- قانون السفر تألف من مادتين رئيسيتين وتناول الشروط الواجب توافرها في السفينة والنوخذة وسلوك البحارة وقسمة الناتج
- قانون الغوص تشكَّل من 51 مادة وحدد أسس التعامل بين النواخذة والبحارة وترتيبات السلف وحالات الوفاة واستفاد منه أبناء الدول المجاورة
- الطراد الروسي فارياغ أفضل السفن وأحدثها أمرته حكومته بتغيير اتجاهه والتنقل بين موانئ خليجية منها الكويت مما أقلق بريطانيا
- إنشاء مجلس المعارف في 1936 ليأخذ زمام المبادرة في الإشراف على دائرة معارف الكويت ومتابعة إنشاء المدارس في كل مكان
- «الكويت اليوم» أصبحت ذات أهمية قصوى للأفراد والشركات والوزارات لأنها مرجع الوصول إليه سهل والاطلاع عليه يسدّ حاجة كل محتاج
- المدارس الأهلية غطت الفرجان قديماً حتى جاءت سنة 1912 فافتتحت أول مدرسة تسير على الطريقة النظامية وهي مدرسة المباركية
بقلم: د.يعقوب يوسف الغنيم
في هذا الفصل تنويع في عرض الأوراق، إذ يرى فيها من يقرؤها تباينا في الموضوعات المدرجة فيه. وهذا لا يضر لأن العنوان لا يدل على موضوع محدد، بل هي أوراق تمت لي كتابتها منذ فترة وأنا أقدمها كما هي، ولن أتوقف عن نشرها حتى تنفد. في هذا الفصل:
1 - قانونا الغوص والسفر.
2 - عودة الى زوار الكويت.
3 - التعليم.
4 - جريدة الكويت اليوم.
5 - حول اللهجة الكويتية.
وستأتي الموضوعات بحسب الترتيب الذي تقدم هنا، وكما يلي:
1 - قانونا الغوص والسفر
من المعلوم أن الكويت كانت تهتم بالعمل البحري اهتماما كبيرا، وكان البحر مصدرا من أهم المصادر الجالبة لأرزاق الأهالي في الزمن البعيد.
وكان أكبر عدد من السكان هم الذين يعملون في هذا المجال من خلال رحلتي الغوص والسفر، ولما كان هذا العمل الكبير بوجهيه اللذين ذكرناهما قد ترتب عليه بعض المشكلات في التعامل بين الأفراد العاملين، فقد كان من المهم أن يوضع نظام يحدد الإجراءات التي ينبغي أن تتخذ في سبيل إدراك الرحلات الناجحة، وفي سبيل استتباب الهدوء في البلاد إذا وجد عن طريق الأنظمة ما يكفل الحلول لكل ما قد يحدث من خلافات أثناء العمل.
ومن أجل ذلك فقد سعت حكومة الكويت الى إيجاد النظام الملائم لنشاطي الغوص والسفر، فأصدرت في سنة 1940م، قانونين أولهما هو قانون الغوص، والثاني هو قانون السفر.
وقد تم لنا ذكر ذلك في كتابنا: «مواقع ومشاهد على ساحل جون الكويت الجنوبي». وكان تفصيل ذلك كما يلي:
1 - من الأمور الدالة على أن التجارة البحرية الكويتية لم تكن تسير بلا ضابط، وأنها على العكس منتظمة وفق حدود مرسومة يعلمها رجال البحر من البحارة والنواخذة والتجار وغيرهم، فقد حُدد كل ذلك ضمن «قانون السفر في الكويت»، ويكتسب هذا القانون أهميته من كونه قد صدر في وقت بعيد نسبيا، فقد كان ذلك في سنة 1940م، وقد وقع على هذا القانون أمير الكويت - آنذاك - الشيخ أحمد الجابر الصباح.
يبدأ القانون بالديباجة التالية: «نحن حاكم الكويت، أحمد الجابر الصباح، بناء على ما عرض علينا رئيس مجلس الشورى، وبناء على رغبتنا في إصلاح البلاد والعباد أمرنا بما هو آت»، ثم يستمر عرض ما يحتوي عليه هذا القانون.
ويتألف «قانون السفر في الكويت» من مادتين رئيسيتين، الأولى في تسمية القانون، ثم تفريع موضوع القانون الى واحد وستين فرعا، والمادة الرئيسية الثانية تطلب من رئيس مجلس الشورى تنفيذ هذا الأمر، الذي صدر في الثامن والعشرين من شهر ربيع الثاني لسنة 1359هـ الموافق للرابع من شهر يونيو لسنة 1940م.
وقد تناول القانون في مواده الشروط الواجب توافرها في السفينة، وفي النوخذة الذي ينبغي أن يكون مالكا لحواسه، عارفا لمسالك البحار، وأن يكون حسن السلوك.
وحتمت المادة الثالثة على صاحب السفينة أن يجعل للنوخذة مساعدا ذا خبرة يقوم مقامه عند الحاجة.
ثم تحدث عن الطاعة التي يجب أن يتحلى بها البحارة، والشروط الواجبة في السكوني (المسؤول عن دفة السفينة)، ثم بين قسمة الناتج، وكيف يتم توزيعه بين كافة المرتبطين بعمل السفينة، وكيفية التصرف في حالة تعرض السفينة للأخطار، وضرورة التزام النوخذة بكتابة عقد بينه وبين البحارة عند استخدامه لهم.
إضافة الى عدد كبير من الأمور التي جاءت بها مواد القانون لتحفظ الحقوق بين الناس، وتصلح أمورهم.
ب ـ وكما كان للسفر قانون ينظم أموره، ويحمي العاملين فيه من مخاطر بكافة أنواعها، فإن للغوص مثل ذلك، إذ صدر في يوم التاسع والعشرين من شهر مايو لسنة 1940 قانون الغوص الذي وضع أسس التعامل بين النواخذة والبحارة، وترتيبات السلف وهو دفع المبلغ المسبق للعامل على ظهر السفينة، ثم كافة ما يتعلق بالأمور المالية من توزيع الناتج وطرق ذلك، ومن حالات الوفاة وكيفية التصرف فيما يستحق للمتوفى أو يستحق عليه.
وكثير من الأمور الأخرى التي تطرأ أثناء العمل في هذا المجال الذي كان في تلك الفترة من أهم الأعمال في الكويت، بل وكان يستفيد منه عدد كبير من أبناء الدول المجاورة الذين كانوا يحضرون في الموسم للانخراط في سلك الغوص أملا في الحصول على ما يكفل لهم حياة مستقرة بسبب ما يمكن أن يتيسر لسفينتهم العثور عليه من لؤلؤ.
طبع قانون الغوص في كتيب صغير، ونشر في حينه، وقد أسرع من يعنيهم الأمر الى اقتنائه لتنفيذ ما فيه، وكان يتكون من إحدى وخمسين مادة تناولت كل الأمور المتعلقة بالغوص منذ الاستعداد له، وتحديد مدته، والنواحي المالية المتعلقة به، وحالات مرض البحار أو وفاته، وما يتم حول ذلك من امور، وكذلك انواع الغوص، وشتى الطرق التي يلتزم بها البحار، وكذلك وضع السفينة ومستحقات مالكها، وغير ذلك من الامور، ومن الجدير بالذكر ان كثيرا من هذه الامور كان قد اتفق عليها عرفا دون قانون مكتوب، ولكن صدور هذا القانون كان من اجل اعطاء كل ذي حق حقه على سبيل الوضوح، وعدم التداخل، وحسما لأي مشاكل قد تنجم في أثناء العمل.
2 - عودة إلى زوار الكويت
كانت الكويت منذ ان بدأت الحياة النظامية فيها تستقبل زوارا من كل مكان. وكان اكثر هؤلاء الزوار الطارئين الذين لا يمضون وقتا طويلا فيها يحرصون على امرين احدهما الاحاطة التامة بأحوال البلاد والثاني هو معرفة الامكانات الواعدة فيها بما في ذلك الميناء المناسب.
وكان من ضمن اولئك الذين زاروا بلادنا - قديما - من جاء لمجرد التعارف واكتساب الصداقة، ومحاولة الاستفادة من العلاقة التي قد تنشأ بسبب زيارتهم، وذلك لما وجدوه في الكويت من دلائل على مستقبل باهر، ولما لاحظوه على موقعها الجغرافي من اهمية استراتيجية يبحثون عنها.
ومن المستغرب ان تأتي في ذلك الوقت البعيد سفينة حربية روسية اسمها فارياغ للغرض ذاته، واستغراب هذه الزيارة بسبب عدم وجود ارتباط سابق لها مع بلادنا ماعدا بعض العلاقات التجارية البسيطة التي لا تدفع بدولة كبرى الى مثل هذا التحرك وهذا تفصيل لما حدث:
في النصف الثاني من سنة 1901 قام الطراد الروسي فارياغ بزيارة للخليج، وهذا الطراد من افضل السفن الروسية واحدثها، وعُدَّ من الطراز الاول من نوعه.
وقد بني في العام الذي ابحر فيه الى الخليج، وتبلغ حمولته ستة آلاف وخمسمائة طن، وهو مسلح بأربعة وثلاثين مدفعا سريع الطلقات، وستة اجهزة من الطوربيدات البحرية، وعدد الطاقم العامل على متنه خمسمائة وسبعون شخصا، وبهذا يكون الطراد (فارياغ) نموذجا لأقوى الطرادات في العالم عند ذاك.
لم يكن هذا الطراد في طريقه الى الخليج، حين امرته الحكومة الروسية بتغيير اتجاهه وذلك لأهمية المنطقة في ذلك الوقت، ولمكانة الخليج في السياسة الخارجية الروسية، وهكذا تنقل في عدة موان خليجية منها الكويت ومسقط وبوشهر ولنجة وبندر عباس.
ولم يكن هذا الحدث سارا للحكومة البريطانية التي كانت تحرص حرصا شديدا على ابعاد الروس عن هذه المنطقة، ولذلك كانت القيادة البحرية العسكرية البريطانية تتابع باهتمام بالغ حركات (فارياغ) الذي كانت حركاته تنقل بكل دقة الى قيادة الاسطول البريطاني والحكومة البريطانية، وكانت المعلومات الفورية عن كل زيارة للطراد الروسي الى المواني التي ذكرناها تصل اولا فأول الى الجهات البريطانية دون تأخير.
كانت الزيارة الى الكويت ودية، وقد اتاحت قيادة (فارياغ) لعدد من الاهالي فرصة زيارة الطراد، وارتقاء متنه، ثم الاطلاع على ما فيه من الداخل، وقد جاء في احد التقارير الروسية عن هذه الزيارة: «عندما ظهر (فارياغ) في مواني الخليج المختلفة استحوذ على اهتمام بالغ من كل السكان المحليين، ولم يلبث ان اثار فيهم اقوى مشاعر الود والتعاطف تجاهه فضل الحجم الكبير للسفينة، ومنظرها المهيب، وفخامتها ونظافتها، وترتيبها من الداخل، وإضاءتها الكهربائية القوية، ومدافعها الجبارة، وفرقتها الموسيقية لآلات النفخ التي لم يسبق ان ظهر مثلها في الخليج، ومعداتها التكنيكية المختلفة، وأنظمتها الحديثة للغاية، وتعداد طاقمها».
زار (فارياغ) الكويت في وقت مناسب جدا، وذلك في اثر الازمة التي نشأت نتيجة لحرب الصريف، فكانت الزيارة بمثابة دعم للبلاد، وكانت ذات دلالة على حرية التصرف بالنسبة للشيخ مبارك الصباح حاكم الكويت في ذلك الوقت الذي رحب بقدوم هذه السفينة على الرغم من معرفته بأن ذلك يزعج حلفاءه الانجليز، ولكنه فعلها.
3 - التعليم
المجتمع الذي كان ناشئا في كويت الأمس، له احتياجاته الخاصة التي تعين على شؤون الحياة ومن هذه الاحتياجات: الحصول على قسط من التعليم، وهذا القسط يحتاج إليه المجتمع في مجالين مهمين أولهما ديني وهو التمكّن من قراءة القرآن الكريم ومعرفة ما يمكن ان يعرف عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وثاني المجالين هو بث القدرة على القراءة والكتابة والحساب لدى أفراد الشعب حتى يتمكنوا أو - على الأقل - يتمكن عدد لا بأس به منهم من ذلك، فهم بحاجة الى كتابة ما يتراسلون به من رسائل أهلية وتجارية.
وهم - كذلك - بحاجة الى الاطلاع على بعض الكتب او الصحف بحسب ما يتوافر لهم. وقد بدأ ذلك بالتدريج. كما يلي:
- جاء الى هذه الأرض ضمن المجموعات الأولى من السكان بعض من نال شيئا من التعليم، وقد وجد هؤلاء أن باستطاعتهم الاستفادة من مقدرتهم هذه عن طريق تعليم أبناء البلاد الذين كانوا بحاجة ماسة الى اكتساب المعرفة.
ومن هنا بدأت المدارس الأهلية فكان الواحد من هؤلاء، يخصص جانبا من مسكنه يلتقي فيه بعض التلاميذ لكي يقوم بتدريسهم، وكان أول ما يبدأ به هو القرآن الكريم لأن المقصد الأول من عمله هو تمكين الأولاد من قراءة المصحف الشريف كاملا، ثم يبدأ بتعليمهم القراءة والكتابة والحساب.
وقد تخرج من هؤلاء عدد من التلاميذ النُجباء الذين عملوا في المجالات التي كانت في حاجة إليهم عند بداية الأمر.
كان هذا النوع من المدارس الأهلية كثيرا يكاد يغطي كافة (الفرجان)، ونال بعض المدرسين صيتا جيدا في العمل في سلك التدريس، فصار بعض الأهالي يرسلون أبناءهم اليهم حتى ولو كان (الملا) صاحب المدرسة بعيدا عن المسكن الذي يعيش فيه التلميذ.
لقد وُجد الفاضل والمفضول بين هذه المدارس وكان بينها نوع من التنافس أدَّى الى دخول بعضها الى مرتبة جيدة مرموقة بحسب ظروف ذلك الزمان.
واستمر الأمر على هذه الحال الى ان جاءت سنة 1912م، فافتتحت أول مدرسة تسير على الطريقة النظامية التي صارت تسير عليها المدارس الحكومية فيما بعد، وهي المدرسة المباركية. وكانت هذه المدرسة قد نشأت بجهود الأهالي الذين تكاتفوا من أجل إقامتها خدمة للوطن وأبنائه، فصارت بادرة خير، وبداية للتعليم الذي نراه الآن.
وقد اهتمت حكومة الكويت بالأمر، فأنشأت في سنة 1936م مجلسا أطلقت عليه اسم: مجلس المعارف، أخذ فيما بعد بزمام المبادرة، فصار يشرف على دائرة معارف الكويت، ويتابع إنشاء المدارس في كل مكان من البلاد، ويعنى بالمستوى التعليمي، وكانت الرغبة في نشر العلم الكامل الذي يغطي حاجة البلاد من المتعلمين في كل التخصصات لدى هذا المجلس هي التي دفعت الى تنويع التعليم وإرسال عدد كبير من الطلاب من أجل الدراسة في الخارج. كان رئيس مجلس المعارف هو الشيخ عبدالله الجابر الصباح.
وهكذا نرى حركة التعليم في الكويت، وقد بدأت حركة بسيطة، جرت بدايتها بحسب الظروف المتاحة ودعت اليها الحاجة الماسة لأنه لا مجتمع يستطيع ان يجابه الحياة بدون علم، وعندما نشأت دائرة معارف الكويت التي كان مجلس المعارف مسؤولا عنها فإنها قامت بواجبها خير قيام، وسارت بأمر التعليم بخطوات سريعة ومدروسة أدت الى الحصول على نتائج مهمة نراها الآن في الأعداد الكبيرة من أبناء الكويت المتعلمين والمتخصصين في كثير من مجالات العلم التي نحتاج إليها، ونراها في العدد الهائل من المدارس، والتنوع في الجامعات التي باتت تخرِّج للبلاد من أبنائها من يقوم بسد حاجتها من الأيدي العاملة بكل تخصصاتها، حتى صرنا نرى أبناء الكويت وهم يعملون في مختلف المجالات.
لا نستطيع أن نقول: إن الكويت كانت في زمانها الأول خالية من حملة العلم، فالأدلة على ذلك موجودة، ولكنها كانت تسعى بأبنائها لإدراك ذلك منذ البداية ويدلنا على ذلك انه على الرغم من ضعف الأخبار التي وردت عن المتعلمين في ذلك العصر، فإننا على يقين من وجود نماذج منهم يدل وجودهم وعملهم في الكويت على وجود أمثالهم لأن العلماء وطلاب العلم لا يرتاحون إلا بوجود آخرين معهم يتبادلون معهم علمهم وآراءهم وربما راجعوا معا كتبا وردت إليهم من الخارج فاستفادوا كلهم منها، ومن أدلة ذلك عالم صار معروفا الآن بعد أن قام مركز البحوث والدراسات الكويتية بطبع كتاب كان قد خطه بيده، وهذا الكتاب هو: الموطأ لابن مالك، وهذا الشخص العالم هو مسيعيد بن أحمد بن عبدالله بن سالم الذي كان في جزيرة فيلكا الكويتية حين خط هذا الكتاب في سنة 1682م.
ولا يمكن أن يكون هذا الرجل وحيدا في تلك الجزيرة، ولكنه - لا شك في ذلك - كان يعيش في بيئة علمية مهما كان مقدار ما تضم من العلماء والمتعلمين، بدليل ما ورد عن الفقيه عثمان بن سند المولود في سنة 1766م، فقد جاء الى الكويت بعد تنقل في طلب العلم على أيدي عدد من العلماء في الخارج. وعندما جاء تلقى المزيد من ذلك على يد قاضي الكويت - آنذاك - الشيخ محمد بن فيروز ووردت إشارات الى انه مر بفيلكا وله فيها معارف وآثار.
4 - «الكويت اليوم».. جريدة الكويت الرسمية
مضى على صدور العدد الأول من هذه الجريدة عدد كبير من السنين، فقد كان ذلك في اليوم الحادي عشر من شهر ديسمبر لسنة 1954م. ولكن الزمن لا يزيدها إلا قوة ولا يزيد قراءها إلا اهتماما بها وحرصا على اقتنائها.
فهي الجريدة التي تضم ما يحتاج اليه المواطن من معلومات عن أنظمة البلاد وبخاصة ما يستجد منها.
وهي التي تضم القوانين التي يتم إصدارها على مدار السنين. ولقد أصبحت بهذه الصفات ذات أهمية قصوى للأفراد والشركات والوزارات، فهي مرجع الوصول إليه سهل، والاطلاع عليه يسد حاجة كل محتاج الى أي معلومة من المعلومات التي تطرأ.
كانت هذه الجريدة تصدر في صباح كل سبت، وكان ثمنها 4 آنات، وهي ربع الروبية التي تساوي 75 فلسا، وقد استمر صدورها في هذا الموعد الى يوم السبت الموافق للثلاثين من شهر نوفمبر لسنة 1956م حين صدر العدد السادس والتسعون فصار إصدارها يتم في كل يوم أحد، وذلك لأسباب رأتها دائرة المطبوعات والنشر التي كانت تشرف على إصدار الجريدة في ذلك الوقت ولاتزال مشرفة عليها الى اليوم. بعد ان تحوَّل مسماها الى وزارة الإعلام.
كانت صفحات العدد الأول قليلة، إذ لم تكن تتجاوز الست عشرة صفحة.
ولكن هذه الجريدة المهمة نمت سريعا وتطورت في طرق تزويدها بالمعلومات والبيانات الحكومية التي تصدر بشكل دائم حتى تضاعفت صفحاتها، وبخاصة في الأوقات التي تصدر خلالها قوانين، فلم تكن الهيئة المختصة في هذه الحالة تتوقف عن إدراج ما يصل إليها من معلومات جديدة في أول عدد يصدر، وذلك حرصا على وصول القوانين والأوامر الرسمية الى الجمهور بأسرع وقت ممكن، وهذا هو ما جعل لهذه الجريدة اهميتها، وهو ما جعلها تزداد حجما مع مرور الأيام.
ولعل المتتبع لأعداد «الكويت اليوم» منذ صدرت يجد ان ما صدر منها قبل سنة 1961م اقل في عدد الصفحات مما صدر من الجريدة فيما بعد، وذلك لأن هذه السنة هي سنة الاستقلال، وهي السنة التي صارت حكومة الكويت فيها تتحمل كثيرا من المسؤوليات، فصدرت مراسيم أميرية كثيرة وقوانين متعددة وكانت نقلة الكويت من حال الى حال سببا في كثرة الاعمال وهذه الاعمال تحتاج الى التوعية بها، وحث الناس على المشاركة في الانشطة المصاحبة لها.
ولذلك وجدنا أعداد جريدة الكويت اليوم الصادرة فيما بعد سنة 1961م، هي التي تضم الصفحات الاكثر، والمعلومات الأوفر. كانت أغلفة «الكويت اليوم» متشابهة الى حد كبير فهي ذات لون ازرق مرسوم عليها باللون الابيض بعض الصور التي تمثل المظهر البحري المعهود للبلاد.
ولكننا وجدنا أعدادا اخرى قليلة تخرج عن هذا النمط وعلى الاخص في بداية صدورها فهناك عدد يضيف الى ما سبق شعار دولة الكويت القديم ملونا بألوان زاهية. وهناك عدد تبرز فيه الرسوم وتظهر ألوانها اضافة الى الشعار المذكور.
والجريدة تصدر عند الضرورة اعدادا خاصة تفرض الايام صدورها، ولعل أهمها ذلك العدد الخاص الذي لم يتجاوز موضوع التوقيع المشترك بين أمير دولة الكويت الأسبق الشيخ عبدالله السالم الصباح والسير وليام كوكس، وذلك بشأن الغاء الاتفاق التعاقدي الذي تم بين الكويت وبريطانيا في سنة 1899م.
ولقد تضمن هذا العدد الخاص كل ما يتعلق بهذا الموضوع اضافة الى الكلمة السامية التي ألقاها أمير البلاد بمناسبة الاستقلال، وهذا الذي ذكرناه انما هو سرد لماضي هذه الجريدة في ايجاز شديد.
حول اللهجة الكويتية
الشاعر مطلق نهار المطيري من الشعراء المجيدين الذين ينظمون الشعر النبطي، وله ديوان مطبوع في سنة 2007م، وقد أعده وأشرف عليه الاستاذ فرج سلمان فرج الخيرالله.
وشعر مطلق نهار فيه تنويع كثير فهو يقول الشعر في كافة الأغراض التي يتطرق إليها الشعراء، ويهتم أكثر منهم بالشعر الذي يتكرر غناؤه عن طريق فرقة القصر الأحمر للفنون الشعبية وهي فرقة نشأت في الجهراء، وصارت علامة فنية راقية فيها، ولها مشاركات في كثير من المناسبات فهي تؤدي العرضات في المناسبات الوطنية، كما تشارك في الحفلات العامة بالاغاني التي نجدها في ألحان السامري والمجيلسي والفرينسي، ولكل هذه الفنون يقدم الشاعر مطلق نهار انتاجه فتصدح به الفرقة المذكورة.
هذا وله اهتمام بالمحاورات الشعرية ولذلك فإنه قد شارك الشعراء المتحاورين، فأبدع وأجاد.
نختار من شعر صاحبنا هذا بعض الأبيات الغزلية التي تم غناؤها على لحن الغناء السامري، وقدمتها فرقة القصر الأحمر التي ارتبط بها الشاعر زمنا طويلا.
هذه طبيعة الاشعار التي تغنى في حفلات السمر فهي ذات أبيات قليلة، فمجملها خمسة، يوجهها الى صديق له اسمه خلف الخضاري، ويشكو له ما يعناني.
وهو يقول لصاحبه إنك يا خلف لو رأيت هذا المحبوب لأخذت له السلام والتحية، ثم يبدأ في وصف من تعلق قلبه به، فيقول: ما رُبَا يا خَلَفْ غض النهد بالصحاري
ما تعرض سموم القيظ بالمهمهية
وسط بيت كنين ما تجيه الذواري
مستكنْ عن اللاهوب دمث الشفية
طفل ريم ابزينه كل يوم ايماري
بشرته ناعمة والرأس ذيل العبية
يا خلف لي خياله كل يوم امباري
ما تكبّر علي، الله ايخليه ليّهْ
هذا شعر رقيق، يعبر عن عاطفة صادقة، ويذكر فيه أن المحبوب يعيش في نعيم يبتعد به عن الصحراء القاحلة بما فيها من حر شديد، ومن رمال تسفيها الرياح، لأنه اعتاد السكن في بيت محفوظ عن كل هذا.
وهو مع ذلك جميل المظهر كأنه طفل الغزال، وهو يفاخر بحسنه، ونعومة بشرته، وشعره الطويل.
ثم يعود الى صاحبه قائلا: ألا تعلم يا خلف ان خيال هذا المحبوب يرافقني اينما ذهبت، وانه في كل وقت لا يغيب عن بالي.
وهل تعلم انه لم يتكبر علي في يوم من الايام وهذا ما يسبب شدة تعلقي به، ولذا فإنني أدعو ربي ان يبقيه لي على الدوام.
ومما يلفت البال الى شعره انه يتابع كل شيء في بلدته (الجهراء) وكان من أهم المواسم هناك موسم الربيع وعطلة نصف السنة عندما ينتقل عدد كبير من ابناء العاصمة من الجنسين الى هناك حيث الجو اللطيف، والمزارع الجميلة والاعشاب البرية التي تملأ المرتفعات والوهاد.
وقد كتب مطلق نهار عن هذه المظاهر وخص منها الرحلات الداخلية التي منها رحلات النساء والأطفال الى المطلاع، وهذه عادة يحرص عليها الجميع، وحول واحدة من هذه الرحلات قال:
سَقْوَى سقا الله كواشيت ورا المطلاع
يعلْ مكشاتهم دايم يعودونَهْ
يعل منزالهم للوسم والمرباع
والفقع بخيامهم ينبت ويلقونهْ
والخد رويانة أو فيها العشب أنواع
تباشروا فيه والرعيان يرعونه
أوْ تلقى العذرى اصفوفٍ شايلات القاع
والكل منا يشوف الزين بعيونه
وتضمني الأيام، فيعود الى ذلك المكان الذي وصفه (ورا المطلاع) فيقول:
البر من عقب الكواشيت ياشينه
ما به حلا من عقب غضّات الانهاد
باچر وْعِقْبهْ يوم خلوه مخلينه
ما ينقعد به يوم خلوه الاجوادِ
وتعبيرا عن هذا الاسف الذي سيطر على فكره نتيجة لفقده تلك الايام الجميلة فإنه يتجه الى الوزارة التي تقرر عطلة المدارس في الربيع حيث ينطلق الاهالي بأبنائهم وبناتهم الى المرابع المختلفة ومنها الجهراء، وهنا يقول هذا الشاعر:
ليت الوزارة اتْطوِّلْ عطلة الربيع
مدة ثلاثين يوم مع لياليها
خمسة عشر يوم عنا تنقضي سريع
أيامها قليلة ما نهتني فيها
وآخر القول إن ديوان هذا الشاعر غني بالقصائد الجميلة القريبة جدا من احوال البيئة التي كان يعيش فيها.
ومن عرف الجهراء مثل ما اعرفها فإنه سوف يدرك كل ما ذكره في شعره من وصف للرحلات الخلوية (الكشتات) وللناس، وللأماكن على اختلاف مواقعها ونحن نشكر للأخ فرج سلمان الفرج الله على اهتمامه بهذا الشعر وجمعه ومتابعة طبعه.