سبحان الله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، وسبحانه الذي أرسل عبده ليكون للعالمين نذيرا ومعلما ووجيها، كان خلقه القرآن يعلم الناس أمور دنياهم وأخراهم، ففي كل مرة أختم بها القرآن أتدبر معاني جميلة وكأني أتدبرها لأمول مرة بالرغم من تكرارها، ومن الأخلاقيات الجميلة التي يدعوا لها القرآن (الرفق)، فالله عز وجل يحث بني آدم على الرفق في كل شيء، فنجد في القرآن كلمة (جميل) تكررت في أكثر من موضع في القرآن الكريم، تترجم على أنها سلوك راق في التفاعلات والمعاملات الإنسانية والذي يكون قائما على الرفق، وهي كناية عن أن الجمال السلوكي لا يكون إلا بالرفق، حيث يدعو الله عز وجل في كتابه الكريم قائلا:
(فاصفح الصفح الجميل): أي صفحا بلا عتاب.
(واهجرهم هجرا جميلا): أي هجرا بلا أذى.
(فاصبر صبرا جميلا): أي صبرا بلا شكوى.
(وسرحوهن سراحا جميلا): أي سراح المرأة بلا أذى ولا حرمان من الحقوق.
فسبحان الخالق العظيم والحمد لله أننا مسلمون، فديننا عظيم بكل المقاييس، ويحثنا على الرفق حتى مع الضالين عن الحق، على سبيل المثال: العدو الأكبر لدين الله عز وجل والذي ذكره القرآن هو فرعون، الذي ادعى الألوهية، فجميع أعداء الدين اليوم ضلالتهم تقتصر على شرك الخالق بالقدسية والعبادة مدعين أن يكون ذلك الإله أو المقدس الذين يقدسونه سواء كان بشرا أم حيوانا أو شمسا أو صنما...إلخ إنما يقربهم لله زلفى، وقضية ادعاء الألوهية شيء بلا شك أعظم شرك وكفر بحق الخالق عز وجل، ومع ذلك دعا الله عز وجل سيدنا موسى وأخاه هارون عليهما السلام في قوله تعالى: (اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى)، حتى مع أشد الناس ضلالة دعا الله عز وجل عبده موسى أن يتمثل في سلوكه بالصبر الجميل واللين والرفق في الكلام مع ألد الأعداء، وهذا ما يسمى كمصطلح حديث بالاتزان العاطفي، لذا يجب علينا كبشر أن نتمثل بالأخلاقيات الجميلة والترفق في كل سلوك وكل مشكلة أو تصادم اجتماعي جراء الاختلافات الفكرية في التفاعل الاجتماعي، فعن أمن المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: السام عليك، ففهمتها فقلت: عليكم السام واللعنة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مهلا يا عائشة، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله، فقلت: يا رسول الله أولم تسمع ما قالوا؟ قال صلى الله عليه وسلم: «فقد قلت وعليكم»، وفي الحديث الشريف دعوة للهدوء النفسي في التفاعل والرفق فيه.
وفي حديث آخر يقول صلى الله عليه وسلم: «يا عائشة، إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه».
وعليه، يجب علينا كمسلمين أن نرتقي في معاملاتنا وتفاعلاتنا بالرفق سواء كان في حال غضبنا أو في اختلاف وجهات النظر أو في تصادم قيمنا أو حتى في عتابنا.... إلخ، فهذا خلق القرآن، فالرفق من الإحسان والإحسان سنام القيم الأخلاقية، وذلك يرجع الى الأبعاد النفسية والاجتماعية لبني آدم، فالرفق يكفل قيما أخرى منها: الاقتناع - الاحترام - التقدير - الرقي - الحوار البناء - يعزز القدوة - التكافل - التعاون، وغيرها من القيم الأخلاقية جراء الرفق = السلوك الجميل.
Lines_Title@