توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد الأفغاني بنسبة 30% هذا العام، محذرا من ان ذلك قد يفجر على الأرجح أزمة لاجئين تؤثر على الدول المجاورة وتركيا وأوروبا.
وقال الصندوق في تحديث لتوقعاته الاقتصادية الإقليمية، إنه مع توقف المساعدات غير الإنسانية وتجميد الأصول الأجنبية على نحو كبير بعدما استولت حركة طالبان على السلطة في أغسطس «يواجه الاقتصاد الأفغاني الذي يعتمد على المساعدات أزمات حادة في المالية وفي ميزان المدفوعات».
وتابع: «ويهدد الانخفاض في مستوى المعيشة بدفع ملايين الأشخاص نحو الفقر وقد يؤدي إلى أزمة إنسانية».
وأضاف الصندوق أنه كان متوقعا أن تكون للاضطرابات في أفغانستان تداعيات اقتصادية وأمنية على المنطقة والدول المجاورة، كما أنها «شجعت على زيادة أعداد اللاجئين الأفغان» من دون أن يعطي أي تقدير للأرقام المحتملة.
وتابع: «تدفق اللاجئين بأعداد كبيرة يمكن أن يشكل عبئا على الموارد العامة في الدول المضيفة ويزيد الضغط على سوق العمل مما يؤدي إلى توترات اجتماعية، ما يلقي الضوء على أهمية أن يمد المجتمع الدولي يد العون».
في غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن مبعوث الولايات المتحدة إلى أفغانستان زلماي خليل زاد استقال من منصبه أمس الأول، في خطوة تأتي بعدما فشلت الجهود الديبلوماسية التي بذلها على مدى أشهر عديدة في منع حركة طالبان من الاستيلاء على السلطة في بلده الأم.
وقال بلينكن في بيان مقتضب إن نائب المبعوث الأميركي إلى أفغانستان توماس ويست الذي كان مستشارا للبيت الأبيض حين كان الرئيس جو بايدن نائبا للرئيس باراك أوباما، سيخلف زلماي خليل زاد في منصبه. وفي كتاب الاستقالة الذي أرسله إلى الوزير بلينكن دافع خليل زاد عن الجهود التي بذلها وأقر في الوقت نفسه بفشل هذه الجهود، مؤكدا أنه يريد التنحي خلال هذه «المرحلة الجديدة» من السياسة الأميركية إزاء أفغانستان.
وقال الديبلوماسي الأميركي في كتاب استقالته، إن «الاتفاق السياسي بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان لم يسر كما كان مخططا له»، مضيفا أن «أسباب ذلك معقدة للغاية، وسوف أتشاطر وإياكم أفكاري في الأيام والأسابيع المقبلة».
وخليل زاد ديبلوماسي مخضرم ولد قبل 70 عاما في أفغانستان وتقلد مناصب رفيعة في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن، حيث عين سفيرا للولايات المتحدة في كابول ثم في بغداد ثم في الأمم المتحدة. ويتحدر خليل زاد من مزار الشريف في شمال أفغانستان ويجيد الباشتو والداري، وهما اللغتان الرئيسيتان في بلده الأم.
وتولى خليل زاد ملف العلاقة بين الولايات المتحدة وأفغانستان في 2018 بعدما عينته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مبعوثا خاصا للإشراف على المفاوضات مع حركة طالبان، وهي مفاوضات لم يشرك فيها الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في كابول.
وأثمرت المفاوضات اتفاقا تاريخيا أبرم في الدوحة في فبراير 2020 وتعهدت الولايات المتحدة بموجبه الانسحاب من أفغانستان في العام التالي.
لكن مفاوضات السلام بين طالبان وحكومة كابول لم تحرز أي تقدم يذكر، وعندما دنا موعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان انهارت في غضون أيام القوات الحكومية التي بنتها الولايات المتحدة على مدى 20 عاما.
وبدا أن الاتفاق الذي رسم معالمه خيل زاد لم يكن أكثر من مجرد سلسلة تنازلات أميركية، إذ نص على أن تغادر الولايات المتحدة أفغانستان من دون وقف لإطلاق النار ومن دون أن تضع حتى إطار عمل لأي عملية سلام مستقبلية تنهي الحرب.
وبدلا من انتزاع ضمانات من طالبان في الأشهر التي تلت الاتفاق، كثف خليل زاد الضغط على الحكومة الأفغانية فأجبر الرئاسة على إطلاق سراح آلاف السجناء التابعين للحركة الذين عززوا على الفور صفوف مسلحي الحركة.