تظاهر مئات الأفغان في كابول أمس للمطالبة بتحرير الأصول الأفغانية التي جمدتها الدول الغربية بعد عودة حركة «طالبان» إلى السلطة منتصف أغسطس الماضي في حين يشارف هذا البلد المحروم من المساعدة الدولية على الانهيار الاقتصادي.
ووسط انتشار أمني كبير لعناصر من طالبان التي سمحت بالتظاهرة وأحاطت بها، تجمع نحو 200 شخص في ساحة وسط العاصمة الأفغانية رافعين لافتات بالانجليزية والباشتون كتب عليها: «دعونا نأكل» و«اعيدوا أموالنا المجمدة».
وقال شفيق أحمد رحيمي (28 عاما) أحد منظمي المسيرة لوكالة فرانس برس «مطلبنا الرئيسي هو أن تحرر الولايات المتحدة أصولنا في أسرع وقت. هذه ثروة الشعب الأفغاني».
وأضاف «النتيجة الوحيدة لتجميد هذه الأصول هو تجويع الشعب».
وتابع «نطلب من طالبان القبول بكل المطالب المشروعة للأسرة الدولية».
ومنذ سقوط الحكومة الأفغانية السابقة التي كانت مدعومة من الولايات المتحدة وحلفائها أوقفت الدول الغربية إرسال المساعدات التي كانت تسمح للبلاد بالاستمرار، ما أثار أزمة اقتصادية خانقة.
وحذرت الأمم المتحدة من أن أفغانستان باتت على شفير أحد أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم، فيما أعرب برنامج الأغذية العالمي مؤخرا عن خشيته من وقوع «مجاعة».
ومنذ عودة طالبان إلى السلط جمدت الولايات المتحدة حوالي 9.5 مليارات دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني.
وفي 10 الجاري، أعلن البنك الدولي الذي علق مساعدته لكابول نهاية أغسطس الماضي، عن تقديم مساعدات إنسانية بقيمة 280 مليون دولار لمنظم «اليونيسف» وبرنامج الأغذية العالمي حتى تتمكن هاتان الوكالتان من توزيعها في أفغانستان.
غير أن هذا المبلغ يعتبر غير كاف بتاتا لأن هذا البلد بات على شفير انهيار مالي واقتصادي.
في غضون ذلك، قدمت الولايات المتحدة إلى مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يسهل تقديم المساعدات الإنسانية لأفغانستان على مدى عام، بعدما تخلت بضغط من الصين عن فكرة إيجاد آلية مخصصة لكل حالة على حدة لهذه المساعدات التي لا تريد أن يستفيد منها نظام طالبان.
وأدخلت واشنطن تعديلات كبيرة على مشروع القرار مقارنة بنسخة أولى رفضتها الصين وروسيا والهند وفرنسا والمملكة المتحدة. وأرسل النص إلى المجلس ويمكن أن يحال على التصويت قريبا، حسب ديبلوماسيين.
وينص مشروع القرار على أن «المساعدات الإنسانية والأنشطة الأخرى المتعلقة بالاحتياجات الإنسانية الأساسية في أفغانستان لا تشكل، خلال فترة عام واحد، خرقا» للقرار 2255 الصادر العام 2015 الذي يفرض عقوبات على الكيانات المرتبطة بحركة طالبان.
ويوضح المشروع أنه يسمح بـ«إدارة ودفع أموال أو أصول مالية أو موارد اقتصادية وتوفير سلع لخدمات ضرورية لضمان مساعدة كهذه أو دعم أنشطة كهذه».
ويشجع النص «بشدة مقدمي» المساعدات الإنسانية على «تقليل أي منفعة» مباشرة أو غير مباشرة قد يستفيد منها الأشخاص أو الكيانات المستهدفة بالعقوبات. كذلك سيتم التحقق من وجهة المساعدات في غضون شهرين من تقديمها.
وقبل أيام قلائل، كانت الصين عرقلت، مدعومة من روسيا، نسخة أولى من مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لمجلس الأمن الدولي يسمح بإعفاءات من العقوبات لأغراض إنسانية، على أساس كل حالة على حدة.
وأتى حذف فقرة كاملة من المسودة الأميركية الأولى، تتعلق بآلية الإعفاء لكل حالة على حدة، استجابة للانتقادات الصينية.
أما حصر نطاق القرار بعام واحد، والذي لم يكن مذكورا في النسخة الأولى من مشروع القرار الأميركي، فيهدف إلى إرضاء حلفاء واشنطن الأوروبيين الذين انتقدوا، على غرار الهند، عدم وجود أي موعد نهائي للقرار وطالبوا برقابة قوية على وجهة المساعدة المقدمة.
وليس هناك حاليا أي استثناء إنساني في نظام العقوبات، ومن شأن اعتماد قرار مماثل من قبل مجلس الأمن أن يسمح للعاملين في المجال الإنساني بـ«إجراء معاملات مالية مع الوزارات التي يتولاها أشخاص تشملهم العقوبات» من دون أن ينتهكوا هذه العقوبات، على ما قال ديبلوماسي لوكالة فرانس برس طالبا عدم ذكر اسمه.