قد يقدم المنجّم خارطة طريق لمستقبل لجميع زبائنه على جميع المستويات التي تقع في دائرة الفرد أو الدولة أو العالم، لكننا نعلم جيدا أننا كمسلمين ننتمي لمدرسة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ونعلم أن المنجمين كاذبون، وإن صدفوا، إلا أننا نؤمن بأن العلم هو الأساس الحقيقي القوي للأمم السابقة واللاحقة، فعلى سبيل المثال عندما نأخذ حالة المجتمع العربي في الجاهلية وحالته بعد الإسلام نجد أن الوضع مختلف تماما بين الحالتين من حيث الاستقرار والثقافة والعلم والأمن والطب... الخ.
ولو أخذنا هاتين المرحلتين في تاريخ العرب لوجدنا أن فيهما ما ينطبق على حالنا المعاصر، بمعنى أننا لو طبقنا معايير الجودة بإدارة الدولة في جميع المجالات لوجدنا أنها سترتقي بأنظمتها الى أعلى المستويات، وعندما نصل إلى هذه المرحلة سيبدأ البناء على أساس قوي.
يعتبر الفرد أهم عنصر في منظومة هذا البناء لأن الاستثمار في البشر خير من الاستثمار بالحجر، إذ إن الاستثمار بالعقول والطاقات الشبابية بشكل صحيح ومنظم له دور كبير في صناعة وبناء المستقبل على أكمل وجه.
هذا المستقبل المشرق والمبهر لن يتم بين ليلة وضحاها، بل يحتاج الى خارطة طريق متقنة الإعداد وبعيدة المدى وتعتمد على مبدأ الوطنية الصافية، فالطائفية والشللية والقبلية والعنصرية عادة ما تكون معاول هدم للفرد والمجتمع والدولة معا.
ولو توقفنا قليلا بالخطأ وقمنا بالتأمل في لحظة صمت سينمائية لوجدنا أن مبدأ الوطنية هو الملاذ الآمن للوطن والمواطن، أما غير ذلك فيفترض، بل يجب أن يكون خارج الحسبة سواء على مستوى الفرد أو المجتمع.
ولا شك أن الكثير من أبناء الوطن يحبون هذا المسار من حيث الدعم الإيجابي لمشروع المسار الإصلاحي الجديد، ولعل من محاسن هذه الفترة تولي سمو الشيخ د.محمد الصباح رئاسة مجلس الوزراء. ولكون سموه يحمل مؤهلات علمية عالية تحاكي هذه المرحلة نتمنى أن يتبنى مشروع بناء المستقبل الذي ستكون به الكويت متقدمة في الصفوف الأولى بروح العمل، وهي تستحق ذلك، من اجل بناء الوطن من جديد تحت مظلتها.
علينا ألا نتمسك بحب المفاهيم القديمة نفسها، والتي لا فائدة مستقبلية منها، حتى لا نبقى في المربع الأول، ونكون في حالة مشابهة لما قاله الشاعر نزار قباني في قصيدة له:
عشرون عاما في طريق الحب
عشرون عاما ومرة قــاتلا وأكثر الأحيان مقتولا
عشرون عاما ولم أزل في الصفحة الأولى.