ما تقوم به اثيوبيا حاليا ـ كما هو واضح للجميع مراقبين ومحللين متابعين وقراء ـ هو دور مرسوم وتقوم بتنفيذ أجندة محددة ومعينة، لكن من وراء اثيوبيا ومن أمامها لا يعرفون قوة صبر المصريين وإرادتهم وعزيمتهم خصوصا عندما يتعلق الأمر بحقهم في الحياة.
نعم، إنها معركة على كل المستويات، معركة لا تخلو من المناورات والتحديات الجسيمة لكن مصر قادرة عليها ولها وستنتصر بفضل الله ومنته، وإن دقت طبول الحرب كنا لها، وإذا فرض علينا القتال فنحن أهله، فمصر وإن طال صبرها لا يمكن أن تفرط في حق من حقوقها، فأرض العرب إذا انفجرت ابتلعت غازيها.
لقد أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من حرب محتملة ستكون هي الأكبر في التاريخ المعاصر، دفاعا عن حق مصر في البقاء في الحياة أمام من يستهدف تركيع مصر تنمويا والتحكم فيها وفي قراراتها خصوصا بعد ان اعاد لها هيبتها الرئيس عبدالفتاح السيسي.
الجميع يرى ان عقبة سد النهضة هي الأصعب في مسيرته، ونحن كلنا ثقة في الله ثم في كفاءة المؤسسة المصرية على إدارة تلك الأزمة لتقدم للعالم من جديد درسا جديدا في الإدارة المميزة للازمات، فالقرار الأصعب في الحلقة المفرغة هل ستنتصر الديبلوماسية السياسية في رأب الصدع وحل المعضلة بعد سنوات طوال من المفاوضات الفاشلة والملتوية والمواربة والمتلونة؟
جميع المحللين السياسيين اكدوا أنه لا مجال للحل السلمي والتوصل الى اتفاق يرضي الطرفين، والجميع يترقب كيف ستتصرف مصر هل ساعة الحسم قادمة؟! نعم، نرى أنها آتية وقادمة ليصحو العالم كله على حرب جديدة ستأكل الأخضر واليابس، وربما تتغير فيها انظمة وتتهاوى حكومات بعيدة عن البلدين المتنازعين، نعم، نحن نعيش في زمن طغاة يتحكمون في مصير دول بأكملها، نعيش زمن الرويبضة، زمن القيادات المغرورة، زمن من يترك شعبه يجوع ويموت عطشا ومرضا ويسخر نفسه لمحاربة الآخرين بالوكالة.
واحد من هؤلاء سيشعل حربا ضروسا سيتحدث عنها العالم سنوات طوالا، سيذكره التاريخ بأبشع سجلاته وفي احقر صفحاته، وستبقى مصر شامخة رغم المؤامرات قادرة على تحطيم أي سد وقادرة على إزالة العدوان بالقوة الغاشمة إذا اعتدى على حقوق ازلية وتاريخية وغرافية وطبيعية.
القضية ليست قضية حرب وهدم سد، كلا القضية اكبر وأعمق هوة «فالشق عود» كما يقول اهلنا في الخليج شرخ لن يلتئم مع الزمن في قلب القارة الافريقية، فالدفاع عن المياه هو دفاع عن الحياة.
150 مليون مصري وسوداني لم يطلبوا إلا حق الحياة، الحرب إذا اقبلت ستكون دمارا شاملا، وأقول لمن سعى إليها اخلع عباءة البطولة الزائفة التي ترتديها فأنت أمام رجال لا يخافون إلا الله، رجال لا يهابون الموت من أجل وطنهم.