أعلن وزير العدل المستشار ناصر السميط موافقة مجلس الوزراء أمس الثلاثاء على مشروعي مرسومين بقانونين الأول بتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 38 لسنة 1980، والثاني يختص بتعديل نص المادة 5 من القانون رقم 71 لسنة 2020 بإصدار قانون الإفلاس بشأن إعادة نظام الضبط والإحضار وحبس المدين المتعنت في السداد.
وقال الوزير السميط في تصريح لـ«كونا» عقب الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء إن «مشروع مرسوم بقانون تعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية جاء تلبية لما كشف عنه التطبيق العملي لقواعد التنفيذ عن حالات تمكن المدين ذي الملاءة المالية من تلافي الإجراءات المتخذة ضده لعرقلة وفائه بديونه وأدى ذلك إلى زيادة نسبة الديون المعدومة مما يؤثر سلبا على البيئة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد ويعيق الجهود الرامية إلى جعل الكويت مركزا ماليا وتجاريا جاذبا للاستثمارات».
وأضاف أن «من أهم ملامح هذا المشروع تعزيز صلاحيات الإدارة العامة للتنفيذ ضد المدين المماطل عن طريق منح إدارة التنفيذ سلطة اتخاذ إجراءات حاسمة ضد المدين الذي يتهرب من الوفاء بالتزاماته رغم قدرته المالية، ويشمل هذا طلب كشف مالي عن أموال المدين بما في ذلك العقارات والمنقولات والأرصدة المصرفية وأسماء المتصرف إليهم».
وأوضح أن «مشروع مرسوم بقانون تعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية أتاح لإدارة التنفيذ إخطار شركة المعلومات الائتمانية بواقعة عدم الوفاء لقيدها في السجل الائتماني للمدين لإيضاح مقدرته الائتمانية عند تعامله مع الأشخاص الاعتبارية، كما أتاح الاستعانة بالإدارة العامة للخبراء متى استدعت إجراءات التنفيذ ذلك.
وذكر أن من أهم ملامح هذا المشروع أيضا وقف التعامل على الأموال المتبرع بها بعد تاريخ نشء الدين بهدف تفويت الفرصة على المدين في تهريب أمواله أو التصرف بها لإضعاف مركزه المالي، وذلك عبر إيقاف التعامل على الأموال إذا تبين أن المدين تصرف فيها بغير عوض أو بأقل من قيمتها الحقيقية بفارغ كبير.
ولفت الوزير السميط إلى أن مشروع مرسوم بقانون تعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية يلزم الدائن برفع دعوى عدم نفاذ التصرفات خلال أسبوع من صدور أمر وقف التعامل لضمان عدم إساءة استخدام هذا الإجراء.
وبين أن هذا المشروع أعاد العمل بنظام حبس المدين المماطل من خلال إعادة نظام الضبط والإحضار وحبس المدين المتعنت في السداد، والذي ألغي بموجب قانون الإفلاس، وبإلغائه سقطت كل الأوامر ودون تفرقة بين المدين المفلس وغيره من المدينين ذوي الملاءة المالية.
وقال إنه بموجب مشروع مرسوم بقانون تعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية، تنصب أحكام القانون على المدين الموسر الذي يرفض الوفاء بالدين وفقا لضوابط محددة أبرزها:
1 ـ لا يعتبر المدين مليئا إذا قامت ملاءته على أموال لا يجوز الحجز عليها.
2 ـ لا يسري على المرضى الذين لا يتحملون الحبس والنساء الحوامل وناقصي الأهلية.
3 ـ السماح بتقسيط الدين وفقا لقدرة المدين المالية مع إلغاء الأمر الصادر بالتقسيط في حال التخلف عن الدفع.
4 ـ وضع حد أقصى لمدة الحبس.
5 ـ تنفيذ الحبس بمعزل عن المسجونين بقضايا جزائية.
6 ـ السماح للمدين بالسداد أثناء الحبس، وتمكينه من ترتيب أوضاعه المالية وتسويتها.
وأضاف أن «من أهم ملامح مشروع مرسوم بقانون تعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية أيضا إصلاح إجراءات التقرير بما في الذمة للمحجوز لديه عن طريق معالجة القصور من عدم قدرة المؤسسات المصرفية من الحجز على ما يضاف إلى الحساب المصرفي من أموال أو أرصدة دائنة له إضافة إلى تسريع إجراءات الحجز والتنفيذ لضمان عدم تمكن المدين من تهريب أمواله».
وذكر أن هذا المشروع أتاح أيضا مكافحة إساءة استغلال إشكالات التنفيذ الوقتية عن طريق النص على زوال الأثر الواقف للتنفيذ فور شطب الإشكال لضمان عدم تعطيل تنفيذ الأحكام القضائية ومكافحة إساءة استغلال الأثر الواقف للإشكال الوقتي وتعطيل إجراءات التنفيذ، وذلك من خلال رفع مبلغ غرامة الإشكال بحديه الأدنى والأقصى، ليصبح لا يقل عن خمسين دينارا ولا يزيد على ثلاثمائة دينار.
وأكد الوزير السميط أن مشروع مرسوم بقانون تعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية له عدة مبررات من أهمها حماية الاقتصاد الوطني من استغلاق طرق تحصيل الديون والتقليل من نسبة الديون المعدومة، مما يسهم في تحسين المناخ الاستثماري بالبلاد وتعزيز الثقة في سيادة القانون والمؤسسات القضائية ومكافحة التنصل من سداد الديون وإقامة التوازن بين حق الدائن في اقتضاء حقه، وبين المدين الذي لا تفي ذمته المالية بأداء التزاماته دون أن يداخل ذلك تدليسا في حقيقة مركزه المالي.
واعتبر هذا المشروع خطوة نحو تحديث القوانين الكويتية بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، وبما يضمن بيئة قانونية عادلة تحقق التوازن بين أطراف العلاقة مع مراعاة البعد الإنساني والاجتماعي.
وفيما يلي نص مشروع المرسوم بقانون لتعديل بعض أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية ومذكرته الإيضاحية :
الفتوى والتشريع
مادة أولى
يستبدل بنصوص المواد (2014، 227 فقرة ثانية، 230 بند هـ، 234 الفقرة الأولى والثانية، و293) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المشار اليه النصوص الآتية:
مادة (214):
إذا قررت المحكمة شطب الإشكال وفقا للمادة (59) او حكمت بوقفه وفقا للمادة (70) زال الأثر الواقف للتنفيذ المترتب على رفع الاشكال.
واذا كان الاشكال موقفا للتنفيذ وخسر المستشكل دعواه جاز الحكم عليه بغرامة لا تقل عن خمسين دينارا ولا تزيد عن ثلاثمائة دينار، وذلك مع عدم الاخلال بالتعويضات ان كان لها وجه.
مادة (227 فقرة ثانية):
وإذا لم يكن الحجز موقعا على منقول او دين بذاته فإنه يتناول كل ما يكون للمحجوز عليه من منقولات في يد المحجوز لديه او ينشأ له من ديون في ذمته بعد ذلك الى وقت التقرير بما في ذمته، على أن يلتزم المحجوز لديه عقب ذلك بالتقرير بما في ذمته على ما يضاف من اموال للمدين أو أرصدة دائنة له، ما لم يرفع الحجز من ادارة التنفيذ.
مادة (230) بند (هـ):
هـ - تكليف المحجوز لديه بالتقرير بما في الذمة بإدارة التنفيذ المتخذ لديها الاجراءات خلال عشرة أيام من اعلانه بالحجز وبما يضاف من اموال للمدين او ارصدة دائنة له ما لم يرفع الحجز من ادارة التنفيذ.
مادة (234 الفقرة الأولى والثانية):
إذا لم يحصل الايداع طبقا للمادة السابقة او المادة (218) وجب على المحجوز لديه ان يقرر بما في ذمته في ادارة التنفيذ متخذ لديها الاجراءات خلال عشرة ايام من اعلانه بالحجز، ويذكر في التقرير مقدار الدين وسببه واسباب انقضائه ان وجدت، ويبين جميع الحجوز الموقعة تحت يده، ويودع الاوراق المؤيدة لتقريره او صورا منها، واذا كان تحت يد المحجوز لديه منقولات وجب عليه ان يرفق بالتقرير بيانا مفصلا عنها.
واذا كان الحجز تحت يد الحكومة او احدى الهيئات العامة او المؤسسات العامة او احد البنوك فيكون التقرير بما في الذمة بواسطة كتاب ترسله الجهة المحجوز لديها الى ادارة التنفيذ متخذ لديها الاجراءات في الميعاد سالف الذكر يتضمن بيانات التقرير.
مادة (293):
يقدم طلب الحبس الى مدير ادارة التنفيذ او من يعاونه من القضاة مشفوعا بصورة من السند التنفيذي واعلانه، وللآمر قبل اصدار الامر ان يجري تحقيقا مختصرا اذا لم تكفه المستندات المؤيدة للطلب، وله في سبيل ذلك استخراج المستندات اللازمة من الجهات الحكومية وغير الحكومية للفصل في الطلب.
ويجوز للآمر ان يمنح المدين مهلة للوفاء لا تتجاوز شهرا، كما يجوز له، بعد موافقة الدائن أن يأمر بتقسيط الدين متى ثبت له عدم قدرة المدين على ادائه كاملا وقدرته على ذلك تجزئة، ويعتبر الأمر الصادر بالتقسيط كأن لم يكن اذا تخلف المدين عن الوفاء بأي قسط في الميعاد المحدد له.
ويكون التظلم من الأمر على الوجه الوارد في الفصل الخاص بالأوامر على العرائض، ويعامل معاملة التظلم من الأوامر الولائية التي تصدر من رئيس المحكمة الكلية.
(مادة ثانية)
تضاف مواد جديدة الى قانون المرافعات المدنية والتجارية المشار اليه بأرقام (204 مكررا، 204 مكررا أ، 292، 293 مكررا، 294، 295، و296) نصوصها الآتي:
مادة (204 مكررا):
اذا لم ينفذ المدين ما عليه من دين تجاه الدائن بعد اعلانه به فإنه يجوز لمدير ادارة التنفيذ او من يعاونه من القضاة بناء على طلب الدائن اتخاذ ايا من الاجراءات الآتية:
أ - طلب كشف ببيان ما للمدين لدى الجهات الحكومية من عقارات او منقولات او حقوق انتفاع او غيرها من الحقوق المالية القائمة او المستقبلية.
ب - طلب كشف ببيان ما للمدين لدى البنوك وشركات الاستثمار ووكالات المقاصة او غيرها من اموال قائمة او مستقبلية او حقوق لدى الغير.
وفي هاتين الحالتين يكون لمدير ادارة التنفيذ او من يعاونه من القضاة الاذن في استخراج كشف يتضمن التصرفات على هذه الاموال واسم المتصرف اليه عن فترة زمنية سابقة على صدور السند التنفيذي على الا تتجاوز تاريخ نشوء الدين.
ج - منع المدين من السفر او حبسه او كليهما وفقا للاحكام المبينة في هذا القانون.
ولمدير ادارة التنفيذ او من يعاونه من القضاة - دون طلب من الدائن - اتخاذ اي من الاجراءات الآتية:
أ - اخطار شركة المعلومات الائتمانية بواقعة عدم الوفاء لقيدها في السجل الائتماني للمدين طبقا لاحكام القانون رقم (9) لسنة 2019 المشار اليه.
ب - ندب احد المختصين بالادارة العامة للخبراء متى استدعت اجراءات التنفيذ ذلك.
ج - اي اجراءات اخرى ينص عليها القانون.
مادة (204 مكررا أ):
إذا تصرف المدين في ماله بغير عوض او بأقل من سعره او قيمته التي يتداول فيها بالسوق بفارق ملحوظ بعد تاريخ نشوء الدين، فإن لمدير ادارة التنفيذ او من يعاونه من القضاة - بناء على طلب الدائن - ان يأمر بوقف التعامل على هذا المال اذا كان تحت يد من تلقاه من المدين، ويعلن الدائن مدينه والمتصرف اليه بالأمر عن طريق اعلان الأوراق القضائية المبينة في هذا القانون، واذا لم يلتزم المتصرف اليه - بعد اعلانه - بالأمر، جاز الحكم عليه للدائن بالدين الذي يجري اقتضاءه، على ان يكون ذلك في حدود القيمة السوقية للمال وقت تصرفه به.
ويجب على الدائن خلال اسبوع من اليوم التالي لصدور الأمر ان يرفع دعوى بعدم نفاذ التصرفات طبقا لأحكام القانون المدني المشار اليه يختصم فيها مدينه والمتصرف اليه، وللمحكمة المختصة التي تنظر الدعوى سلطة وقف الأمر - بناء على طلب المتصرف اليه - في اي حالة كانت عليها الدعوى لحين اصدارها حكما في الموضوع والأمر.
ويعتبر امر وقف التعامل كأن لم يكن اذا لم يقيم الدائن الدعوى في المدة المشار اليها في الفقرة السابقة، او اقامها وشطبت او قضى باعتبارها كأ لم تكن او سقطت الخصومة فيها او تركت او انقضت.
مادة (292):
يصدر مدير ادارة التنفيذ او من يعاونه من القضاة بناء على عريضة تقدم من الدائن صاحب الحكم النهائي أو أمر الأداء النهائي أو أمر على العريضة النهائي، أمرا بضبط واحضار المدين وبحبسه مدة لا تزيد على ستة اشهر اذا امتنع عن تنفيذ حكم نهائي أو أمر اداء نهائي رغم ثبوت قدرته على الوفاء.
ويحدد الآمر مدة الحبس، كما يبين ما اذا كانت تنفذ دفعة واحدة او على دفعات.
ولا يقبل من المدين بأحد السندات المشار اليها في الفقرة الأولى ادعاء عدم القدرة على الوفاء إذا تصرف في امواله او اخفاها بقصد الإضرار بالدائن واستحال على الدائن التنفيذ على تلك الأموال.
مادة (293 مكررا):
ينفذ الحبس بمعزل عن المسجونين في القضايا الجزائية، وتهيئ ادارة السجن بالتعاون مع ادارة التنفيذ ما يمكن المدين من الوفاء بديونه او تسويتها.
ولا يؤدي تنفيذ الأمر بالحبس الى انقضاء الحق، ولا يمنع من التنفيذ الجبري لاقتضائه بالطرق المقررة قانونا.
مادة (294):
يمتنع اصدار الأمر بحبس المدين في الأحوال الآتية:
أ ـ اذا لم يتجاوز الحادي والعشرين او تجاوز الخامسة والستين.
ب ـ اذا كان له اولاد لم يبلغوا الثامنة عشر عاما، وكان زوجه متوفيا او محبوسا لأي سب، واذا قدم الطلب وامتنع الامر بالحبس تنفيذا لحكم او امر، فلا يقوم المانع بعد ذلك من اصدار امر بالحبس تنفيذا لحكم او امر آخر.
ج ـ اذا كان زوجا للدائن او من اصوله او فروعه ما لم يكن الدين نفقة مقررة.
د ـ اذا كان قد استوفى الحد الاقصى لمدة الحبس التي حددها امر سابق عن ذات الدين.
هـ ـ اذا قدم كفالة مصرفية كافية، او كفيل عيني يقدم مال يعادل الدين او كفيلا مقتدرا يقبله المختص بإصدار الامر، ويكون المحضر المشتمل على تعهد الكفيل سندا تنفيذيا قبله بالالتزامات المترتبة على كفالته، ولادارة التنفيذ صلاحية الاستعانة بخبراء الادارة العامة للخبراء او خبراء الدراية لتقييم الاصول المقدمة وكفايتها، وتقرر ادارة التنفيذ اتعابا لجهة الخبرة المنتدبة وفق ما تراه مناسبا وتستأدي من اموال وزارة العدل وتقيد كمديونية على المدين ويكون للوزارة حق الامتياز المقرر للدولة في تحصيلها.
و ـ اذا ثبت بموجب تقرير طبي اصابته بمرض لا يتحمل معه الحبس، او اذا كانت امرأة حاملا، ولادارة التنفيذ في سبيل ذلك الاستعانة بأي جهة طبية مختصة لإبداء رأيها في حالة المدين، كما يجوز للادارة احالة المدين لأي من الجهات الطبية لفحصه.
ي ـ اذا قامت ملاءته كليا على اموال لا يجوز الحجز عليها.
مادة 295
اذا كان المدين شخصا اعتباريا خاصا صدر الأمر بحبس من يكون الامتناع عن التنفيذ راجعا اليه شخصيا.
مادة 296
يسقط الامر الصادر بحبس المدين في الاحوال الآتية:
1 ـ اذا وافق الدائن كتابة على اسقاط الامر.
2 ـ اذا انقضى، لأي سبب من الاسباب، التزام المدين الذي صدر ذلك الامر لاقتضائه.
3 ـ اذا سقط اي شرط من الشروط اللازم توافرها للأمر بالحبس او تحقق مانع من موانع اصداره.
مادة ثالثة
يلغى كل حكم يخالف احكام هذا المرسوم بقانون.
مادة رابعة
على الوزراء ـ كل فيما يخصه ـ تنفيذ هذا المرسوم بقانون ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
المذكرة الايضاحية
كشف التطبيق العملي لقواعد التنفيذ المنصوص عليها في قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 38 لسنة 1980، وإزاء إلغاء النصوص الخاصة بحبس المدين بموجب القانون رقم 71 لسنة 2020 بإصدار قانون الإفلاس، عن حالات تمكن المدين ذي الملاءة المالية من تلافي الإجراءات المتخذة ضده لعرقلة وفائه بديونه وتتعدد الطرق التي يسلكها المدين في تفادي إجراءات الحجز على أمواله، منها أن يستخدم أشخاصا تابعين له وتحت ولايته كوعاء لنقل أمواله إليهم، وعندها يجد الدائن أن حقه الثابت بالسند التنفيذي قد أغلق عليه استئذانه وأصبح دينا معدوما لصعوبة تحصيله.
فضلا عن أن ارتفاع نسبة الديون المعدومة سواء كانت ديونا مدنية أو تجارية له واقع وأثر شديد ليس فحسب على الدائن الذي تكبد عناء استصدار السند التنفيذي، وإنما على البيئة الاقتصادية للبلاد وجذب الاستثمارات الأجنبية، ويعثر السبل نحو أن تصبح دولة الكويت مركزا ماليا وتجاريا جاذبا للاستثمار وتحقيق رؤيتها «كويت جديدة».
لذلك، رؤي إجراء تعديل تشريعي على قانون المرافعات المدنية والتجارية المشار إليه، يضمن سد القصور القائم والسعي نحو التعزيز من وسائل الضغط لحث المدين الموسر على سداد ديونه وقطع دابر عرقلة عملية الوفاء قدر الإمكان من ناحية، ومراعاة المدين المعسر الذي يمر بضائقة مالية وتعثر قسرا في وفائه بديونه من ناحية أخرى بما يخرجه من الإجراءات التنفيذية والنصوص العقابية من ناحية أخرى، ورغبة في إقامة التوازن بين حق الدائن في اقتضاء حقه الثابت في السند التنفيذي وبين المدين الذي ذمته المالية لا تفي بأداء التزاماته، دون أن يداخل ذلك تدليسا في حقيقة مركزه المالي.
وإذ صدر الأمر الأميري بتاريخ 10/5/2024 ونصت المادة 4 منه على أن تصدر القوانين بمراسيم بقوانين، لذا أعد مشروع المرسوم بقانون الماثل، ونصت المادة الأولى منه على استبدال المصطلح الوارد في المادة 214 من قانون المرافعات المدنية والتجارية المشار إليه والخاصة بشطب الاشكال أو وقف تنفيذه، بأن اعتبرته قرارا وليس حكما وفي هذا تجانس مع المصطلح المستخدم في المادة 59 من القانون، وأضاف المشروع حالة يتم فيها زوال الأثر الواقف للتنفيذ المترتب على رفع الإشكال، وهي إذا حكمت المحكمة بوقف الدعوى جزائيا طبقا للمادة 70 من القانون. وبالنظر إلى مبلغ الغرامة التي تجيز للمحكمة توقيعها على رافع الإشكال الموقف للتنفيذ في حال خسرانه له، فإنها تكاد لا تحقق الغاية التي من أجلها وجدت، وهي مكافحة احتمال إساءة استغلال الأثر الواقف للاشكال الوقتي وتعطيل إجراءات التنفيذ، ويعود السبب في ذلك إلى ضآلة مقدارها في الوقت الحالي مقارنة بالظروف والأوضاع الاقتصادية وقت صدور قانون المرافعات المدنية والتجارية في عام 1980، الأمر الذي رؤي في المشروع إلى مراجعة ذلك المبلغ ورفعه بحديه الأدنى والأقصى بما لا يقل عن 50 دينارا ولا يزيد على 300 دينار.
وعالج المشروع القصور الذي أظهره التطبيق العملي لنصوص القانون من عدم قدرة المؤسسات المصرفية ووكالات المقاصة من الحجز على أموال المدين بسبب أن ورقة الإعلان بالحجز والتقرير بما في الذمة أرسلا في وقت لا يوجد في الحساب المخصص للمدين أي أموال، الأمر الذي جعل المدين المماطل في السداد يتفادى إيقاع الحجز على الحسابات من خلال إجراء حوالات للأموال فور توفرها أو سحبها، معرقلا في ذلك عملية الوفاء. فنص على استبدال كل من المادتين 227 فقرة ثانية و230 بند هـ، ونص على التزام المحجوز لديه عقب تقريره بما في ذمته بالحجز على ما يضاف من أموال للمدين أو أرصدة دائنة له.
وفي سبيل الاقتصاد في إجراءات التنفيذ المتخذة رؤي أن يكون تكليف المحجوز لديه بالتقرير بما في الذمة بإدارة التنفيذ التابع لها ملف التنفيذ بدلا من النص القائم الذي جعل ذلك بإدارة كتاب المحكمة الكلية.
كما استبدلت المادة الأولى نص المادة 293 من قانون المرافعات المشار إليه.
وأعاد المشروع في مادته الثانية عندما نص على إضافة مواد جديدة بأرقام 204 مكررا و204 مكررا أ و292 و293 مكررا و294 و295 و296 نظام الضبط والإحضار وحبس المدين المماطل في الوفاء والذي ألغي بموجب القانون رقم 71 لسنة 2020 المشار إليه، والذي بإلغائه أدى إلى سقوط كافة الأوامر ودون التفرقة بين المدين المفلس - الذي لا تسري عليه أحكام حبس المدين لثبوت عدم مقدرته على الوفاء - وغيره من المدينين ذي الملاءة المالية والمتعنتين في السداد، في حين ان هذا النظام يعتبر من أهم الوسائل التي يلجأ إليها الدائن لحث مدينه الموسر على السداد.
وليس في تبني نظام الضبط والإحضار وحبس المدين أدنى مخالفة للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها دولة الكويت، إذ إن تلك الاتفاقيات تحظر حبس المدين العاجز عن سداد ما عليه من التزامات مالية، فعلى سبيل المثال تنص المادة 11 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي صادقت عليه دولة الكويت وصدر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 بأن «لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي»، وكذلك المادة 18 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان الذي تمت المصادقة عليه بموجب القانون رقم 84 لسنة 2013 والتي جاء فيها «عدم جواز حبس شخص ثبت إعساره عن الوفاء بدين ناتج عن التزام تعاقدي» والمشروع يتفق مع هذا التوجه وأحاط إصدار أمر الضبط والإحضار والحبس بسياج من الضمانات، وفي مطلعها هو شرط يسار المدين وقدرته على الوفاء وأن تقوم ملاءته كليا على أموال يجوز الحجز عليها.
ونصت المادة 204 مكررا على الإجراءات التي يجوز لمدير إدارة التنفيذ أو معاونيه من القضاة اتخاذها حيال المدين الممتنع عن الوفاء، ومن ضمنها طلب كشف ببيان ما للمدين من منقولات أو عقارات أو أي حق مالي آخر قائم أو مستقبلي لدى الجهات الحكومية أو المؤسسات المصرفية أو شركات الاستثمار ووكالات المقاصة أو غيرهم سواء عن فترة زمنية لاحقة أو سابقة على صدور السند التنفيذي، وذلك لبيان التصرفات على هذه الأموال واسم المتصرف إليه حتى يمكن الدائن من معرفتها وإقامة الدعوى المناسبة أمام القضاء إذا كان لها مقتضى لإدخال هذه الأموال في الضمان العام للدائنين. بيد إن اعتبارات تحصيل الدين وتعقب الأموال المتصرف فيها يجب ألا تتجاوز الضرورة التي تقتضيها الكشف عن هذه البيانات المالية، وذلك حماية للحق في الخصوصية وسرية البيانات، ومن ثم لم يجز المشروع أن يرتد الكشف عن البيانات إلى فترة زمنية سابقة على الواقعة المنشئة للدين. وأتاحت المادة لإدارة التنفيذ إخطار شركة المعلومات الائتمانية بواقعة عدم الوفاء لقيدها في السجل الائتماني للمدين لإيضاح مقدرته الائتمانية عند تعامله مع الأشخاص الاعتبارية وأخصها الشركات والمؤسسات التجارية التي تقوم بمنح تسهيلات ائتمانية بأي صورة كانت.
وعالجت المادة 204 مكررا أ المحاولات التي يقوم فيها المدين بالتصرف في أمواله على نحو يضعف مركزه المالي ويضر بالدائن، محاولا في ذلك الظهور بحالة إعسار حتى يتجنب الإجراءات التنفيذية المتخذة تجاهه، بأن أناطت المادة بإدارة التنفيذ سلطة وقف التعامل على الأموال إذا تصرف فيها بغير عوض أو بأقل من سعرها أو قيمتها التي تتداول فيها بالسوق بفارق ملحوظ، سواء أكان التصرف قبل أو بعد إصدار السند التنفيذي، مادام حصل بعد تاريخ نشوء الدين الذي يجري اقتضاؤه.
ورتب المشروع جزاء اجرائيا باعتبار أمر وقف التعامل كأن لم يكن إذا قعد الدائن عن إقامة دعوى عدم نفاذ التصرفات خلال أسبوع يبدأ من اليوم التالي لصدور الأمر أو أقامها وشطبت أو قضي باعتبارها كأن لم تكن أو سقطت الخصومة فيها أو انقضت.
وأن هذا الوقف في التعامل على الأموال في حال توافر شروطه لا يعني بأي حال من الأحوال تجريد المتصرف إليه منه، وإنما غاية الأمر إيقاف سلسلة التصرفات وتشابكها لحين الفصل في الدعوى الموضوعية المتعلقة في المال، ويكون للمحكمة المختصة صلاحية وقف الأمر في أي حالة كانت عليها الدعوى.
وأهم ما أضافه المشروع على التنظيم السابق الخاص بحبس المدين عندما أعاد المواد أرقام 292 و294 و295 و296 وأضاف نص المادة 293 مكررا إلى قانون المرافعات المدنية والتجارية سالف الإشارة، إلزام إدارة السجن بأن تنفذ أمر الحبس بمعزل عن المسجونين في القضايا الجزائية لعدم اختلاط المدينين بهم، وأن تهيئ بالتعاون مع إدارة التنفيذ ما يمكن المدين من الوفاء الفوري بديونه أو تسويتها.
وإنه يمتنع إصدار أمر الحبس إذا لم يتجاوز عمر المدين الحادي والعشرين مراعاة بأنه لم يكتمل سنة الأهلية القانونية، ويمتنع حبس المرأة المدينة إذا كانت حاملا والمريض الذي لا يتحمل معه الحبس، وأخيرا أنه لا يقبل من المدين ادعاء عدم القدرة على الوفاء إذا تصرف في أمواله أو أخفاها بقصد الإضرار بالدائن واستحال على الدائن التنفيذ على تلك الأموال.
ونصت المادة الثالثة من مشروع المرسوم بقانون الماثل على إلغاء كل حكم يخالف أحكامه.
كما الزمت المادة الرابعة منه الوزراء كل فيما يخصه بتنفيذ أحكامه، على أن يعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.