- حمد الياسين: يجب التريث قبل الحكم النهائي على «أوميكرون».. والتوسع في التطعيم جعل المجتمع أقوى مناعياً
- انتصار الهندال: الاختلاط والسفر بلا أي قيود يسببان زيادة الإصابات في عدد من الدول والإجراءات الصارمة هي الحل
- عبدالله الشمري: موجة المتحور «أوميكرون» تصعد وتهبط سريعاً ومن المحتمل أن تصاب الغالبية العظمى من الشعب به
حنان عبدالمعبود
مع ازدياد أعداد المصابين بفيروس كورونا محليا وما واكبه من عودة لبعض الإجراءات الاحترازية وتفشي متحور «أوميكرون» عالميا، توجهت «الأنباء» إلى الأطباء المتخصصين في هذا المجال لنطرح عليهم الأمر من الجانب العلمي ومناقشتهم حول الاسباب التي أدت إلى احداث الطفرة في أعداد المصابين بالفيروس، وكذلك التوقعات للمرحلة المقبلة في العودة إلى التشدد في تطبيق الاشتراطات الصحية.
وأجمع الأطباء، في حديثهم لـ «الأنباء»، على أن «السفر» هو أول وأهم الأسباب التي أدت إلى انتقال الفيروس إلى الكويت من الخارج، ومن ثم التجمعات غير الآمنة، بعدم اعتماد الإجراءات الاحترازية وتطبيقها.
وأشاروا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد ارتفاعا كبيرا في الأعداد بصورة أكبر، لافتين إلى أن المضاعفات الناتجة عن الإصابة ستكون أقل من السابق نظرا لارتفاع معدل التطعيمات.
وأوضحوا أن متحور «أوميكرون» أسرع انتشارا من النسخ السابقة من «كورونا» ولكنه أخف حدة، وأن ذروة الموجة الحالية من المتوقع أن تكون منتصف فبراير المقبل، وقد يصل عدد الإصابات إلى الآلاف، مؤكدين أن قرارات الإغلاق ليست مجدية بل الأهم الالتزام بالاشتراطات الصحية. مزيد من التفاصيل في السطور التالية:
في البداية، أوضح الأستاذ المشارك بمركز العلوم الطبية بجامعة الكويت الباحث بمعهد دسمان للسكري د.حمد الياسين أن زيادة الأعداد هي محصلة لانتشار متحور نشط من حيث العدوى «اوميكرون» في ظل الانفتاح ووقف العمل بالاجراءات الاحترازية مع وجود حركة طيران نشطة بسبب موسم العطلات.
وبين الياسين أن هناك العديد من المؤشرات الأولية التي تشير إلى أن المتحور أوميكرون أنشط من حيث العدوى مقارنة بـ «دلتا»، لكنه قد يكون مرتبطا بحسب البيانات المتوافرة حتى الآن بأعراض أقل شدة، لكن في الوقت نفسه لا بد من التريث وعدم القفز للاستنتاجات والتعاطي مع البيانات بدقة.
وأشار إلى أنه من الضروري الحصول على المزيد من البيانات الإكلينيكية الميدانية لفهم طبيعة أعراض أوميكرون، وما إذا كان هناك ارتباط بين طبيعة الأعراض وفئات المرضى سواء من حيث العمر أو التطعيم أو المشاكل الصحية.
وأضاف الياسين: مع دخولنا موجة أوميكرون قد نكون «كمجتمع» بوضع أقوى مناعيا مقارنة بالموجات السابقة، وذلك قد يرجع إلى توسع برامج التطعيم خلال الفترة السابقة وكذلك وجود مناعة مكتسبة من الإصابة والتعافي من «كورونا»، لكن كما أشارت نتائج الدراسات التي قام بها فريقنا بمعهد دسمان للسكري والتي تطرقت لها «الأنباء» فإن مستويات الأجسام المضادة المكتسبة من التطعيم والإصابات السابقة تتراجع بوتيرة متسارعة بعد عدة اشهر، وهنا تكمن أهمية الجرعات التعزيزية في تعزيز المناعة، خصوصا في الفئات عالية المخاطر.
عودة للقيود
من جانبها، قالت رئيسة فريق الطب الوقائي بمستشفى الأحمدي د.انتصار الهندال ان الاختلاط والسفر الذي لم يكن عليه أي قيود يعد هو الأساسي خاصة مع الدول التي تشهد ارتفاعا كبيرا في الإصابات، وهذا ما شهدناه بالدول المجاورة أيضا مثل المملكة العربية السعودية والامارات العربية وقطر وغيرها، حيث السفر شكل سببا رئيسيا وتلاه الاختلاط، فليس هناك قيود على السفر أو الاختلاط.
وأوضحت أن «اوميكرون» سرعته شديدة بالانتشار، حيث ان إصابة شخص واحد بالمنزل كفيلة بإصابة البيت بكامله، حتى من دون دوام أو مجمعات، بل بمجرد اختلاط طفيف فإن دائرة الانتشار ستتسع، ولهذا فإن الإجراءات التي سيتم اتخاذها ستكون متأخرة، وحتى الآن الإجراءات الحقيقية المطلوبة لم تتم مثل منع السفر، لأنها قرارات سياسية.
وأضافت: من المفترض اتخاذ اجراءات شديدة تلائم المراحل الأولى وليس الخامسة، حيث اننا لابد أن نرجع لهذه المراحل في القيود، وعلى الرغم من أننا لم نر أعدادا كبيرة بالعناية المركزة أو وفيات ولكن مع ارتفاع الأعداد سنصل إلى هذا الأمر، ولذا يجب ألا ننتظر ان تعود المنظومة الصحية للوراء مرة أخرى، كما يجب أن نضع في اعتبارنا أن المنظومة الصحية أساسا مرهقة، حيث اننا كنا في بداية الأزمة بنشاطنا ولم يمر علينا أزمات مماثلة من قبل، فكانت المنظومة بقوتها ويمكن أن تستمر لشهر أو عام او اثنين بتماسك، وكذلك الكوادر الطبية والتمريضية لا تقوم بإجازة، ولكن لا يمكن أن يستمر الأمر لوقت أطول، حيث اليوم المنظومة الصحية مرهقة وأصابها الضعف، وهناك كوادر لم تحصل على اجازات مطلقا لمدة عامين، بالإضافة إلى هذا ان الفترة الماضية كانت وتيرة التطعيم في الجرعة التنشيطية ليست قوية في بدايتها وبدأت بالارتفاع مؤخرا فقط.
كما أشارت الهندال إلى أن الإجراءات الصارمة كانت من أفضل الأمور التي شكلت عنصر حماية في الوقت الحالي، مبينة أنه لم يحدث تقدم صحي الا من خلال الإجراءات الصارمة، وهذا أثبت نجاحه بدليل أن دول أوروبا التي لم تتخذ هذه الإجراءات الصارمة ارتفعت الأعداد لديها بشكل كبير، بينما بالكويت ومع هذا الارتفاع في الأعداد الا انها تعد أفضل وضعا عن الكثير من الدول، لافتة إلى ان الإجراءات الصارمة في ربط السفر بالتطعيم جعل هناك توجه إلى التطعيم.
واختتمت معربة عن أملها بامتثال الجميع للأطباء في النصح بتعاطي الجرعة الثالثة لرفع الحماية والمناعة ضد الفيروس ومتحوراته، وأن تكون هناك إجراءات مشددة أكثر من قبل الدولة، لأن حماية المجتمع مسؤولية الدولة والحكومة، والإجراءات الحازمة في مصلحة المجتمع لحمايتهم من الفيروس حتى وان كان ما يقال بأن أعراضه خفيفة حقيقة، ولكننا لا ندري ان كان سيصير له تحور آخر ليصبح أكثر شراسة أم لا؟ هذا أمر لا نعرفه للآن، ولا أحد يمكنه التنبؤ به وانما نتمنى أن تمر الأزمة على خير ولا تزيد الخطورة.
ذروة الانتشار
من جانبه، قال الأستاذ المساعــــد بالرياضيــــــات البيولوجية والنمذجة بجامعة الكويت الباحث بمعهد دسمان للسكري د.عبدالله الشمري ان متحور «أوميكرون» بدأ يتوغل في المجتمع، لافتا إلى أن طبيعة انتشاره تستغرق تقريبا من يومين إلى 4 أيام حتى يتضاعف عدد الاصابات مقارنة بالمتحور السابق الذي كان يستغرق من 7 إلى 10 أيام، لافتا إلى أن أي إجراء يتم اتخاذه في الوقت الحالي فإن تأثيره لن يتضح مباشرة بل سيستغرق بعض الوقت لتطبيق القرارات وكذلك بعد تكيف المجتمع سلوكيا معها.
وأشار إلى أن بعض القرارات لن تكون مجدية مثل إيقاف الطيران في الوقت الحالي والذي لن يكون له فائدة، لأن الفيروس المتحور دخل بالفعل إلى البلاد وانتشر، بينما الإجراءات المجدية حاليا يجب أن تكون فيما يختص بالاختلاط والحجر، وكذلك مراعاة ان الانتشار للفيروس عبر الهواء ومن ثم يجب اعتماد الكمام مرة أخرى بشكل محكم.
وفيما يختص بالموجة الحالية، قال د.الشمري: ان موجة أوميكرون تصعد وتهبط سريعا، وهي شديدة السرعة وستنتشر بشكل سريع جدا بين الناس، واحتمال ان الغالبية العظمى من الشعب سيصل اليهم الفيروس المتحور، ولهذا يجب أن نقف عند التطعيم والالتـــزام بالاشتراطـــات الصحية وأهميتهما لأنه ينتشر بالتلامس وكذلك عبر الهواء، مؤكدا أن هناك أدلة علمية كثيرة أنه ينتشر بالهواء لذلك يجب اعتماد الإجراءات المتعلقة بتنقية الهواء في الأماكن المغلقة والتي تعد هامة خصوصا في المؤسسات والمدارس وهو ما يطبق في الكثير من الدول مثل نيوزيلندا، خاصة مع أوميكرون ومع وجود أشخاص يعانون الأعراض بعد الإصابة، كما لفت إلى ان التطعيم يعد هاما وحيويا للأشخاص الذين يرتبط بهم خطورة مضاعفات كمرضى السكري والسمنة وكبار السن وغيرهم.
وأضاف: هذه الموجة سريعة الإصابات وستصل إلى الآلاف بشكل سريع ولكن تسجيل هذه الأعداد سيحدده إحصاء الإصابات بدقة عبر قدرة جهاز الرصد من مسحات وغيرها على كشف الإصابات، لافتا الى ان بعض الدول وصلت مرحلة تشبع جهاز الرصد ولم يستطع رصد كل الأرقام بدقة.
وأشار إلى أن الذروة بالنسبة لهذه الموجة تستغرق من 4 إلى 6 أسابيع لتصل وأنها ستأخذ فترة أطول حال تطبيق إجراءات تحد من الانتشار السريع مثل منع التجمعات الكبيرة بالأماكن المغلقة، وغيرها، مضيفا: نتوقع مع بداية فبراير إلى منتصفه احتمال الوصول إلى الذروة حال ترك الأمر كما هو دون إجراءات، ولكن مع تطبيق الإجراءات قد تتأخر لوقت أطول، حيث سيتم تسطيح المنحنى لتخفيف مستوى الذروة وهو بدوره يؤخر الوصول لذروة انتشار الفيروس، وفي الوقت نفسه يقلل عدد الحالات التي تضطر للدخول إلى المستشفى، مشددا أن الفيروس انتشاره سريع جدا.
وأضاف الشمري: مع اعتماد الإجراءات من الممكن ان نصل إلى الذروة منتصف فبراير، وستكون أشد وأكثر في عدد الإصابات، ولكنها مرجح أن تكون أقل حدة في دخول المستشفى والعناية المركزة، وهذا يعود لارتفاع معدلات التطعيم والجرعات التنشيطية والذي لا يمنع الإصابة ولكنه يقلل من احتمال المضاعفات، لافتا إلى ان أعداد دخول المستشفى بالكويت مرجحة أن تكون مقاربة أو أدنى من نصف أعداد الموجة السابقة، بينما العناية المركزة مرجح أن تكون مقاربة إلى ثلث الأعداد الموجة السابقة فيما الوفيات ستكون أقل كثيرا بسبب التأثير الإيجابي لحماية التطعيم من المضاعفات.
وأوضح الشمري أن هذه التفاصيل مبنية على معطياتنا المحلية بالمقارنة مع معطيات من مختلف الدول التي شهدت إصابات بالمتحور، فهناك دول شهدت تأثيرا بسيطا نسبيا ولكن كذلك هناك دول أخرى تأثرت بشكل أكبر من موجاتها السابقة.
ميثم حسين: تجاوز نسبة المطعمين 70% من سكان الكويت يجعل إغلاق المطار غير ضروري
أكد استشاري طب الأطفال والمناعة الاكلينيكية د.ميثم حسين أنه مع إعلان وزارة الصحة عن تزايد في اعداد الحالات الموجبة من خلال المسحات خلال الأيام الماضية، كانت هذه الزيادة طردية حتى زادت على 900 حالة وأكثر وتصاحب معها زيادة طفيفة بأعداد الدخول إلى المستشفى لتلقي الرعاية بالإضافة إلى نسبة متزايدة من أعداد دخول العناية المركزة.
ولفت حسين إلى ان هذا ما تشهده الدول التي تفشى وانتشر فيها متحور أوميكرون، مما يدعو إلى ضرورة تضافر الجهود على اتجاهين أساسيين أحدهما توسيع نطاق التطعيم ليشمل أكبر فئة من فئات المجتمع بمن فيهم الفئات من الاطفال في عمر 5 إلى 12 عاما، وهي فئة ليست بالقليلة في مجتمع يافع وشاب كالمجتمع الكويت وقد يصل عددهم إلى 800 ألف طفل، وبالتالي يشكلون نسبة كبيرة في المجتمع، كذلك إعطاء الجرعة الثالثة من اللقاح خاصة لفئة عالية الخطورة من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة ومن يعاني من نقص في المناعة مما يترتب عليه عدم استجابة سريعة بعد الجرعة الثانية، وهذا ما نلاحظه في التطعيمات الأخرى، بالإضافة إلى هذا تعزيز تطعيم الانفلونزا الموسمية بنسبة عالية حيث ان هناك حالات من الانفلونزا الشديدة تصاحب هذا الموسم، وبالتالي هذه الفئات على درجة عالية من الخطورة للإصابة للإنفلونزا بالإضافة إلى الإصابة بكورونا.
وتابع: أما الاتجاه الآخر من تعزيز وتضافر الجهود فتتمثل في الالتزام بلبس الكمام في الأماكن المغلقة خاصة بعد سياسة الانفتاح التي شهدناها هذا الانتشار لفيروس أوميكرون في الأسابيع الأخيرة كان نتيجة حركة الطيران والسفر والتنقل بين الكويت والدول الأخرى، حيث وصلت كفاءة حركة الطيران إلى 100% لمطار الكويت الدولي بالإضافة إلى التجمعات التي صاحبت الاحتفال برأس السنة الميلادية سواء تجمعات دينية او اجتماعية او عائلية بعد عطل الجامعات أو المعاهد.
وأوضح حسين انه من غير المنتظر ان تجدي الحلول الأخرى من الاغلاق الشديد أو منع حركة الطيران بالشيء الكثير، خاصة بعد ارتفاع نسبة التطعيم في الكثير من المجتمعات بما فيها الكويت حيث وصلت نسبة التطعيم إلى ما يقارب 70% من نسبة السكان للفئات المختلفة، بالإضافة إلى توافر أدوات مختلفة يمكن ان تساهم في سرعة التشخيص منها استخدام الفحص السريع وتوزيعه بصورة مجانية على المؤسسات المختلفة خاصة المدارس والمعاهد وأماكن العمل، كما يجب الحرص على تطعيم فئات أساسية والتي لها تعامل مباشر مع الجمهور، خصوصا الأعداد الكبيرة من الأطفال كالمدارس وأعضاء الهيئة التعليمية والإدارية في المدارس وكذلك ممن يتعاملون مع المرضى والأشخاص عاليي الخطورة من الهيئة الطبية والتمريضية وغيرهم.