من أوتي صدرا سليما لأهله وإخوانه فقد تعجل شيئا من نعيم الجنة. إن لطف العبارة، ولين الكلام، وبذل الابتسامة، وغض الطرف عن الهفوات، والعفو عن الزلات، أمور عظيمة تخترق القلوب، وتصفي النفوس، وتصلح بها الأحوال، وتعالج بها المشكلات، وتحل بها المعضلات. إن كثيرا من القضايا والمنازعات المعروضة اليوم على القضاء لو تعاملنا معها بصورة سليمة، ونفوس كريمة، لكفينا عناء التقاضي، ورفع الدعاوى والشكاوى. ولكن الناس قد ضاقت أخلاقهم، وشحت نفوسهم، وقست قلوبهم، فساءت حياتهم، وغلظت معيشتهم. إن من الشقاء في الدنيا أن يمضي عمرك وأنت تتردد على المحاكم، وتراجع القضاة، تشتكي هذا وتقاضي ذاك، ولو جعلت للعفو والصلح مكانا في نفسك لكفاك العناء والشقاء، وتأملوا قوله تعالى: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين). فاعف عمن ظلمك، وأعط من حرمك، وصل من قطعك وأعرض عن السفهاء، والجاهلين، تكن من السعداء الفائزين.