في السابق، عندما كنا نرى هذا العنوان في الصحف كـ«مانشيت» نشعر بالفزع والقلق وتصبح القضية حديث الناس في كل مكان وشغلهم الشاغل، ويستمرون أياما وأسابيع في متابعة أحداث وأسباب هذه الجريمة من خلال تغطيات الصحف وتصويرها للقاتل في مسرح الجريمة بصحبة رجال النيابة والشرطة، وكانت الصحف تنفد من أماكن البيع بسبب شغف الناس وشدة درجة الغرابة مما حدث لأنهم بالفعل لم يعتادوا على مثل هذه الجرائم البشعة.
اليوم الأمر اختلف تماما، وأصبح الوضع عاديا ولم يعد يحرك مشاعر الناس وتفاعلاتهم، لأن مثل هذه الجرائم تقع وتحدث بشكل شبه يومي، والمصيبة أن معظمها تكون أسبابها تافهة بسبب الخلاف على موقف سيارة أو تعدي أحدهم على دور الآخر في الطابور وغيرهما من الأسباب التي لا يمكن أن يصل بها الحال إلى القتل.
فهل هناك خلل؟ هل هو في البشر أنفسهم أم في القانون وكيفية تعامله مع مثل هذه القضايا الخطرة؟ الأمر لا شك يحتاج إلى دراسة من كل الجوانب لمعرفة أماكن القصور سواء كان في سلوكيات الناس أو في القوانين الجزائية ودرجات العقوبات المنصوصة وكيفية تعديلها وتغليظها لكي تتناسب مع فظاعة هذا الحدث الجلل.
ما الذي جعل أرواح الناس رخيصة إلى هذه الدرجة؟ كيف نصلح ونرمم أجساد وقلوب ونفوس الناس المقهورة والمنكوبة لبعض الأسر وأولياء الأمور الذين فقدوا فلذات أكبادهم من أولاد أو بنات، منهم من هو في سن المراهقة والشباب، وأيضا في المقابل هناك أرباب أسر تعرضوا للضرب والقتل بدم بارد وتيتم أبناؤهم، مَن يعوض هؤلاء بالله عليكم؟ كيف يعيشون حياتهم بعد فقدهم أعز ما يملكون؟
إن الوضع محزن وبشع وعملية التهاون فيه وترك الحبل على الغارب ستكون عواقبه وخيمة، ويجب على الحكومة التحرك سريعا بالتعاون مع مجلس الأمة ووضع التشريعات الحاسمة والحازمة بصفة مستعجلة قبل استفحال هذه القضية وانتشارها بشكل يصعب مقاومته، وزارة الداخلية تقوم بجهد كبير من خلال أجهزتها المختلفة وإجراءاتها في عملية متابعة وضبط المجرمين والتحقيق معهم وتقديمهم للعدالة، إلا أنها لا تستطيع منع الجريمة قبل وقوعها، وما يحد من حدوث مثل هذه الجرائم هي العقوبات الرادعة التي تتمثل بعقوبة الإعدام شنقا لكل من يثبت عليه القتل العمد وعرضة أمام الناس ليصبح عبرة وحتى يرتدع كل من في قلبه مرض وضغينة تجاه الآخرين، هل ستستمر مثل هذه الجرائم أم أنها بإذن الله ستنحسر وتتلاشى وتختفي عن مجتمعنا؟ هذا ما يتمناه الجميع.
[email protected]