- خدمة الدين والوطن لا تفرق بين الذكر والأنثى.. والتاريخ الإسلامي حافل بنماذج مضيئة لنساء شاركن في الحروب من عصر الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين
- د.نورية الخرافي: موقف الرسول من مشاركة الصحابيات بالحروب فيه رد كاف على المعارضين
- لولوة الملا: أصوات رجعية ترفض إجازة مشاركة المرأة عسكرياً وكُثر من الصحابيات شاركن في الحروب
- د.ندى المطوع: دخول النساء في السلك العسكري يصب في خانة تمكين المرأة والاستفادة من قدراتها
- كوثر الجوعان: كلنا كلنا وزير الدفاع.. وأين كان المعارضون من المرأة المقاومة والأسيرة والشهيدة؟
- نجاة الحشاش: نقطة تحول في مجال تعزيز مكانة المرأة والاعتراف بقدراتها على خدمة بلدها بكل المجالات
- نبيلة العنجري: الجيوش المقبلة ستعتمد على الذكاء الاصطناعي وأمن المعلومات والمرأة قادرة على ذلك
دارين العلي
أثار قرار نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي بشأن السماح بدخول المرأة لصفوف الجيش، موجة من المواقف المتضاربة بين المؤيد لهذا القرار والمعارض له، وراح كل طرف يسوق العديد من المبررات لرأيه حول دخول المرأة في السلك العسكري.
وبينما خرجت العديد من الأصوات الرافضة لهذا القرار مبدية مبررات دينية وأخرى عسكرية لهذا الرفض بحسب وجهة نظرهم، برز في المقابل رأي مغاير يؤكد أحقية النساء في الانخراط بالسلك العسكري لا سيما في الجيش.
«الأنباء» استطلعت رأي عدد من الشخصيات النسائية العامة حول هذه القضية، فوجدنا منهن تأييدا كبيرا لقرار السماح بدخول المرأة للجيش، وعززن رأيهن بأن المرأة التي استطاعت أن تدافع بالتضحية بنفسها عن أرض الوطن لابد وأنها قادرة على أن تدخل إلى الجيش لإكمال مسيرتها في هذا المجال.
وعددت هذه الشخصيات، في تصريحات خاصة لـ «الأنباء»، تضحيات المرأة في سبيل الوطن على مدى تاريخ الكويت، وكان من أبرزها مشاركتها في مواجهة الغزو العراقي بكل ما أوتيت من قوة، وذكرن بأسماء الشهيدات والأسيرات والمشاركات في مقاومة العدو، كما تطرقن إلى قدراتها وإنجازاتها في الكثير من المجالات الأخرى، وهو ما يؤهلها بجدارة واستحقاق لدخول الجيش، فإلى التفاصيل:
بداية، قالت أستاذة علم النفس في جامعة الكويت د.نورية الخرافي إن موضوع تجنيد المرأة في الجيش ليس بجديد عليها وعن المرأة المسلمة بالذات.
وأشارت إلى أن التاريخ الإسلامي يخبرنا بأن النساء كن يشاركن في الغزوات والحروب وخير مثال على ذلك كما ورد في كثير من التفاسير منها تفسير الطبري عن الصحابية أم عمارة التي كانت تحمي الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد عندما ارتبك المسلمون وكان يقول صلى الله عليه وسلم «ما التفت يمنة ولا يسرة إلا وجدت أم عمارة»، إن موقف أم عمارة اليوم أفضل من موقف فلان وفلان، واستمرت في المشاركة في جميع الغزوات إلى حروب الردة التي حارب خلالها أبو بكر الصديق مانعي الزكاة وقطعت ذراعها، وهناك أيضا رفيدة الأسلمية الصحابية الطبيبة التي كانت تنصب خيمتها الطبية في ميدان الحرب لتداوي الجرحى، والكثير من النساء كن يسقين الجرحى ويطعمن المجاهدين في سبيل الله، ولم يمنعهن الرسول صلى الله عليه وسلم من الانضمام إلى ساحات الحروب، فخدمة الدين والوطن لا تفرق بين الذكر والأنثى.
إدارة المظاهرات
وأضافت د.الخرافي: لاننسى أن لدينا شهيدات وأسيرات خلال الغزو الصدامي للكويت، أليس استشهادها وأسرها إلا لأنها كانت تقاوم العدو وتحاربه؟ مشيرة إلى انه لم يكن لدينا جيش منظم في تلك الأيام ولكن الفتيات والسيدات قاومن العدو كل بحسب ما تستطيع عمله، فأول مظاهرة دارت في شوارع الكويت لمقاومة العدو كانت مظاهرة نسائية، لم تخش النساء العدو ولا الموت، بل كن يرددن «العيش بكرامة أو الموت بشرف».
متسائلة: من الذي ضرب بغداد أثناء الحرب الجوية بالطائرات غير النساء؟ ولفتت إلى أن الكثير من جيوش العالم تضم نساء، وهناك أدوار متعددة في الجيوش منها طبيبات وممرضات ومثقفات وعاملات في العلاقات العامة وغيرها كثير، فالعمل في الجيش ليس قاصرا على الحروب.
أما فيما يتعلق بما يجري تداوله عن عدم أحقية المرأة للعمل بهذا القطاع فلفتت إلى أن الإشارة إلى الصحابيات وموقف الرسول الكريم من مشاركتهن بالحروب فيه رد كاف على أصحاب هذا الرأي.
وقالت إن كل مهنة جديدة تكلف بها المرأة في الوقت الحاضر تواجه بالترحيب من البعض والمعارضة من البعض الآخر أولها حق المرأة في الانتخاب والترشح، ثم عملها في الشرطة، وعملها في النيابة ثم عملها قاضية، والآن جاء الدور على عملها في الجيش، ولكن دائما التقدم يفرض نفسه.
تأمين فرص وظيفية
من جهتها، أثنت عضو مجلس الأمناء في كلية العلوم والتكنولوجيا د.ندى المطوع على قرار السماح بدخول المرأة في السلك العسكري وتحديدا إلى الجيش، لافتة إلى أنه يصب في خانة تمكين المرأة والاستفادة من قدراتها.
وقالت إن المرأة الكويتية أثبتت مكانتها وقدراتها في جميع المجالات وفتح الباب لها للالتحاق بشرف الخدمة العسكرية ليس فقط إيجاد فرص عمل لها وتمكينها وإنما أيضا نظرا للقناعة الراسخة لدى القياديين بأهمية ما يمكن أن تقدمه المرأة في مجال حماية الوطن.
واستنكرت جميع الأصوات الرافضة لهذا القرار الذي يؤمّن فرصا وظيفية للمرأة ويمكنها من العمل في المؤسسات كافة بما يشمل الأمنية منها وإفساح المجال أمامها للإصلاح والتنظيم الإداري متسائلة عن عدم تعليق هؤلاء الرافضين على زيارة «وزيرة الجيوش» الفرنسية والتي زارت الكويت عام 2018 وتم استقبالها أفضل استقبال كما اعتادت الكويت استقبال زوارها.
وشكرت المطوع وزير الدفاع على هذا القرار الذي يضع المرأة في مكانتها المناسبة جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل لحماية الوطن وأمنه ومقدراته.
معارك إسلامية
من جهتها، قالت رئيس الجمعية الثقافية النسائية لولوة الملا: إننا لا نحتاج لأن نناقش قدرة المرأة من عدمها، فهذه المرحلة تم تجاوزها، لافتة إلى أنه وللأسف هناك بعض الأفكار الرجعية التي تروج بأن الإسلام لا يجيز مشاركة المرأة في الحروب.
وردت الملا على هؤلاء بأن النساء شاركن في الحروب مع الرسول الأكرم بذكر الصحابية أم عمارة وهي أول محاربة في الإسلام وقد قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم «ما التفت يمينا أو شمالا إلا وأنا أراها تقاتل دوني».
وذكرت كذلك أسماء بنت يزيد (أم سلمة)، وقد شاركت مع النبي الكريم في غزوة خيبر وكذلك في حرب المسلمين على الروم في معركة اليرموك وكانت زعيمة للنساء المشاركات في الحرب.
المرأة المقاومة
من جهتها، أكدت القانونية كوثر الجوعان تأييدها ودعمها الكامل لقرار انخراط المرأة في السلك العسكري وتحديدا بالجيش كونها لم تتخاذل يوما في الدفاع عن أرض الوطن بل امتزجت دماؤها بترابه إبان مقاومتها الاحتلال العراقي.
وأكدت أن الشريعة الإسلامية والدستور الكويتي منحا المرأة الحقوق وشجعاها على دخول كل الميادين بما فيها الميدان العسكري.
وانتقدت مهاجمي قرار دخول المرأة إلى الجيش، متسائلة عن موقفهم من امتزاج دم المرأة الكويتية المقاومة بتراب الوطن مع أخيها الرجل، فهي المقاومة والأسـيـرة والـجـريحة والشهيدة ولم تقصر ببذل كل ما لديها من أجل الوطن فلماذا لا تكون جنديا يسهر على أمنه وسلامة مواطنيه.
وأكدت الجوعان أن هذا القرار يعتبر جريئا من رجل جريء يدرك أهمية دخول المرأة السلك العسكري وقدرتها على التعامل مع جميع المواقف ويجب الاعتماد عليها كأخيها الرجل في جميع الميادين قائلة: «كلنا كلنا وزير الدفاع».
تمكين المرأة
بدورها، أثنت رئيسة جمعية السعادة والإيجابية الكويتية نجاة الحشاش على قرار وزير الدفاع بالسماح بدخول المرأة في السلك العسكري وتحديدا في الجيش لما لذلك من أهمية في تمكين المرأة وإظهار قدراتها سواء في المجالات الأمنية أو السياسية.
وقالت إن المرأة كما كانت المقاومة أيام الاحتلال العراقي يمكنها أن تدافع عن أرض الوطن في أي مكان كانت بعدما امتزجت دماؤها بترابه وهي قادرة على تأدية وظيفتها بشكل كامل سواء إداريا أو عسكريا.
ولفتت إلى أن هذا القرار وبغض النظر عن رافضيه يشكل نقطة تحول في مجال تعزيز مكانة المرأة والاعتراف بقدراتها في خدمة بلدها في أي موقع كان، لافتة إلى أنه ليس هناك أي مبرر لرفض وجود المرأة في السلك العسكري وقد أثبتت تفانيها وعزمها على الحفاظ على أرض الوطن في مختلف الأوضاع.
الطريق الصحيح
بدورها، تحدثت وكيلة الوزارة لشؤون السياحة سابقا نبيلة العنجري عن القرار كخطوة تضع المرأة الكويتية في طريقها الصحيح وهو ليس أمرا خارجا على المألوف بالنسبة لها حيث عاشت هذه التجارب في مجالات متنوعة منذ أكثر من 30 عاما في دفاعها عن الوطن أثناء الغزو العراقي وكذلك أثناء قيادتها للتظاهرات في هذا الشأن.
وقالت إن المرأة الكويتية ومنذ ما قبل الغزو كانت موجودة في المجال الأمني عبر خضوعها لدورات الدفاع المدني في المدارس الثانوية لتعليم الفتيات ومنذ الستينيات كانت هناك فرق الزهرات والمرشدات لتعليم الفتيات بعض التجارب المتخصصة في المجالات العسكرية، إذ ليس فقط من يحمل السلاح هو عسكري.
الذكاء الاصطناعي وأمن المعلومات
وأكدت أن الحروب والجيوش في المرحلة المقبلة لن تعتمد على الدبابة والسلاح المحمول في المقام الأول بل على السلاح الإلكتروني والأسلحة الكيماوية متناهية الصغر، وحتما يجب الاستفادة من النساء المتخصصات في مجال الذكاء الاصطناعي وأمن المعلومات في مختلف الميادين.
وشددت على أن المرأة الكويتية سواء من الطبيبات أو المهندسات أثبتن قدرتهن على العمل جنبا إلى جنب مع أخيهن الرجل في بناء الصروح الكبيرة والإنجازات المتميزة.
وأثنت على خطوة وزير الدفاع معتبرة الأصوات المعترضة على القرار ما هي إلا للظهور الإعلامي للبعض ممن غابوا عن الساحة باستغلال قضايا المرأة الكويتية في ذلك.
«التحالف الوطني»: القرار انتصار للمرأة وتصحيح لوضع خاطئ استمر عقوداً
رحب التحالف الوطني الديموقراطي بقرار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ حمد جابر العلي بفتح باب التسجيل للمواطنات الكويتيات للالتحاق بشرف الخدمة العسكرية كضباط اختصاص وضباط صف وأفراد وذلك في مجال الخدمات الطبية والخدمات العسكرية المساندة.
ويرى التحالف في بيان له أن هذا القرار يمثل انتصارا آخر للمرأة على الفكر المتطرف بعد دخولها السلك القضائي وتوليها منصب قاض، كما أنه تصحيح لوضع خاطئ استمر لعقود من الزمن وخالف المبادئ الدستورية التي نصت على المساواة وحاربت التمييز على أساس الجنس، وأيضا يفتح آفاق المشاركة للمرأة بجانب الرجل في تطوير قدرات الجيش الكويتي بشتى الاختصاصات.
وأكد التحالف أن التصريحات المناهضة للقرار صادرة من مجموعة غير مؤمنة بالدستور نصا ولا الديموقراطية نهجا، ومارست - ولاتزال - الإرهاب الفكري والسياسي في أكثر من محطة تاريخية ضد نضال المرأة الكويتية للحصول على حقوقها السياسية والاجتماعية، وحاولت فرض الوصاية الدينية على المجتمع الكويتي ومصادرة حقوقه الدستورية والمدنية.
وفي ختام البيان هنأ التحالف الوطني الديموقراطي المرأة الكويتية على انضمامها إلى الخدمة العسكرية، مؤكدا إيمانه بقدراتها وعطائها في خدمة الوطن بأكثر من موقع، مستذكرا بكل فخر واعتزاز مسيرة المرأة الكويتية منذ القدم ونجاحها في كل المجالات.