فريق ناجح أو أقرب للنجاح من قربه للفشل، وأيضا فريق فاشل أو أقرب للفشل من قربه للنجاح، وهو ما أسميه أنا «فريق اللامبالاة».
ونحن دائما ندعم فريق النجاح ونؤيده ونشد على أيدي أصحابه ونحاول كذلك نقد وتوجيه وتصويب أعمال فريق الفشل ومساعدته على النجاح.
***
وبذلك، نجد أن هناك انتشارا واسعا بين «فرق اللامبالاة» للكثير من المفاهيم غير المفهومة والأفهام المغلوطة بشكل عشوائي وغير منطقي إطلاقا.
والتي تنطبق عليها فعلا المقولة الشهيرة «ليس كل صحيح شائعا وليس كل شائع صحيحا» وهذا مما قد يشكل بطبيعة الاشياء تشخيص وتقدير موقف خاطئ، وبالتالي نتيجة خاطئة.
ومما لاشك فيه أيضا أن الفرق الفقيرة ثقافيا تقع دائما في الأخطاء وبتكرار الخطوات التي تعيد تكرار الأخطاء ذاتها، ومن دون أدنى شك فإنها تفتقر بشكل كبير إلى عدة مقومات أبسطها وأهمها على حد سواء هي المعرفة والتي تعتبر كما أقول دائما المسبب الرئيسي للتمركز الخاطئ الذي يضعها دائما في موقع إدراكي غير صحيح، وبذلك تنعدم لديها المعلومة اللازمة بشكل شبه كامل، وبذلك تنعدم لديها الرؤية بشكل كامل أو بشكل جزئي يؤثر بالضرورة على المعالجة الصحيحة بشكل دقيق وناجع.
***
وفي بعض اللحظات النادرة التي تمتلك بها بعض الجهات المعلومة ايضا تكون هذه المعلومة مبتورة أو منزوعة عن سياقاتها واتساقاتها الحقيقية والموضوعية.
ويعتبر تعبير أو مصطلح «فقه الواقع» من أبرز الأمثلة الحية على واقع المعلومة المبتورة أو المعلومة المغلوطة والناقصة، لأننا نجد أن من يستحضر مصطلح «فقه الواقع» يستحضره غالبا من جانب واحد فقط، معتقدا أنه لا جانب آخر مخالفا لذلك الجانب الذي يراه كمن يقرأ الآية الشهيرة (ولا تقربوا الصلاة..) من دون استكمال ما بعد هذا المقطع من الآية الكريمة، سواء أكان متعمدا أو جاهلا، وأنا أعتقد انه يتساوى عندي هنا التعمد وغير التعمد.
للأسف، إن من يستحضر مصطلح «فقه الواقع» كذلك يستحضره بطريقة استسهالية استسلامية بجوانبها السلبية المؤدية فقط الى القبول بالواقع والاستسلام له،
وهذا الأمر غير صحيح أخلاقيا وعلميا وعمليا ومنطقيا، فلكل شيء تقريبا جانبان ولكل عملة وجهان قد يكونا على طرفي نقيض غالبا، والفلسفة الكونية أصلا قامت على النقيضين معا، كالحق والباطل والخير والشر والأبيض والأسود والصواب والخطأ.
**
أخيرا وليس آخرا...
«فقه الواقع» كما أرى وأفهم وأجزم هو تعبير أو مصطلح يجب به ومنه تحقق الدراية والفهم والتشخيص للواقع ومعرفته ابتداء، لانه وبكل بساطة المعرفة بأسباب أي مشكلة تعتبر أحد أهم مفاتيح الحل أو أحد السبل المؤدية للحل متى ما كانت البيئة صحية وسليمة ومتى ما كانت المنطلقات والوسائل مرتكزة على معطيات وأدوات صحيحة وحقيقية ومعلومات دقيقة وموثوقة، وبعد ذلك نستطيع بهذه العدة وهذا العتاد الذهاب للحل المؤزر بكل ثقة وتفاؤل حقيقي وموضوعي ومشروع.
[email protected].
hammad_alnomsy@