نصب المرشد الأعلى الايراني علي خامنئي امس، المحافظ إبراهيم رئيسي رئيسا جديدا للجمهورية الايرانية، ليبدأ عهدا سيواجه فيه تحديات أزمة اقتصادية وتجاذبا مع الغرب لاسيما بشأن العقوبات الأميركية والمباحثات النووية.
ويخلف رئيسي المعتدل حسن روحاني الذي شهد عهده (2013-2021) سياسة انفتاح نسبي على الغرب، كانت أبرز محطاتها إبرام اتفاق فيينا 2015 بشأن البرنامج النووي مع ست قوى كبرى. وانسحبت واشنطن أحاديا من هذا الاتفاق عام 2018، معيدة فرض عقوبات قاسية انعكست سلبا على الاقتصاد الإيراني.
وأكد رئيسي الفائز في انتخابات يونيو، أنه سيعمل على رفع العقوبات الغاشمة «على حد قوله»، لكن مع عدم ربط تحسين الوضع الاقتصادي بـ«إرادة الأجانب». وقال «نحن نسعى بالطبع الى رفع الحظر الجائر، لكننا لن نربط ظروف حياة الأمة بإرادة الأجانب»، مضيفا «لا نرى أن الوضع الاقتصادي للشعب ملائم، بسبب عدائية الأعداء وأيضا بسبب المشكلات والثغرات في داخل البلاد».
وأكد رئيسي أن رسالة الشعب في انتخابات 18 يونيو تكمن في ضرورة حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمع، وقال: هذه كانت الرسائل التي أطلقها الشعب بأصواتهم الانتخابية ودعا الحكومة إلى تحقيق العدالة للشعب ووضع حد للروابط الإدارية الخاطئة والمحسوبية والمناهضة للقيم.
وتابع قائلا: كانت رسالة الشعب هي تغيير الوضع الراهن من حيث الاقتصاد والتضخم الذي بلغ أكثر من 44% ونمو السيولة النقدية في هذه السنوات وتضاعف الديون الحكومية ثلاث مرات، والمشاكل التي أثرت على حياة المواطنين ومعالجة عجز الموازنة، ولا نرى وضعا مناسبا للشعب.
وأقيمت مراسم التنصيب التي بثها التلفزيون الرسمي مباشرة، في حسينية الإمام الخميني ضمن مجتمع الهيئات المرتبطة بمكتب المرشد وسط طهران. وتلا مدير مكتب خامنئي حكم «تنفيذ رئاسة الجمهورية»، وفيه «مع التوجه بالشكر الى الناس الأعزاء، وتبعا لتصويتهم وانتخابهم العالم الحكيم الذي لا يعرف الكلل، ذا الخبرة والشعبية، أنصب حجة الإسلام السيد إبراهيم رئيسي رئيسا لجمهورية إيران الإسلامية»، وفق ما نشره الموقع الالكتروني للمرشد الأعلى.
وقام خامنئي إثر ذلك بتسليم نص الحكم الى رئيسي خلال المراسم الذي حضرها كبار المسؤولين، بمن فيهم روحاني، قبل أن يلقي الرئيس الجديد كلمته.
ورأى خامنئي أن «الثغرات والمشكلات كثيرة لكن البلاد تتفوق بمقدراتها على هذه المشكلات»، معتبرا أن «حل المشكلات الاقتصادية يتطلب وقتا ولا يمكن أن يتم في وقت قصير وبين ليلة وضحاها».
وطلب من الرئيس الجديد والبرلمان العمل سريعا على تشكيل الحكومة. ولم يتطرق المرشد الأعلى في خطابه امس، الى السياسة الخارجية، قائلا إن لديه «بعض الملاحظات سنتشاركها (مع الرئيس الجديد) في اجتماعات مقبلة».
واعتبر خامنئي ان انتقال السلطة يبعث على الأمل لأن الاشخاص الجدد يأتون بإبداعات جديدة، وبهذا تتوافر الفرصة لكل من يحملون دوافع الخدمة وخاصة الشباب. ودعا المرشد الى منح الفرصة لذوي الخبرة واصحاب الفكر لتقييم الماضي وتشخيص الاخطاء السابقة ووضع البدائل الصحيحة.
كما دعا الرئيس الجديد الى التمسك بشعاراته الانتخابية في الاعتماد على القيم الاساسية للثورة وتحقيق العدالة ومحاربة الفساد والاندماج مع الشعب والاستماع اليه، وتطبيق هذه الشعارات في الواقع العملي.
وغدا، سيؤدي رئيسي (60 عاما) اليمين الدستورية أمام مجلس الشورى (البرلمان) الذي يهمين عليه المحافظون كثامن رئيس منتخب منذ بداية الثورة الاسلامية في ايران لمدة اربع سنوات، في خطوة يتبعها تقديم أسماء مرشحيه للمناصب الوزارية من أجل نيل ثقة النواب على تسميتهم.
ويقول الباحث في المعهد الجامعي الأوروبي في إيطاليا كليمان تيرم لوكالة فرانس برس، إن هدف رئيسي الأساسي «سيكون تحسين الوضع الاقتصادي من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية بين الجمهورية الإيرانية والدول المجاورة»، عبر «تأسيس نظام اقتصادي يحمي النمو الاقتصادي لإيران، من الخيارات السياسية الأميركية»، ويعزز تبادلاتها مع الجوار وروسيا والصين.
في الاثناء، قالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية إن حريقا نشب في مصنع للبتروكيماويات بجنوب غرب إيران امس، غير أن مسؤولا محليا قال إن الحريق لم يتسبب في أي إصابات. وأضافت الهيئة نقلا عن مدير ميناء ماهشهر أن الحريق شب في مستودع نفايات بمصنع في المنطقة الاقتصادية الخاصة للبتروكيماويات. وقال مدير الميناء وفقا للتقرير «لحسن الحظ لم تحدث إصابات ويجري التحقيق لمعرفة سبب الحادث».
من جهة اخرى، قال مسؤول إيراني لوكالة نور نيوز شبه الرسمية امس، إن طهران لن تواصل خططها لتبادل السجناء مع الولايات المتحدة، متهما واشنطن بفعل «مخالفات» تتعارض مع جهود الإفراج عن المحتجزين.
وقال المسؤول الذي لم تذكر الوكالة اسمه «مع استمرار مخالفات إدارة بايدن، لا يوجد حافز لدى إيران لمواصلة هذه العملية، ومن ثم ستحذف قضية التبادل بهيئتها الحالية من جدول الأعمال تماما».