في أغلب الدول الفقيرة أو التي تحوي مواطنين غير متعلمين تظهر عندهم مهنة العرضحالجي في الشوارع المقابلة للدوائر الحكومية، والعرضحالجي هو من يعرض حالة كل مراجع لدائرة حكومية على الأوراق ويكتب الصيغ المناسبة لمن يريد أن يقدم معاملة أو غيرها عندهم.
قامت وزارة التجارة مشكورة بتنظيم العمل التجاري في البلاد بكل رقي، وكان لها السبق الحقيقي على مستوى الدولة، ومن الطبيعي أن من يعمل بجدية يخطئ ولا بأس أن نلتفت للخطأ من أجل تصحيحه، من جملة ما قدمت هذه الوزارة مشروع العربات المتنقلة للمشاريع الصغيرة وساهم هذا المشروع في الكثير من الحلول، إلا أن ما يزعج في الأمر هو نشاط الطباعة والتصوير في المركبات المتنقلة خارج مراكز خدمة المواطن في أنحاء البلاد، وما قامت به وزارة التجارة يعارض وبكل وضوح فكرة قائمة وقانونا منصوصا، أما الفكرة فهي: ان كل نشاط تجاري يصدر من وزارة التجارة له جهات رقابية تنظم هذا النشاط وتفرض الرقابة عليه كأن ترخص مركبة أغذية أو مأكولات خفيفة وتكون هيئة الغذاء والبلدية مسؤولتين عن المتابعة والرقابة أو أن تعطي ترخيص مركبة متنقلة لخدمات الهاتف والاتصالات والنت فتكون هيئة الاتصالات هي المعنية بالمراقبة لهذا النشاط، أما نشاط الطباعة والتصوير فلا توجد مرجعية حقيقية للمراقبة ناهيك عن أننا لا نحتاج اليها فعلا، فنحن لا نراجع الدوائر الحكومية على الحدود أو في الشاليهات أو الأماكن البعيدة، كما أنه يتوافر في كل زاوية جمعية تعاونية في الكويت مركز خدمة الطالب وخدمة الطباعة والتصوير، إذن هنا تنتفي الحاجة لهذا النشاط، أما عن القانون: فهذا النشاط يتعارض وبوضوح مع قانون «المعاملات الإلكترونية» الذي يستثني فقط من التعاملات الورقية شيئا واحدا فقط وهو «ما يفرغ بمحرر رسمي ويكون أمام كاتب العدل»، إذن ما الحاجة لهذا النشاط المزعج؟
مشروع صغير وعذاب كبير، كم أتمنى من المعنيين بالأمر أن ينزلوا الشارع ويروا حجم المشكلة، ويستمعوا للناس الذين يظهرون امتعاضهم دون خجل مع الكثير مما لا أحب أن أذكره وأعتقد أن كل من راجع هذه العربات يعلم عن ماذا أتكلم ولا بأس أن يتعطروا بالقليل من رائحة البنزين الخاص بالمولد الخارجي لهذه المركبات ويستنشقوا القليل من عادم السيارة الذي يخنق كل من يقف بالدور فهم مواطنون بالنهاية وليسوا افضل ممن يراجع تلك العربات.
السؤال الأهم هنا:
أولا: هل الدولة تحتاج الى مثل هذا المشروع؟
ثانيا: هل هذا المشروع مجد ويساهم في حل الربط بين المراجع والدائرة الحكومية التي يريد؟
ثالثا: من المستفيد من هذا العذاب للمراجعين وما الخصومة أو المشكلة التي جعلتكم تخرجونهم خارج المبنى؟
رابعا: من الذي أشار عليكم أو اقترح (هالشور الأقشر اللي عذبنا وحسسنا بتفاهة وعدم كفاءة الخدمة التي تقدم لنا كمراجعين)؟
خامسا: هل حرمت عليكم التقنية الإلكترونية أم حرمتموها على أنفسكم؟
سادسا: هل من المعيب أن نجد حلا آخر؟
لا أبسط من أن تكون فورمات الهجرة أو كل فورمات خدمة المواطن على موقع خاص لكم ويساهم المواطن بنفسه في تعبئة النموذج وهو في بيته ويأتي بالأوراق دون الحاجة لأي عربة متنقلة في الطريق إلى المبنى الحكومي، سبحان الله كان طموحنا أن نكون اكثر تطورا بأن تكون كل الخدمات عبر موقع حكومي معتمد لا نحتاج فيه لأي عربة أو تواقيع أو أوراق، إلا أننا الآن لا نطلب إلا السلامة من عرباتكم ورائحة مولداتها الخارجية والدور الممل والمزعج لكل من ذهب مجبرا لينهي معاملته العرضحالجية.
[email protected]