- د.نرمين الحوطي: هناك أعمال تعرض نتساءل عن كيفية إجازتها رقابياً
- د.نبيل الفيلكاوي: لا توجد معايير ثابتة والأمور تعتمد على الفردية والمزاجية
- أحمد الشطي: يجب إلغاء الرقابة السابقة وأن يكون هناك المزيد من الحرية
- بدر محارب: المنصات الرقمية تؤسس أيضاً لمزيد من الثقافة الجديدة والحرية
- خلف العنزي: مشكلة الرقابة في الكويت هي السلطة التقديرية لدى الرقيب
سماح جمال
الرقابة في الكويت كثيرا ما يتم التحدث عنها من قبل العاملين بالوسط الفني في بعض الأحيان بصورة سلبية لدرجة اتهام البعض لها بأنها السبب وراء ما يحدث من تراجع أو تكرار المواضيع فيما يتم طرحه بالأعمال الفنية. ومع الطفرة الأخيرة للمنصات ودورها الرائد في إنعاش الساحة الفنية وضخ أفكار شابة وإظهار الطاقات، بات السؤال المطروح عن مدى احتكام ما يقدم من أعمال عليها الى قوانين الرقابة التي يتهمها البعض بأنها تخضع لمعايير فردية.
«الأنباء» تحدثت مع نخبة من المثقفين والأكاديميين والعاملين في الوسط الفني والثقافي٬ وفيما يلي التفاصيل:
في البداية، تحدثت عضو هيئة التدريس في قسم النقد والأدب المسرحي بالمعهد العالي للفنون المسرحية د.نرمين الحوطي قائلة: هناك أعمال يتم عرضها وعندما نراها كمشاهدين نتساءل عن كيفية إجازة الرقابة مثل هذه الأعمال، والمشكلة هي: ما الأسس التي يتم الاحتكام إليها مع كامل الاحترام لهذه اللجان، والتي شاركت في الكثير منها، وكنت أتساءل: ما أسس الرفض أو القبول؟ فهناك ثوابت معروفة لكن هناك أمورا أخرى غير منطقية.
وأضافت: أتذكر إحدى اللجان المسرحية التي شاركت فيها وكان هناك عمل مسرحي مستوحى من الشخصيات الكرتونية العالمية، وتم منع عرضه، في حين أن هناك عروضا أخرى تناولت شخصيات كرتونية عالمية أخرى لكن تمت إجازتها، وهذا يعيدنا لنسأل مجددا عن المعايير التي يتم اتباعها في الرقابة.
وأكدت الحوطي رفضها فكرة إلغاء الرقابة، وقالت: هناك البعض قد يستغل هذا الإلغاء ويقوم بنشر إعلامي يفسد المزاج العام للمجتمع أو قد تكون بعيدة تماما عن طبيعة مجتمعنا في محاولة منه لتقليد ما يقدم في الغرب، في حين أنه لو تمعن فيما يقدمه الغرب لوجد أنه يقدم تيمة تواكب الزمن والمجتمع والقيم المجتمعية، ولو قام كتابنا باتباع هذا الأسلوب وتقديم الأفكار بصورة تخدم المجتمع وبصورة تتكيف مع المجتمع وليس مجرد تقليد له.
واعتبرت الحوطي ان التعديلات التي صدرت مؤخرا على قوانين الرقابة كانت صحية وإيجابية على الجانب الفني والأدبي، وقالت: اليوم بات هناك توفير للوقت من خلال جعل الرقابة لاحقة للعرض وليست سابقة له، لأن المخرج قد يغير في النص ومن اتجاه القصة تماما مع فريق العمل وذلك بصورة قد تكون في بعض الأحيان مغايرة تماما لما هو مكتوب، وللأسف رقابة النصوص كانت تميل في كثير من الأحيان، الكثير من النصوص لمبدعين وتهدر حقهم وحق العمل في عملية وتوقيت عرض العمل.
من جانبه، أوضح رئيس مجلس نقابة الفنانين والإعلاميين الكويتيين د.نبيل الفيلكاوي، أنه لا توجد معايير ثابتة، فالأمور تعتمد على الفردية والمزاجية غالبا لدى الرقيب، وتصلنا الكثير من الشكاوى في الرقابة حول عدم إجازة نص دون وضوح الأساس الذي منع العمل على أساسه، وأتذكر هنا منع نص وردت فيه كلمة «الشبو».
وحول انتشار المنصات التي تقدم المحتوى دون الخضوع لمعايير الرقابة، قال الفيلكاوي: أغلب هذه المنصات تبث من خارج الكويت وبالتالي لا تخضع للقوانين واللوائح، وشخصيا ضد استخدام أرض الكويت لتقديم أعمال قد تمس بالمجتمع ولهذا أؤمن بالانفتاح ورفع القيود عن الفن والإبداع لكن بالتأكيد بصورة لا تتعارض مع مصلحة الكويت.
وأضاف: الثوابت واضحة ومعروفة للجميع ويجب عدم المساس بها، وما دون ذلك يجب إزالة الرقابة عنه وإعطاء الحرية للمبدعين والفنانين، وتنظيمها بصورة قانونية كما هو حادث بالعالم من خلال مجموعة لوائح وقوانين واضحة ومحددة.
من ناحيته، قال رئيس فرقة المسرح العربي المخرج أحمد الشطي، إن الرقابة في السابق كانت تخضع لمزاج الرقيب والذي يراعي بدوره المسؤول عنه ويعتمد إجازة النص من عدمه لهذه المزاجية والمزاجية السائدة في المجتمع. لكن اليوم مع صدور القوانين الجديدة التي كنا جزءا منها وأصدرها وزير الإعلام يجب أن يكون قبول أو رفض العمل يحتكم الى اللوائح، ونحن نرى أن الرقابة السابقة لا تتناسب مع الواقع الجديد الذي نعيشه، ويفترض أن تقدم كل الأعمال الرقابة تكون لاحقة للعمل وفي حال تجاوز للقانون تتم محاسبة القائمين عليه قانونيا، وفي حال كان العمل فنيا ضعيفا يجب أن يعاقبه الجمهور بعدم متابعته لتلحق به خسائر مادية.
وأضاف: الرقابة السابقة يجب الغاؤها بكل أشكالها، وان يكون هناك المزيد من الحرية والتي ستخدم الإبداع الأدبي أو الفني، ولا يكون هناك مزيد من السطوة بل تكون هناك رحابة للمبدع ليعمل.
من جانبه، قال الكاتب والمخرج المسرحي بدر محارب، ان الرقيب يلتزم بالمادة 14 المنصوص عليها قانونا واعتراضه يجب أن يكون بالاحتكام لهذه النصوص، لكن هناك بعض الجمل الفضفاضة أو المطاطة مثل «المحافظة على الآداب العامة»، وهو ما يفتح الباب أمام المعايير الفردية والنسبية.
وأعرب محارب عن تقديره لما أحرزه وزير الإعلام بإقرار القوانين المتعلقة بالرقابة بعد تعديلها، مما أدى الى دعم الحريات ومنح المزيد من المساحات للإبداع لدى الفنانين وكانت بمنزلة انتصار لهم.
وحول المنصات الرقمية ومنظومتها الرقابية مقارنة مع القنوات التلفزيونية، قال: المنصات الرقمية يعتمد الوصول إليها على الاشتراكات، وهي ليست متاحة بصور مجانية، وبالتالي فالرقابة هنا تكون ذاتية كون هذه المنصات تؤسس أيضا لمزيد من الثقافة الجديدة والحرية، ولهذا يجب أن يتم وضع التشريعات التي تتماشى مع طبيعتها وتتفهم هامش الحرية الذي تحتاجه لتعمل. لكن في المقابل هناك المحطات التلفزيونية الحكومية التي تخضع للرقابة، وهذا منطقي كونها مجانية وتدخل كل بيت فيجب الحرص على ما تقدمه.
واعتبر محارب أن المعايير الحالية المتبعة في الرقابة لا تتناسب مع التطورات المتسارعة التي نعيشها، وقال موضحا: الأفلام أو الكتب التي يتم منعها الآن مازالت إمكانية الوصول إليها متاحة من خلال المواقع الإلكترونية أو المنصات الإلكترونية، وللأسف تزايد المعايير الرقابية قد يعيق استضافة الكويت في المستقبل مهرجانات عالمية سينمائية أو مسرحية، بحجة أن محتواها لا يتناسب مع الآداب العامة، وهذا يعيدنا إلى المعايير المطاطية التي يجب تنظيمها.
بدوره، قال المخرج خلف العنزي: مشكلة الرقابة الأولى في الكويت هي السلطة التقديرية لدى الرقيب، فهناك محاذير واضحة لقانون المرئي والمسموع والسلطة التقديرية تتيح للرقيب في بعض الأحيان إعادة تفسير هذه اللوائح أو حتى ما قام الكاتب بكتابته، ويدخل في النوايا ليطلب التعديل أو الإيقاف، وفي بعض الأحيان هناك بعض الرقباء يلجأون إلى سياسة «سكن تسلم» بمعنى أن رفض إجازة النص يكون السبيل لحماية هذا الرقيب، حتى اننا وجدنا بعض الحالات التي كانت فيها روايات مجازة ونصوصها لا تتجاوز ما تم طرحه في الرواية، لكن مع ذلك يتم رفض تقديمها كمسلسل أو فيلم، ولهذا أرى أن المشكلة لدينا مشكلة أشخاص وليست قوانين.
واعتبر العنزي ان مساحة الحرية التي تتمتع بها المنصات اليوم أمر إيجابي وبمثابة مخرج للمبدعين والفنانين بعيدا عن سلطة الرقيب.
وحول وجهة نظره في أهمية تعديل قانون الرقابة، قال العنزي: يجب أن تكون هناك حالة من التنظيم والتطوير المستمر للقوانين، وهذا الأمر سائد في كل دول العالم٬ ويجب أن تتم هذه العملية بعيدا عن الرقابة، وان تسند هذه المهمة إلى نقابة الفنانين، والنقابة بحاجة الى قانون يلزم العاملين في الوسط الفني بالانضمام لها والاحتكام إلى قوانينها.