عبدالحميد الخطيب
لم يستطع مسلسل «عين الذيب» ان يخرج من كلاسيكية الاعمال البدوية التراثية المبنية على التحدي والثأر والضغينة والخداع وقصص الحب التي تنتهي بالفراق، وقدم لنا الصراع المتكرر بين الخير والشر ضمن احداث تجري في الماضي بين قبيلتين بينهما خصومات شديدة، لكن ميزته انه يشهد اداء تمثيليا قويا.
يستعرض الكاتب جمال الصقر من خلال نص المسلسل الصراع بين الشيخ ذيب بن ذياب (داود حسين)، والذي يمثل عنصر الشر، والشيخ صقر بن ضاوي (ابراهيم الزدجالي) الذي يستمع الى صوت العقل ويسعى في الخير ويمد يده بالسلام لعدوه، مع الوضع في الحسبان لحظات الغضب التي تحكم تصرفاته في بعض الأحيان.
الصراعات الحادة بين «ذيب بن ذياب» و«صقر بن ضاوي» تبدأ من أولى حلقات العمل، وتستمر لنتعرف على محاولة كل منهما الانتقام من الآخر على حساب القبيلتين، وحتى على حساب ابنائه واهل بيته، فبعد مقتل نمر (ياسر القرمزي) اخو «ذيب» على يد فارس (الطفل سيد محمود الموسوي) ابن صديق «صقر بن ضاوي» يقرر «ذيب» الاخذ بالثأر، في الوقت الذي يحاول فيه «صقر» قتل «ذيب» لكي ينهي الشر والخصام بين القبيلتين، لكن كل منهما ينجو من الآخر. يدخل الكاتب جمال الصقر الاجيال الجديدة في الصراع، فيكبر فارس (يجسده وهو كبير محمد صفر) ويرتبط بقصة حب مع سما (امل محمد) ابنة «صقر»، لكن يدخل «ذيب» ليفرق بينهما عندما قام بطلب يدها لابنه ذياب (حسن المطوع) كبادرة حسن نية تجاه «صقر» ولكي تنتهي حقبة الصراعات بينهما، فيوافق «صقر» لكنه لم يكن يعلم ان هذه مكيدة من «ذيب» وتمهيد ليتخلص «ذيب» منه.
تتطور الاحداث بمحاولة قتل «ذياب» ابن «ذيب» في يوم عرسه على «سما»، وتبدأ مرحلة جديدة من الرغبة في الانتقام.
اخراجيا يركز المخرج محمد القفاص على فكرة الانتقام والدماء وابراز الشر الموجود في شخصية «ذيب بن ذياب» والخير في شخصية «صقر بن ضاوي»، على حساب اظهار جمالية وسحر البيئة البدوية، فأهمل المشاهد الخارجية التي تنقلنا الى الصحراء الواسعة وطبيعة البادية الأصيلة، فانحصر اغلب التصوير في ديكورات البيوت التراثية القديمة وبين الفرجان، وهو طابع ممل تم تقديمه كثيرا.
تمثيليا، يجسد داود حسين شخصية «الشيخ ذيب بن ذياب» بحنكة وحرفية عالية، ونسينا معه انه فنان كوميدي، فقد اتقن الشر ويقدمه كما يجب ان يكون. وابدع ابراهيم الزدجالي في دور «الشيخ صقر بن ضاوي» المحب للسلام، مستغلا باتقان حركات وجهه في كل موقف يمر عليه لاظهار طيبته او غضبه. وتقدم ريم ارحمه شخصية «المها» المرأة المحبة للتعلم وتعليم الغير والتي تضحي من اجل الاخرين، ولا ننكر انها تجسد الشخصية ببراعة، لكن تأثيرها في الاحداث بالحلقات الاولى كان محدودا.
اما جمعان الرويعي فاخذنا بأدائه المتميز لشخصية «فهيم» الى مشاعر الحب التي تربطه بـ «وضحة» (فاطمة عبدالرحيم) وسط الصراعات الدموية الدائرة بين قبيلتيهما. وعلى نفس الخط تظهر «وضحة» بأداء مختلف، حيث تجسده بحيوية، وابهرتنا بتفاعلها مع قصة حبها مع «فهيم» وما تتعرض له من مشكلات خلال الاحداث.
اما شيماء سبت فتقدم شخصية «خزنة» زوجة «ذيب بن ذياب» ببراعة، ونقلت لنا بصدق مشاعر المرأة الحنونة المغلوبة على امرها. ويتألق محمد صفر في دور «فارس»، فقد تمكن من اظهار طبيعة الشخصية بكل حرفية واقتدار، وفي نفس المستوى يظهر حسن المطوع بشخصية «ذياب بن ذيب بن ذياب»، الابن الذي يحترم والده لدرجة الخوف، وكذلك أمل محمد ومواري عبدالله ويحيى عبدالرسول وموسى البقيشي وباقي النجوم المشاركين يؤدون ادوارهم بإقناع.
ينطبق على مسلسل «عين الذيب» المثل الذي يقول «مرة تصيب ومرة تخيب»، فهو يقدم دراما بدوية كانت تحتاج الى توظيف كل عناصر العمل الفني بطريقة اكثر جمالية، لكنه ايضا ضم نخبة من الممثلين الذين تماهوا مع الشخصيات التي يجسدونها بمصداقية وساهموا في تواجده ضمن الاعمال التي تحظى بنسب متابعة مقبولة في رمضان.
أقرأ أيضاً:-