سماح جمال
مسلسل «عائلة عبدالحميد حافظ» تأليف مريم نصير، اخراج سعود بوعبيد، وبطولة أحمد الجسمي، هيا عبد السلام، فؤاد علي، سماح، نور، ميثم بدر، علي الحسيني، محمد عاشور، نوف السلطان، محمد الدوسري، ايمان العلي، عبدالعزيز بهبهاني، حسين الحداد، زينب أحمد، أحمد بن حسين، سارة صلاح.
القصة
تدور أحداث العمل في إطار اجتماعي يتمحور حول عائلة عبدالحميد وأبنائه وأحفاده الذين يسكنون معه في منزل واحد إلى جانب صراعات الماضي التي يعيشها بينه وبين نفسه حول الخيارات التي اتخذها في حياته.
ويطرح العمل جدلية الزمن والحلم، فهل لأحلامنا تاريخ صلاحية؟ وهل هناك من يستحق أن نتخلى عن حلمنا لأجله؟
تمضي أجواء «عائلة عبدالحميد حافظ» في ثلاثة مستويات زمنية للقصص وبصورة متوازية، فهناك الحاضر الذي تعيشه الشخصيات، ولقطات من الـ«فلاش باك» تظهر كيف تحولت ووصلت لما هي عليه اليوم، اما الزمن الثالث فهو مقاطع من حياة الفنان عبد الحليم حافظ ومن أغنياته التي يتحدث فيها عن أعماله الفنية أو حياته الشخصية.
تمزج الكاتبة مريم نصير الشخوص بالأغنيات وحوارات عبد الحليم بصورة أضافت جمالية ونوستالجيا للأحداث بصورة جعلت القصة أكثر جاذبية.
تتشعب الخطوط الدرامية بين قصص الحب المعقدة لشخصيات العمل.. ومنها قصة الحب بين هيا عبد السلام «سعاد» المطلقة وابن عمها فؤاد علي «عصام» المتزوج من زينب أحمد «ابتسام» التي تعاني من عقدة فارق السن بينها وبين زوجها. يكابر عصام وسعاد في الاعتراف بقصة حب كل منهما للآخر رغم قربهما الكبير، وتتعقد الامور بعدما يعود طليق سعاد وأبو أولادها محمد عاشور «فايز» الذي يريد العودة لها، مع علمه بحبها لعصام.
وبالمقابل نجد قصة حب نوف السلطان «فاتن» وميثم بدر «نادر» اللذين برغم قرابتهما والحب يكابران أيضا ويبالغان في الخلافات، إلى أن يدخل الطرف الجديد في المعادلة وهو علي الحسيني «يعقوب» الشاب الكفيف«الذي تهتم فاتن بتدريسه القراءة بطريقة «برايل» فتبدأ قصة حبهما رغم العوائق التي يراها من حولهما. وهناك كذلك الخط الرئيسي لقصة الحب بين أحمد الجسمي «عبدالحميد» ونور «فضة» والتي ضحى فيها عبدالحميد بحبه وعشقه للفن من أجل رضا زوجته فضه، قبل أن تبدأ حالة الندم التي يعيش فيها.
قضايا انسانية
بخلاف قضايا الحب التي يطرحها المسلسل فهو يناقش عددا من القضايا الإنسانية الاجتماعية، كقضية التقاعد من خلال الشخصية التي تؤديها سماح «نجاة» والتي تعاني من الفراغ والاحساس بعدم الجدوى بعد بلوغها سن التقاعد، ومضى أولادها في حياتهم وقله اعتمادهم عليهما، وكيف ان اهتمامها بشيء ما قد يمنح حياتها معنى مختلفا. وقصة محمد الدوسري «سمير» الذي انتقل من حياة الضياع وقرر تغيير حياته، وحياة ايمان العلي «نادية» التي تعاني من الإحساس بالوحدة والتقدم بالعمر، مما يجعل سعاد تشفق عليها وتبدأ بكتابة رسائل غرام لها على أساس انها شاب مغرم بها!.. وغيرها من النماذج التي قدمتها الكاتبة وأضافت حالة من الثراء على المسلسل واعطته اتساعا أكثر وعمقا أكبر للقصة.
الأداء التمثيلي
يسجل العمل تميزا خاصا للفنانة سماح «نجاة» التي تتفوق في أداء مشاهد متنوعة مثل وضعها المعبر عن فقد زوجها الذي استشهد في الغزو العراقي وحزنها عليه في قمة التراجيديا، ومن ثم في مشاهد الكوميديا الموظفة بصورة صحية في العمل وتخدم الشخصية حيث قدمت صورة مقنعة عن الأم.
ونتابع ثنائية هيا عبد السلام «سعاد» وفؤاد علي «عصام» المميزة لما يجمعهما من انسجام فني، حيث يتنقلان في المشهد الواحد من حالة لأخرى بمنتهى العفوية وبعيدا عن أي تصنع، ولعل هذه الثنائية كانت غائبة عن الكثير من أعمالهما مؤخرا أو لم يتم توظيفها بالصورة المفروضة كما حدث في هذا العمل، خاصة وأنهما يتمتعان بقبول واسع لدى الجمهور.
اما الفنانة نور «فضة» الأم الحنون التي لا ترى إلا أبناءها ومصلحتهم فتظهر بأداء سهل ممتنع عفوي وبسيط وبعيد عن المبالغة أو الافتعال، وتشكل ثنائية جديدة وعير مستهلكة مع الفنان أحمد الجسمي «عبدالحميد».
بدورها، تقدم زينب أحمد «ابتسام» شخصية المرأة القوية والمذيعة المشهورة الواثقة والزوجة التي تعاني من هاجس فارق السن بينها وبين زوجها فؤاد علي «عصام»، بأداء وسلس.
ومن ناحيته، يقدم الطفل أحمد بن حسين «خالد» أداء متقنا في دور ابن «نجاة».
الديكور والموسيقى التصويرية
الموسيقى التصويرية والمزج بين أغنيات عبد الحليم حافظ وموسيقاه مع أحداث القصة في بداية كل حلقة ونهايتها من أجمل لمسات وبصمات العمل، وموظفة في خدمة الخط العام للقصة في كل حلقة بمنتهى الذكاء والاحساس.
أما الديكورات والأزياء فتتسم بالبساطة ولكن لا تراعي الدقة الزمنية في بعض الاحيان حيث هناك بعض الأخطاء وإن لم تؤثر في سياق العمل بصورة عامة، ولو أن ميزانية الانتاج كانت أكبر بعض الشيء لظهر العمل بصورة أفضل أكثر ثراء من الناحية الفنية والبصرية.
إخراج ناجح
المخرج سعود بوعبيد يقدم عملا دافئا بعيدا عن الاستعراضات الاخراجية الزائدة، ويشكل اختياره للألوان إضافة مميزة خدمت المسلسل والقصة وجعلت المشاهد يتعايش معها بشكل أعمق، وهو بحالة من النضج الإخراجي الواضح والتمكن من ادواته الفنية وتحريكه للفنانين بذكاء وتجديد في الكادرات واللقطات والزوايا المتماشية مع روح العمل وأجوائه.. إخراج العمل ناجح ويعطي للمشاهد صورة جميلة ومتناغمة مع إيقاع الأحداث.
الخلاصة
«عائلة عبدالحميد حافظ» نجح في تقديم عمل يتناول الماضي وجمال بساطته من خلال رؤية شبابية خالصة على مستويات القصة والإخراج والتمثيل، ليظهر الماضي الذي تغلب عليه الرومانسية والبساطة والقصص الاجتماعية والصرعات الخاصة، ورغم افتقار العمل لبعض النواحي الإنتاجية إلا أن الموهبة والاجتهاد في كل النواحي والتفاصيل تعوض هذا القصور، وتؤكد أن الإبداع والاجتهاد من العناصر التي تضيف قيمة حقيقية للعمل، وتسهم في تكامل صناعته وعناصره، وهذا ما يتميز به «عبدالحميد حافظ» الذي يمكن وصفه بالحصان الأسود للدراما الخليجية في 2022.
أقرأ أيضاً:-