بدعوة من رئيسة المنظمة العربية لحماية الطبيعة السيدة رزان زعيتر، شاركت مؤسسة «لوياك»، ممثلة برئيسة مجلس إدارتها فارعة السقاف، في فعاليات الاجتماع الاستشاري لمنظمات المجتمع المدني، الذي عقد على مدى يومين متتاليين، تحضيرا للمؤتمر الإقليمي السادس والثلاثين للشرق الأدنى لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO). وضم الاجتماع خبراء وممثلين عن هيئات المجتمع المدني ومنظمات صغار منتجي الأغذية، كما تخللته مداخلات لأكثر من 20 متحدثا ومتحدثة من 13 دولة عربية، ومشاركة نسائية وشبابية واسعة.
الاجتماع التحضيري الذي نظمته كل من «العربية لحماية الطبيعة» و«النقابة التونسية للفلاحين» و«مجموعة عمل الإمارات للبيئة»، بالتعاون مع «الشبكة العربية للسيادة على الغذاء»، تمحورت مداخلاته المركزة حول المواضيع المطروحة ضمن جدول أعمال مؤتمر منظمة «الفاو». وقد شملت المواضيع مسألة «الأمن الغذائي والأنظمة الغذائية الصحية من أجل تغذية وحياة أفضل»، «بناء مجتمعات ريفية قادرة على الصمود من أجل إنتاج وبيئة وحياة أفضل»، أضف إلى «التخضير والعمل المناخي من أجل إنتاج وبيئة أفضل».
«لوياك»: التطوع البيئي على قمة أنشطتنا
وكانت السقاف، التي مثلت دولة الكويت من خلال «لوياك»، قدمت ورقة عمل بعنوان «الشباب والأمن الغذائي والعمل المناخي»، خلال الجلسة الرابعة من الاجتماع، ألقتها بالنيابة عنها السيدة فتوح الدلالي، عضو مجلس إدارة لوياك. ولفتت فيها إلى أن «الكويت تواجه تحديا صعبا في محاولاتها التكيف مع المعايير الدولية لمكافحة التغير المناخي. ويدفعنا ذلك، كمؤسسة مجتمع مدني كويتية إلى الأخذ على عاتقنا المسؤولية الوطنية والإنسانية بإعادة ترتيب أولوياتنا التطوعية ليصبح التطوع البيئي على قمة أنشطتنا». واستعرضت الجهود الحكومية وجهود القطاع الخاص والمجتمع المدني في هذا الإطار، مقدمة نماذج عديدة لـ«مبادرات أهلية وجهود فردية جبارة ومحاولات إصلاحية لناشطين بيئيين، تعد مؤشرا لازدياد وعي المجتمع الكويتي بأهمية المساحات الخضراء».
وأوجزت السقاف الأنشطة البيئية التي نفذتها «لوياك» من تنظيف الشواطئ العامة وزراعة وتخضير الحدائق في الكويت إلى زراعة الأشجار في لبنان. وكشفت أنهم «بصدد إطلاق مشروع أكبر بالتعاون مع الدكتور عيسى العيسى، طبيب الأسنان المهتم بالشأن البيئي، لمساعدته في تنفيذ خطته لامتلاك قطعة أرض مناسبة نقوم بزراعتها وصيانتها، بما يتناسب مع مواصفات البيئة الكويتية الصحراوية». وقالت: «نحن بحاجة للعمل بشكل جماعي منظم لحماية أنفسنا وأبنائنا وكوكبنا من الخطر، فلا فرصة للنجاح في التصدي لهذه التداعيات إلا بالجهود المشتركة».
10 توصيات من لوياك
وكانت السقاف طرحت التوصيات العشر المقترحة من قبل «لوياك»، حيث أوصت «الحكومات العربية بضرورة تفعيل دور القطاع المدني في حماية البيئة وإشراكه بشكل فاعل في المشاريع الزراعية والبيئية بتوصية من «الفاو»، من أجل تبني مقترح للحكومات يقضي بتوزيع الأراضي الصحراوية وتوفير التسهيلات اللازمة للناشطين البيئيين، بما فيها منحهم صفة مراقب بيئي بصلاحيات تخولهم تحرير المخالفات البيئية».
ودعت كذلك إلى «توحيد جهود المنظمات البيئية والغذائية والمجتمع المدني عبر تبني حملات توعوية موحدة في شعاراتها، تطلقها منظمة «الفاو»، بهدف رفع الوعي الأخضر، خصوصا في مجال إنشاء الأحزمة الخضراء وصيانتها وتوفير الأمن الغذائي. وهناك حاجة لتأسيس حركة أو تجمع بيئي على غرار مؤسسة «آفاز»، للحد من الانتهاكات البيئية، كما المطالبة بتشريعات وقوانين قادرة على مواجهة مخاطر التغير المناخي، ودعم الأحزمة الخضراء».
السقاف، التي طرحت أيضا أهمية «عقد تحالفات مع رؤساء البلديات والمخاتير، بما يحثهم على المنافسة في خلق المساحات الخضراء المثمرة»، رأت أنه من الضروري «وضع مناهج بيئية متدرجة لمختلف المراحل التعليمية، وفرض التطوع البيئي كمقرر إلزامي للتخرج من المرحلتين الثانوية والجامعية، وتوجيه الطلاب نحو تأدية الخدمة المجتمعية الإلزامية في المجال البيئي، أضف إلى أهمية تحفيزهم على التطوع في حملات التخضير، من خلال طرح مسابقات ومشاريع بيئية تعزز الجانب الإنساني والوطني، وكذلك تكليف الخريجين العاطلين عن العمل، المشاركة في مهام زراعة الأراضي الصحراوية مقابل مكافآت مالية». وفي الختام، دعت إلى «ربط العلاوات والترقيات في القطاع الحكومي بالخدمة التطوعية، وتشجيع القطاع الخاص على اعتبار التطوع أحد معايير قياس أداء الموظف».
تعزيز دور المجتمع المدني
يهدف الاجتماع الاستشاري إلى تقييم عمل منظمة الأغذية والزراعة خلال العامين الماضيين، بالإضافة إلى إعداد مواقف موضوعية لمنظمات المجتمع المدني، كما توحيد وجهات نظرها وخبراتها ومعارفها وقدراتها الفنية ومعالجة البنود المقترحة، ليصار إلى عرضها خلال جدول أعمال الاجتماع الوزاري، والذي سيتضمن اتخاذ قرارات تتعلق بالأولويات الإقليمية، وسيساعد في وضع برنامج عمل «الفاو» في بلاد الإقليم.
يأتي الاجتماع في سياق تعزيز مشاركة المجتمع المدني في صنع القرارات ذات الصلة بالأمن الغذائي والزراعة، كما لدعم الحوار بين قطاعات المجتمع المدني وتوطيد التعاون بينها، أضف إلى صياغة التوصيات المقترحة للجهات المعنية ولمنظمة الأغذية والزراعة، وبالتالي إعداد بيان مشترك للمجتمع المدني واختيار المتحدثين، للمشاركة في المؤتمر الإقليمي السادس والثلاثين.
ومن خلال أربع جلسات نقاشية، عرض كل متحدث مقاربته للواقع الحالي. فقد تمحورت الجلسة الأولى حول عنوان «الأمن الغذائي والأنظمة الغذائية الصحية من أجل تغذية وحياة أفضل»، وناقشت واقع القمح في العالم العربي، التجارة والتكامل الإقليمي، هدر الطعام، المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، التغذية والأمن الغذائي، أضف إلى سلاسل القيمة الشاملة في قطاع الزراعة والأنظمة الغذائية الصحية.
أما الجلسة الثانية تحت عنوان «بناء مجتمعات ريفية قادرة على الصمود من أجل إنتاج وبيئة وحياة أفضل»، فتطرقت مداخلاتها إلى ضرورة دعم صغار المزارعين والعمال، أهمية دور الصيد التقليدي والأمن الغذائي، كما دور القطاع الرعوي في التنمية وسبل دعمه ودور التعاونيات الزراعية النسائية. واستعرضت كذلك مسار التطور في القطاع الزراعي، كما التنمية المستدامة وسلاسل القيمة الخاصة بالزراعة أصحاب الحيازات الصغيرة والابتكار.
واستهل اليوم الثاني والأخير، بجلسة ثالثة استكملت عنوان الجلسة السابقة، حيث جرى الحديث عن الصراعات والأمن الغذائي والأرض، تأثير العقوبات على الغذاء في لبنان والمنطقة العربية والأمن الغذائي، الشباب والعمل التنموي التطوعي ودور المرأة في السلم الأهلي، أضف إلى واقع القطاع الزراعي في ظل الأزمات ومع انتشار جائحة كورونا. وتحت عنوان «التخضير والعمل المناخي من أجل إنتاج وبيئة أفضل»، عقدت الجلسة الرابعة، حيث تمت مناقشة واقع المياه في العالم العربي والعمل المناخي، التغير المناخي والأمن الغذائي، الشباب والأمن الغذائي والعمل المناخي، زراعة الغابات والتخضير، البذور والتربة والأسمدة والعمل المناخي.
وكان الاجتماع الاستشاري افتتح بكلمات ترحيبية للجهات المنظمة، كما جرى عرض تقرير «الفاو» للعامين الماضيين، إلى جانب الخطة المستقبلية. واختتم الاجتماع بمناقشة البيان الختامي واختيار المتحدثين الذين سيشاركون في الاجتماع الوزاري.