- أمطار سنة 1954 عرّضت المباني للخطر وأفقدت الأهالي منازلهم ولوازمهم وبقي عدد كبير منهم دون مأوى
- لجنة حكومية قسّمت البلد إلى 5 مناطق ورصدت البيوت المعرّضة للسقوط وأمّنت إسعافات القرى وفيلكا وجهزت مستوصفاً متنقلاً
- أنشئت لجنة عليا اتخذت قرارات فورية بغية تخطي الكارثة الكبيرة وقامت الكويت وحدها بكل أعمال الإغاثة دون أن تحتاج إلى مساعدة من خارجها
- أمطار غزيرة فاجأت الكويتيين في 8 ديسمبر 1934 شلّت البلد تماماً ولولا اهتمام الشيخ أحمد الجابر وتكاتف المواطنين القادرين لما انتهت الأزمة
- حادث المطر العظيم في سبتمبر 1872 انهارت معه المنازل وتعاون أبناء الكويت في الإنقاذ والإغاثة وإصلاح ما أفسدته الأمطار
- حوادث الأمطار الثلاثة تشكل دليلاً على تآلف المجتمع الكويتي وتعاونه ووقوفه في الملمات لتقديم العون لأفراده عندما يدعو الداعي إلى بذل المساعدة
- بلدية الكويت افتتحت شارع التيل «تونس حالياً» لإنشاء «حولي الكبرى» وامتلأ بالمحلات التجارية وأصبح معلماً للباحثين عن كل جديد
- أجهزة خدمة التلغراف وصلت في 5 ديسمبر 1917 وفي 1922 بدأ التحرك على أعلى المستويات لإدخال الخدمة الهاتفية
- بدأ الأخذ بنظام الجمارك في عهد الشيخ عبدالله الصباح وكلف صالح الفضالة بجبايتها ولم تكن هناك قيمة محددة لها
- أنشئت دار الجمارك في «الصنقر» جنوبي السوق الداخلي حالياً واستمر العمل بالنظام إلى بداية عهد الشيخ أحمد الجابر
بقلم: د.يعقوب يوسف الغنيم
هذه هي الأوراق الكويتية التي اعتدنا على تقديمها بين آن وآخر، بما تحويه من معلومات عن الكويت وأهلها منذ نشأت إلى هذا اليوم.
وسوف يتنوع موضوعنا الذي ينشر في هذا العدد من جريدة «الأنباء» الغراء مختلفا عما سبقه من حيث التنويع وذلك لأنه يحتوي على ما يلي:
(1) بيان عن الأمطار التي مرت بالكويت.
(2) من شوارع الكويت.
(3) الجمارك الكويتية.
(4) حول اللهجة الكويتية.
وبناء على هذا التسلسل، فإننا نقدم فقرات هذا الفصل فيما يلي:
(1) أمطار الكويت
ومما حدث في الفترة التي نتحدث عنها حادث هطول الامطار الغزيرة على البلاد بصورة غير مسبوقة، إلا فيما مضى من الزمان حتى لقد اطلق الناس على هذه السنة (سنة هدامة) وهي سنة قريبة منا، وعدد كبير من الأحياء الذين يعيشون بيننا قد شهدوها، ويذكرون ما حدث خلالها، وما تكبده أهلهم من جرائها.
في منتصف ليلة يوم الاثنين الثلاثين من شهر نوفمبر لسنة 1954م هطلت أمطار غزيرة على الكويت كانت في تدفقها وشدة عصف الرياح معها شبيهة بالهدامتين السابقتين اللتين حدثتا في سنتي 1872 و1934، وكانت من الكثافة بحيث عرضت الكثير من المباني للخطر، وكان الاهالي اشد تضررا لانهم فقدوا منازلهم ولوازمهم، وبقي عدد كبير منهم دون مأوى.
كانت الظروف في الكويت مختلفة عما كانت في المرتين السابقتين، ففي الكويت في وقت حدوث هدامة الثالثة، جهات حكومية منظمة ومشروعات انشائية عديدة، واحوال مالية جيدة بسبب ورود أموال النفط الذي كان تصديره قد بدأ في سنة 1946م، وكانت المعدات المتوافرة لدى الحكومة من أجل الانقاذ ومن أجل اصلاح ما فسد كثيرة، لذا فقد جندت كل إمكاناتها لتدارك نتائج السيول من سحب للمياه وحفر للانفاق، وإطعام للمنكوبين وإسكان لمن هدم بيته منهم.
إضافة الى ما قامت به من علاج شامل للمشكلة بحيث يتم تلافي آثارها السلبية التي أثرت على المتضررين فانقطعوا عن اعمالهم وانقطع ابناؤهم عن الدراسة لأن المدارس قد تم تحويلها الى مساكن مؤقتة لهؤلاء تُقدم لهم فيها كافة احتياجاتهم من مأكل وملبس وأغطية، وكانت الحكومة قد اعدت منازل كثيرة لكي تقوم بتوزيعها على ذوي الدخل المحدود فقامت بتوزيعها بصورة مؤقتة على عدد من هؤلاء المتضررين لتخفف عنهم حتى يتم ترميم مساكنهم المصابة من جراء الامطار.
استمرت الأمطار في هطولها على البلاد مدة لا بأس بها، ولم تنقشع الغيوم إلا في صباح اليوم الثاني من شهر ديسمبر لسنة 1954م، وقد تكونت لجنة حكومية عهد إليها بدراسة المأساة، كتبت تقريرا حول ما حدث، وحول الاجراءات التي تم اتخاذها بشأن الانقاذ وإعادة الامور الى ما كانت عليه، وقد جاء في جزء من تقرير اللجنة المذكورة ما يلي:
«قسمت البلد الى خمس مناطق، جاس خلالها المهندسون لهدم جميع البيوت المعرضة للسقوط، كما اتخذت الترتيبات اللازمة لتأمين استمرار الاسعافات اللازمة الى القرى، والى جزيرة فيلكا، كما جهز مستوصف متنقل لزيارة اماكن جماعات المنكوبين».
وهكذا نرى الفرق بين الاعمال التي اتخذت في الماضي والتي اتخذت في هدامة الثالثة، فقد كانت الامور كما ذكرنا قد تطورت، إبان هدامة الثالثة، وكانت امكانات البلاد قد ازدادت، ولذا فقد سهل على الحكومة القيام بكافة التدابير التي تكفل علاج الموقف بأسرع وقت ممكن.
وفوق ذلك فقد أنشأت حكومة الكويت جهازا كاملا منظما للإشراف على جميع اعمال الانقاذ والاغاثة، بما في ذلك ترميم المباني التي تحتاج إلى ترميم، وإعادة بناء ما لا ينفع معه الترميم لشدة تضرره، ودفع تعويضات لبعض المحتاجين، وبالجملة فإن هذه اللجنة كانت مسؤولة عن وضع البلسم على جراح المصابين واعادة الحياة الى ما كانت عليه قبل حدوث الكارثة.
وزيادة على ذلك فإن الامر اقتضى انشاء لجنة عليا مشرفة على كافة اللجان المكلفة بالعمل الخاص بالانقاذ واعادة ترتيب الامور بغية عودتها الى طبيعتها، فكانت هذه اللجنة العليا مكونة من عدد من رجال الكويت الذين نهضوا بالمهمة وأدوا دورهم بكل اهتمام، وقاموا برعاية المحتاجين والمتضررين دون تردد.
وكان في هذه اللجنة: الشيخ جابر العلي الصباح، والشيخ خالد العبدالله سالم الصباح، والسادة: أحمد عبداللطيف، وعبداللطيف المضف، وخالد الزيد الخالد، وعبدالحميد الصانع، وسليمان خليفة الشاهين، وسليمان المسلم، وعبدالله الدخيل الشايع، ونصف اليوسف النصف، واحمد سعود الخالد.. وآخرون.
وقد اتخذت اللجنة العليا قرارات فورية بغية تخطي الكارثة التي كانت كبيرة بالنسبة للبلاد في ذلك الوقت، وقد قامت الكويت وحدها بكل اعمال الاغاثة دون ان تحتاج الى مساعدة من خارجها، في الوقت الذي لم يتقدم احد ليعرض شيئا من ذلك.
وهذه السنة المطرية التي تحدثنا عنها آنفا هي ثالث امطار هدامة هطلت على الكويت، وكانت الأولى هي التي اتُّخذ لها اسم (الرجبية) لأنها حدثت في شهر رجب لسنة 1289هـ وهي توافق سنة 1872م.
ولكثرة الألم الذي اصاب الناس من جراء الامطار فقد ظلت ذكرى هذه الامطار بسنتها المذكورة محفورة في اذهان ابناء الكويت، وأصبح الأهالي يؤرخون ولاداتهم بها، فيقولون: فلان ولد في سنة هدامة أو الرجبية.. وهكذا.
ولقد فوجئت الكويت وهي تستقبل شهر رمضان لسنة 1353هـ وفي أول ليلة منه، وهي توافق اليوم الثامن من شهر ديسمبر لسنة 1934م، بأمطار غزيرة لم تشهد لها البلاد مثيلا منذ سنوات بعيدة وقد تركت هذه الامطار آثارها على الناس نتيجة لتضرر مساكنهم وتعرضهم للمياه والبرد الشديد، واضطرارهم الى التنقل من مكان الى آخر من أجل البحث عن النجاة بأنفسهم مما قد يتعرضون له فيما لو
سقطت الجدران عليهم، إضافة الى المشكلات الاخرى التي نجمت عن انغلاق الطرق بالمياه والوحول، وتعرض بعض الأماكن الى الانهيارات الارضية التي تركت آثارها على طبيعة الحياة، فلم يعد في استطاعة المواطن ان يواصل العمل في مجال عمله.
وباختصار فقد شلت الامطار حركة البلاد لولا الاهتمام الذي أبداه الشيخ أحمد الجابر الصباح، وتكاتف عدد من المواطنين القادرين لما انتهت هذه الأزمة، ولما زالت آثارها الا بعد مضي زمن طويل.
من أهم ما جاء في وصف هذه الامطار رسالة كتبها المرحوم مهلهل الحمد الخالد الى والده الذي كان خارج البلاد في الليلة الثالثة لنزول الامطار التي لم يدم هطولها على شدة غزارتها اكثر من ليلة واحدة، وفي الرسالة حديث موسع عن المطر الذي ذكر كاتب الرسالة انه احدث نكبات ولكنه لم يحدث نقصا في الارواح.
وقال انه قد ابتدأ في تمام الساعة الحادية عشرة بسحب عظيمة ذات امطار متباتلة. مستمرة لم تتوقف إلا بعد أن استنفدت السحب ما فيها من مياه، ثم ذكر احوال الناس من المعارف والمحاورين، وما حدث لهم إثر ذلك الحادث الرهيب، وعدد الاماكن التي هدمت بسبب المطر سواء أكانت مساكن كاملة او اجزاء منها.
وكان وصفه ذلك وصفا دقيقا بأسماء الاسر المتضررة، والآثار التي تركتها الامطار على الطرق، ومما قال عن ذلك ان بعض اولادهم خرجوا بعد توقف المطر الى منطقة الشعب ثم عادوا فقالوا لأهلهم (من الشعب الى الديرة الارض تغيرت علينا ما هي الارض التي نعرفها).
وذلك بسبب التشقق الذي حصل، وزوال بعض المعالم التي كان منها بعض الاشجار.
هب الشيخ أحمد الجابر حاكم الكويت ـ آنذاك ـ فافتتح حملة تبرعات بدأها بخمسة آلاف روبية وهي مبلغ كبير في ذلك الزمان، أضيفت إليها المبالغ المخصصة للإعانات في الحالات المشابهة عند بلدية الكويت.
مع المساعدات العينية، واعمال الانقاذ التي قام بها عدد من الأهالي القادرين.
ونعود الى الماضي اكثر من ذلك لنذكر حادث المطر العظيم الذي حدث قبل كل ما مر الحديث عنه وذلك أنه في شهر رجب من سنة 1289هـ الموافق لشهر سبتمبر من سنة 1872م، وكان ذلك في عهد حكم الشيخ عبدالله بن صباح بن جابر للكويت، هطلت امطار غزيرة مماثلة لما حدث في سنة «هدامة» التي اشرنا إليها فيما سلف، وقد هدمت منازل كثيرة، تسبب عنها أذى كثير للأهالي، وقد سميت هذه السنة ـ ايضا ـ سنة هدامة، وهي الأولى.
وما ينبغي ان نشير اليه ان ابناء الكويت كانوا متعاونين الى اقصى حد في مسائل الانقاذ والاعاشة واصلاح ما افسدته الأمطار، فكان تكاتفهم دعما مهما لما كانت تقوم به الحكومة.
ولقد كانت هذه النماذج الثلاثية التي قدمناها في هذا الفصل دليلا آخر على ما سبق ان اشرنا اليه فيما يتعلق بتآلف المجتمع الكويتي وتعاونه، ووقوفه في الملمات لتقديم العون لأفراده عندما يدعو الداعي الى بذل المساعدة.
2 ـ من شوارع الكويت
عندما بدأت بلدية الكويت في تطوير منطقة حولي، وتحويلها الى النطاق السكني التجاري كان أهم ما بدأت به هو الطرق التي ترسم اجزاء المنطقة لكي يسهل العمل على تطويرها.
ولكي تستوعب أكبر قدر ممكن من السكان. فوضعت رسما شاملا للمنطقة بين الطرق المزمع فتحها والاقسام التي سوف تنشأ بين هذه الطرق مكونة حولي الكبرى التي نراها الآن.
ولقد كان من أهم الشوارع التي جرى افتتاحها في هذا المكان الشارع الذي اطلق عليه اسم: شارع تونس، وهو يمتد من الشمال في مقابل منطقة القادسية السكنية، ثم ينتهي جنوبا عند التقائه بالطريق الدائري الرابع.
لم يكن هذا هو اسم الشارع عند بداية استخدامه إذ إن هذا الاسم وهو: شارع تونس قد اطلق عليه فيما بعد، ولكن الناس بمبادرة منهم اطلقوا عليه اسما وصفيا فقد وجدوا اعمدة الاتصالات السلكية القديمة كانت تمتد على جانبيه، وعلى امتداده.
وكان الناس يطلقون اسم التيل على وسيلة الاتصال السلكي واللاسلكي فسموا هذا الشارع: شارع التيل لأنه كان يتميز بهذه الظاهرة، ويختلف عن غيره بهذا المظهر.
امتلأ شارع التيل (شارع تونس حاليا) بالمحلات التجارية، وبالمباني السكنية التي سرعان ما امتدت على جانبيه تتقدمها مظلات من الاسمنت تعتمد على اعمدة خرسانية مما كنا نسميه (الليوان)، وذلك حفظا للمشاه حتى لا يتعرض أي منهم لحرارة الشمس في الصيف او للامطار في فصل الشتاء.
واقبل الناس ـ وبخاصة في فترات المساء ـ على المحلات التي تم افتتاحها في هذا الشارع، فصار بذلك مجالا من مجالات تزجية الوقت، والاطلاع على كل جديد في السوق، وبخاصة وان محلاته قد عمدت الى اختيار افضل ما يوجد من بضائع، واكثرها حداثة لكي تعرضه استجلابا للمشترين الذين يبحثون ـ دائما ـ عن كل جديد.
ولم يمر هذا المظهر الذي تميز به الشارع المذكور دون ان يكون له أثر في الشعر كعادة الشعراء حين يرون ما يلفت انظارهم. ولذا فقد استمع الناس من اذاعة الكويت التي كانت وليدة عندما بدأ ظهور شارع التيل الى اغنية نالت شهرة كبيرة، وهي:
في شارع التيل العصر مريت
شفت اللي ما قط شافته اعيوني.
(لفظ: قط، في اللهجة الكويتية، هو الذي تستعمله اللغة الفصحى للمعنى نفسه، لذا فإنهم يقولون: لم أر فلانا قط بمعنى لم أره ابدا.
وفي لهجتنا: ما قط شفت مثل هذا. بمعنى لم أر مثل هذا اطلاقا.
والمعنى العام للبيت يحتوي على ما يلي: مر الشاعر عصرا بشارع التيل فرأى عجبا، فقد كان ما رآه من الامور التي لم يرها من قبل. وباقي ابيات الغناء تدل على هذا الشيء الذي أُعجب به).
وقد ورد الحديث عن هذه الأغنية في أحد مواقع الانترنت وفيه أنها من كلمات وألحان وغناء الفنان عبدالعزيز محمد العسكر، ثم انها اشتهرت بعد ذلك. وبعد البيت الأول يأتي قوله:
ظبي نطحني يوم انا مريت
ياي ايتبختر يمشي بالهون
رديت لاني حي ولا ميت
امشي اهذري كني مجنون
وسوف لا ننهي حديثنا عن شارع التيل قبل ان نشير الى أمرين تاريخيين مهمين: وهما:
1 ـ ورد الحديث عن وسائل الاتصال اللاسلكي في الكويت منذ اليوم الخامس من شهر ديسمبر لسنة 1917م، وكان ذلك في عهد الشيخ سالم المبارك الصباح الذي تلقى في هذا اليوم خبرا مفاده ان الاجهزة التي سوف تستخدم في المشروع قد وصلت إلى الكويت وأن البدء في الخدمة التلغرافية قد أوشك على الظهور في البلاد. وقد كان ذلك.
2 - في سنة 1922م تحرك أمير البلاد في هذا الوقت في سبيل إدخال الخدمة الهاتفية إلى الكويت لأنه عرف مدى فائدتها على مختلف المستويات وفي كافة المجالات، وقد بدأ العمل على ذلك الى ان تحقق له ما أراد.
وهذا الذي كنا نرى اعمدته في شارع التيل هو نموذج للتوسع في الخدمة الهاتفية التي بدأها الشيخ احمد الجابر الصباح.
ومنذ اتخذت الإجراءات لبدء خدمة السلكي واللاسلكي في الكويت، نشأ جهاز خاص لهذا الغرض تديره شركة أجنبية الى حين. وكان موقع هذا الجهاز في جنوبي مبنى بلدية الكويت القديم، وقد كتب عليه اسمه وكان عبارة عن بضع غرف مع ساحة ارضية واسعة كانت مخلفات العمل ترمى بها تمهيدا لنقلها الى مكان آخر.
وقد اطلق الناس على هذا الموقع اسم البرقية وكنا نرى الى جواره بالإضافة الى بلدية الكويت مطبعة اهلية، وموقعا لبيع الكيروسين يسمى (جازخانة) وبالقرب منه نشأ في سنة 1952م نادي المعلمين ومسجد العجيري.
وعندما جاءت سنة 1958م كانت الأمور في الكويت قد تغيرت بالنسبة لازدهار الخدمات المتعددة فيها ولاسيما خدمة البرق والبريد والهاتف، وانتقلت مسؤولية ذلك كله الى الحكومة التي توسعت في أداء هذه الخدمات، ونشرتها في انحاء البلاد.
3 - الجمارك الكويتية
بدأ الأخذ بنظام الجمارك بعد أن اتسعت البلاد، ونمت تجارتها، وذلك في عهد الشيخ عبدالله الصباح المتوفى في سنة 1892م، حيث قام هذا الحاكم بسن نظام الجمارك في الكويت عن طريق إنشاء الجمرك البري، ثم الجمرك البحري، وقد كلف الشيخ بجباية الجمارك المرحوم صالح الفضالة، ولم تكن هناك قيمة محددة لها، ولكن صالح الفضالة كان يحدد ذلك بقدر ما يتراءى له.
وبعد وفاة الشيخ وتولي محمد بن صباح الحكم قام بمساندة أخيه جراح بإنشاء دار للجمارك في المكان الذي يطلق عليه اسم (الصَّنقر) ومكانه في جنوبي السوق الداخلي المعروف حاليا، وكان المسافرون بالتجارة عن طريق البر يأتون الى هذا المكان لدفع ما عليهم من رسوم جمركية مقابل ورقة يسلمونها عند الخروج من البلاد.
وقد استمر العمل بهذا النظام الى بداية عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح، الذي تولى الحكم في سنة 1921م وتوفي في سنة 1950م وقبل وفاته كان امر الجمارك البرية قد دخله شيء من التنظيم، وصار ذلك بداية الى الوصول الى الحالة التي نحن عليها الآن.
اما الجمرك البحري فهو ايضا من اعمال الشيخ عبدالله الصباح الذي بنى له دارا في فريج سعود، وكان بداية عملها مرتكزا على شخص واحد، ثم اتخذ هذا الشخص لنفسه مساعدين اثنين، وكان ينتدب من يشاء منهما عند الحاجة، فإذا وصلت سفينة من الهند - مثلا - ذهب اليها احدهما وخمن الضريبة، وفي العادة انها لا تزيد على سبعين او ثمانين روبية على جميع حمولة السفينة (اي ما يعادل ما بين خمسة إلى ستة دنانير كويتية بنقد اليوم)، وقد اتخذت الجمارك البحرية مسارا مختلفا عن مسار الجمارك البرية، اذ انه ما ان جاء حكم الشيخ مبارك الصباح (1896-1915م) حتى كانت الكويت قد اتسعت تجاريا عما كانت عليه وانفتحت على عدد من البلدان وصارت السفن تخرج منها وتعود إليها بأعداد كبيرة، فقام الشيخ مبارك بإعادة تنظيم الجمرك البحري، وفرض الضرائب على البضائع الواردة عن طريق البر وعن طريق البحر فصارت ما بين 3% و5%، ارتفعت فيما بعد عند زيادة اعباء الحكومة إلى 10%.
ونحن في غنى عن القول بأن نظام الجمارك قد شهد في الكويت مزيدا من التطوير، حتى لقد تم تكوين وزارة مستقلة له تحت اسم وزارة الجمارك والموانئ، ولكنها ضمت في سنة 1963م الى اختصاصات وزارة المالية والصناعة، والعمل الجمركي اليوم يخضع لنظام دقيق ويحكمه عدد من القرارات والأنظمة، وهو صورة ساطعة لما وصلت إليه الكويت في المضمار الاقتصادي والإداري على حد سواء.
ومن الأفضل هنا ان نورد بعض ما كتبه الاستاذ احمد البشر الرومي في اوراقه الخاصة عن الجمارك، وهذا هو النص المقصود: وحين كان الجمرك البري في عهد عبدالله الصباح المتوفى حوالي سنة 1300 هـ (1892م) موكولا الى صالح الفضالة وكان يأخذ على البضائع التي تصدر الى نجد رسما جمركيا غير معين بالضبط بحسب ما يتراءى له، ولم يكن يدفع ما يستوفيه الى عبدالله الصباح بل يأخذه له بمقابل تموينه لبيت عبدالله الصباح من حطب الوقود (الحمض) وعلف الماشية (القفاف) وحمل (ذبيحة) لكل ضيف، وما زاد على ذلك يدخل في جيبه، وبعد وفاته تولى محمد الصباح الحكم بمساعدة أخيه جراح، فرأى جراح ان ينظم الجمرك فبنى دارا داخل دروازة الشيوخ تحت الايوان (دروازة الشيوخ هو المكان المدعو اليوم الصنقر وهو نهاية السوق الداخلي الجنوبي) ووضع ضريبة على كيس الرز والتمر والاقمشة المصدرة الى نجد وطالب بها التاجر الذي يخصمها بدوره من المشتري ويزوده بورقة يسلمها الى صاحب الدار في الصنقر، وعين في هذه الدار ابن عسكر وبقي الى ما بعد حكم احمد الجابر، وقد شاهدته جالسا يتسلم الاوراق من البدو ويذهب الى التجار ويستوفي بموجبها الرسم الذي يسلمه بدوره الى محاسب الشيوخ.
أما بشأن الجمرك البحري فقد أسس عبدالله الصباح دارا في غربي الجمرك، الآن (فريج السعود)، وكان لدى عبدالجليل عبد حبشي يقرأ ويكتب طلبه منهم وعينه في هذه الدار يتسلم من الموردين رسوما كان يخمنها وليست مئوية.
ثم عين له مساعدين اسم احدهما ابن حطاب، والآخر لا اعرفه، كانا يساعدانه على استيفاء الرسوم وكانت بسيطة فإذا وصلت سفينة من الهند ذهب اليها احدهما وخمن الضريبة وفي الغالب لا تزيد على سبعين أو ثمانين روبية على جميع حمولة السفينة.
وكانت البضائع التي ترد من الهند تصل الكويت عن طريق المحمرة، حيث هناك وكيل للكويت يدفع رسما بسيطا عليها لأمراء المحمرة، وهم جابر بن مرادو وبعده مزعل وبعده خزعل آل مرادو، ثم يشحنها بواسطة السفن الكويتية الى الكويت. ودام ذلك الى ان عينت شركة بي اي الكويت احدى المراكز التي تمر بها سفنها وذلك في عهد الشيخ مبارك الصباح.
(4) حول اللهجة الكويتية
1 - الحزَّة: الوقت الحاضر، ومن العبارات الدارجة عندنا ان يجاب الذي يسأل عن الزمن فيقول: كم الساعة؟ فيرد عليه: كثر امس هالحزَّه.
2 - الخازباز: داء يمسك الحلق معروف لدينا وفي الفصحى.
3 - المرعز: اللين من الصوف ويصنع منه العقال، فيقال: عقال مرعز.
4 - راز الشيء: اختبره ليعرف مقداره، في العامية والفصحى.
5 - طنز، ومنه في اللهجة: تطنَّزَ بمعنى استهزأ وسخر.
6 - شمراخ في الفصحى هو شمروخ في العامية، ومعناه: جزء من العثق الذي تنتجه النخلة وفيه البلح والرطب.
7 - السبخة: أرض لينة رطبة مالحة لا نبات فيها وهي كذلك في اللهجة. وتنطق في الفصحى إضافة الى ذلك: الصبخة بالصاد.
8 - الفخ المصيدة: وفخ في النوم اخرج صوتا خفيفا وهو نائم، كلاهما في الفصيح واللهجة.
9 - يقال فلان يفشخ اي يَدَّعي ويكذب، في الفصحى والعامية.
10 - فضخ القارورة كسرها في الفصحى والعامية.
11 - قفخ: ضرب، وفي اللهجة تقلب القاف كافاً فيُقال: كَفَخَ.
12 - ورد في لسان العرب عند ذكر الأسماك: عنز الماء، وفي اللهجة نسميها اعنزه.
13 - وفي الفصحى: تعنز أي اجتنب الناس، وهي في اللهجة: تنعَّز بالقلب بين الحروف.