انتهت القمة الأولى بين الرئيس الأميركي جو بايدن والروسي فلاديمير بوتين أمس الأول، وبدأت تفاصيل ما دار فيها والخلافات التي لم تستطع الابتسامات والتصريحات المتفائلة اخفاءها، تطفو الى السطح مجددا.
وهيمنت نتائج القمة على افتتاحيات وتعليقات الصحف الأوروبية التي اتفقت على انها حققت القليل من النتائج، ولكنها كشفت بوضوح عن النقاط الخلافية الكثيرة بين الجانبين.
ورأت صحيفة (تاغس انتسايغر) السويسرية في افتتاحيتها أن القمة قد كشفت ان الخطر الحقيقي ليس في سباق التسلح النووي، بل في القدرات الخفية للحروب الالكترونية الحديثة عبر شبكات الانترنت التي وضعت البلدين في حرب حقيقية، ولكن غير مرئية، وان لدى الطرفين من العتاد غير المنظور في تلك الحرب الالكترونية.
ورأت الصحيفة أن «روسيا لا تبدو مهتمة بإقامة علاقة سلسة مع الولايات المتحدة الأميركية، ولذ فلم تغير قمة جنيف كثيرا وستبقى نقاط الخلاف قائمة».
أما صحيفة (تلغراف) البريطانية فقد رأت في المقابل ان القمة حققت بعض النجاحات الطفيفة مثل عودة السفراء الطبيعية والاتفاق على مزيد من الحوار. كما أشارت الصحيفة الى أن الطرفين يدركان الآن طبيعة علاقتهما بشكل حقيقي بدون أي مبالغة من أي طرف تجاه الآخر، وفي ايطاليا رأت صحيفة (أفينيري) ان القمة أكدت ان «سنوات ضوئية بعيدة جدا مازالت تفصل بين البلدين ولذلك فلم تكن القمة تاريخية، اذ لا يوجد تقدم في ملف أوكرانيا على الرغم من انه العقبة الرئيسة والحقيقية في طريق الحوار مع روسيا».
وركزت الصحيفة أيضا على إنكار روسيا لمشكلة انتهاك حقوق الانسان بشأن معارضيها ومدى خطورة الهجوم على المواقع الاستراتيجية عبر شبكة الانترنت بل تعامل الرئيس الروسي «بنوع من التعالي والكبرياء» مع تلك الاتهامات.
من جهتها، شبهت صحيفة (ال بي) الأوكرانية تلك القمة بقمة الرئيسين نيكيتا خروتشوف ودوايت أيزنهاور في عام 1955 التي انتهت أيضا دون نتيجة.
لكن بوتين وعدد من المسؤولين الروس أبدوا تفاؤلا حذرا غداة القمة رغم توجيههم بعض الانتقادات للولايات المتحدة، وتعرضهم للانتقاد من واشنطن.
فقد أكد بوتين أمس أن روسيا جاهزة «لمواصلة هذا الحوار بنفس درجة استعداد الجانب الأميركي». وأضاف «كنا قادرين على فهم بعضنا البعض، وفهم مواقفنا بشأن القضايا الرئيسية».
من جانبه، وصف نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف آفاق الحوار حول نزع السلاح النووي ورفض الحرب النووية بأنها «انجاز فعلي».
كما عاد الرئيس الروسي إلى الانطباع الذي كونه حول جو بايدن، مقدرا أن محاوره كان «محترفا» وأنه «من الضروري العمل معه بتمعن لعدم تفويت أي شيء».
جاء ذلك أثناء رده على سؤال حول القدرات الإدراكية للرئيس الأميركي التي يشكك فيها خصومه أحيانا لتقدم سنه وخصوصا سلفه دونالد ترامب.
وتابع بوتين «إنه لا يفوت أي شيء»، وأردف قائلا «إنه يعلم ما يريد تحقيقه ويفعل ذلك باقتدار، يمكن ملاحظة ذلك بسرعة. ولكن في نفس الوقت، كان الجو وديا».
في المقابل، اتفق عديد من الخبراء على أن الرئيس الروسي حصل على أكثر ما يريده من الاجتماع وهو إبراز أهمية روسيا على الساحة الدولية.
وفي أول نتيجة ملموسة للقمة، أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن السفير أناتولي أنتونوف سيعود إلى واشنطن الأسبوع المقبل.
ومن نقاط الخلاف الاساسية الملف الاوكراني، اذ قال الكرملين إن ضم أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي «الناتو» ستكون «خطا أحمر» بالنسبة لموسكو وعبر عن قلقه من الحديث الدائر عن أن كييف ربما تمنح يوما ما خطة عمل لنيل عضوية الحلف.
وذكر بيسكوف أن موسكو تتابع الوضع عن كثب.
ورغم ذلك، قال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف بعد يوم من قمة في جنيف، إنها كانت إيجابية في المجمل.
ورحب بيسكوف بالحوار حول «الأمن الاستراتيجي» ونزع السلاح النووي، معتبرا أن الولايات المتحدة عادت إلى «المنطق». ووقع بوتين وبايدن بالأحرف الأولى نصا قصيرا أكدا فيه عزمهما إقامة «حوار حول الاستقرار الاستراتيجي» ولاسيما مسألة ضبط الأسلحة النووية في حين انسحبت الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب من معاهدات ثنائية ومتعددة الأطراف.