أدلى الناخبون القطريون بأصواتهم بكثافة امس في أول انتخابات تشريعية في تاريخها لانتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشورى بموجب الدستور الصادر في 2004 والذي استفتي عليه عام 2003 بهدف تطوير عملية التشريع بمشاركة أوسع من المواطنين، وذلك لاختيار ٣٠ عضوا من أعضاء المجلس المؤلف من 45 عضوا.
وتنافس في الانتخابات 284 مرشحا منهم 28 امرأة موزعين على 30 دائرة انتخابية تمثل مختلف مناطق البلاد لشغل 30 مقعدا في مجلس الشورى، بينما يعين أمير قطر 15 نائبا في المجلس.
وشهدت اللجان الانتخابية إقبالاً كبيراً قبل إغلاق الصناديق في الساعة السادسة مساء أمس بالتوقيت المحلي.
وقالت منيرة، وهي مؤلفة كتب أطفال، لـ «رويترز»: «مع امتلاك فرصة التصويت، أشعر بأن هذا فصل جديد».
وأضافت «أنا سعيدة حقا بعدد النساء المرشحات في الانتخابات».
وقال خالد المطوع، وهو مرشح في حي المرخية، إنه يخوض هذه التجربة لأول مرة حيث يلتقي بأناس يتحدثون بشأن الأمور التي يحتاج اليها القطريون.
وتابع أن الهدف في النهاية هو تطوير المجتمع وبذل أقصى الجهود لمساعدة الشعب والحكومة.
وفي الخور، شمال العاصمة القطرية، حيث توافد الناخبون للتصويت لمرشح من أصل 13 عن الدائرة، قال راشد عبداللطيف المهندي (37 عاما) لـ «فرانس برس»: «هناك عدد كبير من المرشحين في الخور ولكن بالنسبة لي اهم شيء في الاختيار هو الكفاءة سواء كان من العائلة أو من غير العائلة».
وأضاف «لم أجد صعوبة في الاختيار رغم كثرة عدد المرشحين، وقمت بالتصويت للشخص الذي أرى أنه يستحق أن يكون في هذا المكان».
وأجريت عملية الاقتراع وسط إجراءات تأمينية مشددة، مع اتخاذ تدابير صحية وقائية ضد وباء «كوفيد-19» تتعلق بارتداء الكمامات وتحقيق التباعد الاجتماعي وفق خطة وزارة الصحة القطرية.
وخضعت الانتخابات لإشراف قضائي داخل كافة الدوائر، ويعد فائزا المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات الصحيحة، وإذا تساوت الأصوات بين أكثر من مرشح، فتقترع اللجنة الانتخابية للاختيار بينهم.
ويتمتع بحق الانتخاب كل المدنيين والعسكريين الذين تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها في القانون ومنها أن يكون كامل الأهلية وألا يكون قد صدر ضده حكم نهائي في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره.
هذا، ودخل المرشح حسن عبدالله الغانم التاريخ القطري باعتباره أول مرشح يعلن عن فوزه بمقعد الدائرة الانتخابية الخامسة بالتزكية لعدم وجود مرشح آخر في مواجهته ليكون أول عضو في المجلس المنتخب.
وأصدر صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر في يوليو الماضي قانونا خاصا بنظام انتخاب أول مجلس للشورى يتم بالاقتراع المباشر في تاريخ البلاد، وكذلك مرسوما يحدد الدوائر الانتخابية لمجلس الشورى ومناطق كل منها.
وكان أمير قطر قد قال في الثالث من نوفمبر عام 2020 حينما اعلن عن موعد عقد الانتخابات أن لدى قطر نظام راسخ متجذر في بنية المجتمع ومتداخل معها «وهو ليس تعددية حزبية بل هو نظام إمارة مستند إلى تقاليد راسخة من الحكم العادل والرشيد المرتبط بالشعب بالمبايعة وعلاقات الولاء والثقة المتبادلة والتواصل المباشر بينه وبين المجتمع».
وخصصت وزارة الداخلية القطرية بالتنسيق مع وزارة الثقافة والرياضة عددا من صالات الأندية الرياضية والمراكز الشبابية لإقامة الندوات وعرض البرامج الانتخابية للمرشحين فيما دشنت المؤسسة القطرية للإعلام موقعا إلكترونيا يتيح للمرشحين الظهور إعلاميا عبر منابر إعلامية متعددة بفرص متكافئة ومتساوية وتقديم أنفسهم وبرامجهم لجمهور الناخبين.
ويعد مجلس الشورى الهيئة التشريعية في قطر ويدعم جهود السلطة التنفيذية في بناء دولة المؤسسات وسيادة القانون عبر تقديم المقترحات والتصورات ومشاريع القوانين للحكومة ومناقشتها وكذلك القيام بالدور الرقابي الذي يسهل من عمل الحكومة ويساعدها في تحديد مواطن الخلل والتقصير.
ويرجع تاريخ مجلس الشورى في قطر إلى 19 أبريل من عام 1972 حينما صدر النظام الأساسي لتنظيم هياكل ومؤسسات الدولة الحديثة ومن بينها مجلس الشورى وذلك بعد أن حصلت البلاد على استقلالها في الثالث من سبتمبر عام 1971.
وتمثل انتخابات مجلس الشورى استحقاقا دستوريا حيث نص الدستور القطري على المشاركة الشعبية في صنع القرار، الأمر الذي يتماشى مع رؤية قطر الوطنية 2030 التي تستثمر بالإنسان وتشجعه على الانخراط بالشأن العام فيما سيكون لهذا المجلس صلاحيات تشريعية واسعة وسلطات رقابية على الحكومة والسلطة التنفيذية.
وسيسهم مجلس الشورى في غرس الشعور بالمشاركة الشعبية والجادة في صنع القرار وإدارة وتصريف الأمور ويعكس الإحساس والشعور بالمساواة وحرية الرأي وتفعيل النقد البناء لمجريات الأمور من خلال رصدها ومتابعتها واستشعارها وذلك من خلال مناقشة المشكلات والقضايا والموضوعات العامة وتبادل الرأي حولها.