نيفين أبولافي
يواصل «العاصوف» تسجيل نجاحاته في جزئه الثالث مكملا المسيرة بخطى ثابتة مارا بأهم الاحداث التي عصفت بالمنطقة في تسعينيات القرن الماضي، وأبرزها غزو الكويت وحرب الخليج على المستوى الاقليمي وقضايا المجتمع السعودي الاجتماعية والسياسية على المستوى المحلي في جرعة اكبر من الحرية في الطرح وتناول المفردة والصورة المشهدية.
واصل العمل طرحه المندد والرافض للتشدد الديني بكل أشكاله والذي تبناه من الجزء الأول بعرض كيفية تغلغل هذا الفكر للمجتمع السعودي، مرورا بالحادث الشهير في حرم الكعبة المشرفة والقضاء على جهيمان وجماعته، وصولا الى الجزء الثالث الذي ادخل عليه بدايات المواجهة من بعض الشباب السعودي لرفض الوصاية على المجتمع من أي جماعة متشددة والتي يقودها في العمل كل من يوسف (عبدالرحمن نافع) وراشد (سامي حازم) وتتسلل بعض الاحداث في عمق المشهد ما بين رسم الحال لبعض المتشددين في كيفية محاولة دفع الشباب للحرب خارج الوطن باسم الجهاد وبث الفرقة بين الشباب بدءا من الجامعة وصولا الى المجتمع وتبيان استغلال البعض الآخر للمواقف العامة للحصول على الاموال بطرق ملتوية كالتي شاهدناها في حكاية جمع الدية لـ«محمود» بعد قتله «فهيد».
للمرأة سياسيا في هذا العمل نصيب في مواجهة التشدد ومحاولة نيل الحقوق الاجتماعية ممثلة بمشهد قيادة المرأة السعودية للسيارة عند تجمع مجموعة من الفتيات والسيدات برعاية مجموعة من اقاربهم الشباب ويترأسهم «يوسف» و«راشد» لتعليمهن حتى تحدث المواجهة بينهم وبين احدى الجماعات المتشددة ومنها الى دورها الفاعل في المجتمع في كل مكان. المرأة حاضرة بصور عدة في «العاصوف 3»، حيث قدمت نفسها كامرأة بسيطة غير متكلفة لكنها حكيمة كشخصيتي هيلة (ليلى السلمان) وطرفة (ريماس منصور) بينما وجدناها اكثر عمقا في شخصية جهير (ريم عبدالله) كربة بيت وتقابلها على الطرف الآخر كامرأة عاملة ونشطة اجتماعيا طيف (امينة العلي).
بينما لاحظنا شخصية الفتاة المتعلمة ودورها في التنوير من خلال عدة شخصيات لمجموعة من الفتيات، وبدا واضحا في هذا الجزء حصول المرأة وهمومها وقضايا على نصيب الاسد من الاحداث ما بين الانصاف لقدرتها على التغيير والتطوير وما بين حكمتها تارة وحكم مشاعرها تارة اخرى، كون الاحداث تناولت كيد النساء فيما بينهن وحكمة البعض الآخر منهن.
يواصل الفنان ناصر القصبي خطاه الذهبية مستمرا بالتميز نفسه في الربيع الفني الذي تشهده المملكة العربية السعودية. وتصاعد الاحداث وترابطها دون هفوات تذكر او سقطات في المفارقات الدرامية ما بين الاجزاء الثلاثة عاصفا بأذهان المشاهدين شغفا لمتابعة الاحداث المتجددة ما بين العلاقات الاجتماعية وحياته كرجل وعلاقته بالمرأة من جهة والتوازن النفسي بين دوره كأب وعضو فاعل في المجتمع كمواطن يكافح الفساد، ولم يخل الأمر من كوميديا الموقف التي اضفت بعض الجمال على الاحداث.
عبدالاله السناني الذي جسد دور «محسن» كان على الطرف الآخر من انماط الشخصيات الانسانية في التكسب والبحث عن المصلحة للاستمرار في الحياة والعلاقات الاجتماعية مجديا في أدائه.
لقد استطاع «العاصوف 3» برؤية المخرج المثنى صبح ان يقدم صورة ولا اروع لأحداث ما كان من السهل تناولها دراميا دون ترجيح كفة على اخرى، فحقق التوازن بين راكورات لم تخطئ وهارموني جميل ما بين الحدث والزمان والمكان، وتبقى المقدمة الغنائية هي الاجمل في هذا الموسم الرمضاني.
«العاصوف» الجزء الثالث من بطولة ناصر القصبي، عبدالاله السناني، ليلى السلمان، ريماس منصور، ريم عبدالله، حبيب الحبيب، ومن اخراج المثنى صبح، قصة عبدالرحمن الوابلي، وتأليف ناصر العزاز.
أقرأ أيضاً:-