خرجت عدة مظاهرات احتجاجية رفضا للانقلاب العسكري و«تقويض الانتقال الديموقراطي» في السودان تلبية لدعوات «مليونية 13 نوفمبر» التي أطلقتها عدة قوى بينها: تجمع المهنيين السودانيين، وبعض الأحزاب السياسية للمطالبة بعودة الحكومة المدنية وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين والالتزام ببنود الوثيقة الدستورية، حسب الوكالة السودانية للأنباء (سونا).
وقال شهود إن قوات الأمن السودانية أطلقت الغاز المسيل للدموع والرصاص الحي لتفريق المتظاهرين في العاصمة الخرطوم ومدن اخرى، ما أسفر عن سقوط ٣ قتلى على الاقل.
ورفع المتظاهرون العلم السوداني ورددوا شعارات تؤكد استمرار تصعيدهم السلمي ضد الإجراءات التي أعلنها قائد الجيش عبدالفتاح البرهان يوم 25 أكتوبر الماضي، وشملت حل مجلسي السيادة والوزراء، وفرض حالة الطوارئ.
وتصاعد الغضب في الشارع السوداني بعد إعلان البرهان تشكيل مجلس سيادة جديد برئاسته وعضوية جميع الأعضاء العسكريين في المجلس القديم وعدد من المدنيين، لكن ثلاثة من الأعضاء الذين أعلنت أسماؤهم رفضوا أداء القسم ظهر الجمعة، واصفين الخطوة بانها تشكل انقلابا على الفترة الانتقالية.
ورفع المحتجون شعارات تطالب بتسليم السلطة للمدنيين وتحقيق العدالة، وعودة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وإطلاق سراح الوزراء والسياسيين المعتقلين.
ودعا ناشطون عبر رسائل نصية ورسوم غرافيتي على الجدران، السودانيين إلى التظاهر بكثافة لإعادة السلطة إلى المدنيين، فيما انتشر في شوارع الخرطوم وأم درمان جنود وقوات الدعم السريع بكثافة، وسدوا الجسور التي تربط الخرطوم بضواحيها وتتقاطع مع المحاور الرئيسية، وأغلقت الطرق بأسلاك شائكة.
وقال شهود لوكالة «رويترز» إن قوات الأمن أغلقت أيضا مواقع استراتيجية منها: القصر الرئاسي ومقر الحكومة والمطار.
وذكر الشهود أن المحتجين تجمعوا في الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري، وأن قوات الأمن أطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع وطاردتهم في الشوارع الجانبية لمنعهم من الوصول إلى مناطق التجمع الرئيسية.
وأفادت لجنة أطباء السودان المركزية في بيان بأن «متظاهرا قتل في أم درمان برصاص المجلس العسكري الانقلابي» مضيفة أن آخرين جرحوا «بالرصاص الحي الذي أطلقته قوات الأمن» في مناطق الخرطوم المتفرقة، لافتة إلى صعوبات بالغة في إيصال المصابين إلى المستشفيات.
وتجمعت حشود كبيرة في «ود مدني» في جنوب شرقي الخرطوم ورددت شعارات منها: «يسقط يسقط حكم العسكر» و«لا للحكم العسكري» و«الردة مستحيلــة» و«يسقــط المجلس العسكري الانقلابي» وشعارات أخرى. كذلك، شهدت كسلا في شرق السودان احتجاجات مماثلة.
وفي السياق، استخدمت لجان المقاومة المحلية منشورات ونظمت احتجاجات أصغر نطاقا في الأحياء.
وقالت اللجان في بيان «سيبقى شعارنا لا تفاوض ولا مساومة ولا شراكة مع المجرمين ونرفض أي وساطة أو تسوية مع الانقلابيين وسنواصل في نضالنا حتى إسقاط الانقلاب ومحاكمة المجرمين».
في غضون ذلك، اعتبر موفد الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرثيس أن «التسمية الأحادية الجانب لمجلس السيادة من قبل الفريق أول البرهان يجعل العودة إلى الالتزامات الدستورية» لعام 2019 أكثر صعوبة.
وكتب امس في تغريدة أن الأولوية هي «أن تتحلى قوات الأمن بأكبر قدر ممكن من ضبط النفس وتحترم حرية التجمع والتعبير».
وجاءت الاحتجاجات بعد يومين من إعلان قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان تشكيل مجلس سيادة جديد استبعد تحالف المدنيين الذي كان يشارك الجيش السلطة منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير عام 2019. ونددت الجماعات المؤيدة للديمقراطية بهذه الخطوة وتعهدت بمواصلة حملتها للعصيان المدني والاحتجاجات ضد انقلاب 25 أكتوبر الماضي.
وعبرت الولايات المتحدة ودول غربية عن قلقها البالغ بعد تعيين البرهان لمجلس سيادة جديد، وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جاك سوليفان على «تويتر»: «تدعو الولايات المتحدة وشركاؤها قادة الجيش السوداني إلى الامتناع عن اتخاذ المزيد من الخطوات الأحادية التي تقوض التقدم الذي تم تحقيقه بصعوبة في السودان للعودة من جديد إلى المجتمع الدولي».
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد اعرب عشية الاحتجاجات، عن قلق واشنطن العميق حيال الإعلان عن مجلس سيادة أحادي الجانب.
وفي سياق متصل، اعربت الولايات المتحدة والنرويج والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في بيان مشترك عن قلقهم، معتبرين ذلك خرقا للإعلان الدستوري الصادر عام 2019.