أمِلتْ رئيسة مجلس إدارة مؤسّسة "لوياك" والرئيسة التنفيذية لأكاديمية "لابا"، فارعة السقاف، أن "تنعم المرأة العربية، كما الطفل العربي، بالأمن والسلام أولًا، وأن تحصل على أبسط حقوقها المفترضة"، مبديةً أسفها لـ"تراجع حقوق المرأة العربية، بما يمثّله ذلك من كارثةٍ حقيقيّة، حيث بتنا نتحدّث اليوم عن حقّها في الحياة. فالمرأة شُرّدت وجُوّعت وزاد فقرها فقرًا وحُرم أطفالها من التعليم. وهي لا تعاني فقط من قهر المجتمع، إنّما من قهر الأنظمة والحروب، أضف إلى ذلك قهر الموروثات الاجتماعية التي يسيطر عليها الفكر الذكوري، وغيرها الكثير".
تعديل القوانين الجائرة بحقّ المرأة الكويتية
السقاف التي حلّت ضيفة برنامج "حوار" مع الإعلامية القديرة كابي لطيف، في لقاءٍ إذاعي حول وضع المرأة العربية ودور منظمات المجتمع المدني، رأت أنّ "المرأة الكويتية لاتزال تعاني من تمييزٍ واضح وصريحٍ في الكثير من القوانين المجحفة بحقّ المرأة، حيث انّها لا تنصفها ولا تعطيها حقوقها، بينها قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959، إذ تنصّ المادة الثانية أنّه يكون كويتيًّا كلّ من وُلد لأب كويتي داخل أو خارج الكويت، وهو ما يستبعد بالتالي حق المرأة في تجنيس أبنائها. وهذا تناقض واضح مع مواد الدستور، فالمادة رقم 29 تنصّ على أنّ كلّ المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، ولا تمييز بينهم لجنسٍ أو دينٍ أو لون".
وفي سياق حديثها لإذاعة "مونت كارلو الدولية"، انتقدت السقاف "قانون الجزاء الذي ميّز في المادة 153 بين المرأة والرجل في عقوبة القتل بسبب الزنا، حيث يخفّف الجرم عن الرجل ويعتبره جنحة، في حين يصبح جناية بالنسبة للمرأة". واعتبرت أنّ "حق المرأة الكويتية بالترشّح والمساهمة في الانتخابات هو مصيبة المصائب، حيث لم نشهد وصول أيّ امرأة إلى مجلس النواب، ما يتطلّب إعادة النظر"، متسائلةً: "ما فائدة تعيين وزيرة لا تستطيع إصدار جواز سفر لابنها، ولا تملك أيّ ولاية على أبنائها، ولا على إدارة شؤونهم العامّة، حيث ينحصر حق الولاية بالأب وحده؟!". وأضافت: "منذ بضعة أشهر فقط تمّ منح المرأة الكويتية الحق في التوقيع على إجراء عملية جراحية لأبنائها، في حال كان الوضع خطيرًا والأب غير موجود. لكم أن تتخيّلوا، كيف كانوا يرفضون إدخال أيّ حالة طارئة إلى المستشفى إلا بوجود الوالد كي يوقّع".
تعزيز حضور المرأة في البرلمان الكويتي
وعن سبل التغيير ونيل الحقوق، أعربت السقاف، الناشطة في مجال تمكين المرأة والشباب، عن استيائها من "غياب صوت المرأة في البرلمان الكويتي". وقالت: "عندما أردنا الحق السياسي كان هدفنا الأساسي تعديل القوانين الجائرة بحق المرأة، لكنّنا نعترف بأنّه بعد مرور كلّ هذا الوقت لم يُسمح للمرأة بتمثيلٍ معقولٍ في البرلمان؛ فهي لم تحصد أيّ صوت مؤخّرًا، ونجد أنّ الرجال هم من يتعاطون شؤون المرأة، لا النساء".
ومن وجهة نظرها، فإنّ "الخطوة الأولى تبدأ بزيادة حضور المرأة الكويتيّة في مجلس الأمّة، كي تطالب بتعديل التشريعات الجائرة. ولا بدّ هنا من الاعتراف بأنّ المرأة لا زالت بحاجة لدعم الرجل لإنصافها، كونها غير موجودة في مجلس الأمّة، أو يتحتّم علينا التفكير بالكوتا النسائية، كي نضمن وصول السيّدات إلى مجلس الأمة، بشرط أن تهتم كلّ منهنّ بالشأن النسائي وتبحث في القضايا الشرعية أو القوانين الجائرة بحق المرأة".
وإذ أشادت بـ"جهود العديد من منظمات المجتمع المدني التي تتحرّك باتجاه قضايا المرأة، مثل "حملة إلغاء المادة 153"، أوضحت أنّ "هذه الجهود لاتزال ضمن نطاق المجتمع المدني ومحاولاته لطرق أبواب مجلس الأمّة، والمشكلة تكمن في أنّ مجلس الأمّة لا يمثّل الصوت الذي نريده والذي ينصف المرأة".
الواقع محزنٌ والحكومات العربية لا يُعوّل عليها.
وضمن إطار حوارها الإذاعي، أشارت رئيسة مجلس إدارة مؤسّسة "لوياك"، إلى أنّ "التحديات كبيرة في الكثير من الدول العربية، وهي بأمس الحاجة لجهود منظمات المجتمع المدني التي تُعنى بالمرأة والطفل والشباب، لا سيّما أنّ الدول العربية أصبحت بغالبيّتها تحت خطّ الفقر، بسبب الظروف المعيشية وغياب أيّ دور للحكومات. كما أنّ حقوق المرأة تُعتبر قضايا شائكة في العديد من هذه الدول، ولا يمكن التنبؤ بأي شيء وسط الأحداث المتسارعة التي نشهدها بين ليلةٍ وضحاها".
وقالت السقاف: "الواقع في الوطن العربي محزنٌ يُدمي القلب، ولا أمل سوى بالمجتمع المدني، لا سيّما في اليمن ولبنان والعراق. فلبنان يعاني اليوم حربًا اقتصادية رهيبة، وفي ليبيا أيضًا، نجد أنّ المجتمع المدني مطالبٌ بالتحرك، وكذلك الأثرياء العرب مطالبون بدعم المجتمع المدني الذي يقوم بجهودٍ صادقة وحقيقية، لأنّنا لا نعوّل على الحكومات العربية".
وكشفت عن أنّ "الأميّة سجّلت 45,7% في اليمن بين عمر 10 و 45 سنة، بينها 71% من الإناث، بسبب النزاع والحرب، أضف إلى ذلك حرمان نحو مليون و800 ألف طفل من حقّهم في التعليم"، مشيرةً إلى أنّ "مؤسّسة "لوياك" تحاول قدر المستطاع أن تمدّ يد العون للمرأة العربية وأطفالها، كما للأسر المتضرّرة، حيث تدعم آلاف النساء والفتيات في اليمن من خلال برامج محو الأميّة. وفي لبنان تعمل "لوياك" مع اللاجئين السوريين، خصوصًا مع المرأة السورية المهجّرة، لدعمها وأبنائها. فقد بادرنا منذ بداية الحرب إلى مساعدة هذه الفئة، حيث اتّجهنا لأحد مخيمات اللاجئين السوريّين في لبنان، وتبنّينا 120 أسرة قبل أن يصبح العدد اليوم نحو ثمانين أسرة، بعد هجرة عددٍ منهم". وتابعت السقاف: "نهتمّ بهذه العائلات وبتمكين المرأة السورية من خلال بعض المشاريع الصغيرة، كما نساهم برفع معاناة ما يقارب 240 طفلًا ضمن سياق مشروع "قافلة الفن". وبعد انفجار مرفأ بيروت حرصنا على الاهتمام بأكثر من 200 أسرة في العاصمة، إلى جانب أسر أخرى في طرابلس (شمال البلاد) وصيدا (جنوبًا)".