- الجامعات تظل دائماً ركيزة التقدم وأساس القدرة على الوفاء باحتياجات ومتطلبات المجتمعات
- حريصون على تعميق التواصل والتعاون بين المؤسسات البحثية على المستويين الداخلي والخارجي
- نويمان: لا يمكن غض النظر عن سلبيات وسائل التواصل مثل انتهاكات الخصوصية والأخبار المزيفة
- الوهيب: مطالبون بالتفكير جدياً في التأثير الخطير جداً لوسائل التواصل على هدم الاستقرار المجتمعي
ثامر السليم
انطلقت أمس فعاليات المؤتمر السنوي الذي ينظمه قسم الفلسفة في كلية الآداب ـ جامعة الكويت تحت عنوان «مواقع التواصل الاجتماعي: الأطر النظرية وإشكاليات التطبيق»، برعاية عميد الكلية ومؤسسة «البابطين» ومؤسسة «كونراد اديناور» وبمشاركة نخبة من المختصين في كلية الآداب بجامعة الكويت في الشدادية.
وخلال كلمته في افتتاح المؤتمر، أكد عميد كلية الآداب بالإنابة د.عبدالله الهاجري أن الجامعات دوما تظل ركيزة التقدم والكيان الناطق عن العلوم والثقافة والفنون والآداب والقادرة على الوفاء باحتياجات ومتطلبات المجتمعات، مشيرا إلى أن العالم حاليا يعيش أزهى عصور ثورات التواصل الاجتماعي الذي أصبح أهم معزز من معززات التبادل الثقافي والتواصل والتعاون بين الأمم. وأضاف: الحقيقة أن جامعة الكويت مثلها مثل كل الجامعات في العالم كانت حريصة على ألا يفوتها ركب هذا التطور الحاصل في ثورة المعلومات، كما أن كلية الآداب بأقسامها المختلفة حريصة على الاستفادة من برامج التواصل الإلكتروني ووسائل التواصل المختلفة.
وتابع: ان الجميع يدرك أهمية أن تكون المؤسسة التعليمية الناجحة قادرة على تشجيع التنوع الثقافي والفكري المقدم من خلالها، ولعل هذا الدور تحديدا يجعلنا حريصين على تعميق عملية التواصل والتعاون فيما بيننا وبين المؤسسات والمراكز البحثية على المستويين الداخلي والخارجي والمضي به قدما نحو فضاءات أرحب.
قضية مهمة
وقال الهاجري: ها نحن اليوم نجتمع معا في هذا المؤتمر الذي يجمع كوكبة من الفلاسفة والمفكرين من الزملاء سواء داخل الكويت أو خارجها وذلك لمناقشة قضية على درجة فائقة من الأهمية والخطورة وهي قضية الحرية غير المحدودة التي أفرزتها مواقع التواصل الاجتماعي وغياب إشكاليات التطبيق الصحيح لها، حيث يفرد المؤتمر ويناقش من خلال الأوراق العلمية والدراسات والأبحاث التي ستعرض فيه هذه الإشكالية محاولا الوصول لبعض الحلول والمقترحات والتوصيات التي نأمل جميعا أن تعم بها الفائدة المرجوة.
وزاد أن كلية الآداب تحتفي باستضافة المؤتمر الدولي الخاص بقسم الفلسفة، ولا يخفى عليكم انه خلال فترة الجائحة وثورة المعلومات وثورة وسائل التواصل الاجتماعي كان لقسم الفلسفة هذه الريادة واختيار هذا الموضوع المهم والذي من خلاله يناقش حرية الرأي وبلا قيود وغيرها من أمور بمؤتمر علمي من باحثين من داخل الكويت وخارجها، وهو أمر نشجعه في الكلية.
موضوع مثير
وخلال افتتاح المؤتمر، توجه مستشار ونائب رئيس البعثة الألمانية فرانك نويمان، في كلمة له نيابة عن السفير الألماني لدى البلاد، بالشكر إلى منظمي المؤتمر على اختيارهم للموضوع، معتبرا انه مثير للجدل في كثير من الأحيان ويعتبر ثورة فنية وثقافية مستمرة.
واعتبر نويمان ان هناك حاجة ماسة لمناقشة هذه التطورات وكذلك التوصيات العملية حول كيفية التنقل في عالم وسائل التواصل الاجتماعي بنجاح في المستقبل، خاصة أن التواصل البشري انتقل إلى مستوى عال، حيث انه ولأول مرة في تاريخنا يستطيع الناس في جميع أنحاء العالم التواصل بحرية ومباشرة مع بعضهم البعض.
وتطرق إلى التطورات التقنية الجديدة في إنشاء شبكات التواصل الاجتماعي العالمية وتبادل كميات هائلة من البيانات بسرعة لم يكن من الممكن تصورها سابقا، متخيلا ما قد يكون ممكنا بعد 50 عاما من الآن مع وجود تطورات جديدة، مضيفا أن ثورة وسائل الإعلام أثرت أيضا على ديبلوماسيتنا العامة، معددا ما يهدفون له من خلال وسائل التواصل في السفارة الألمانية في الكويت ومنها نقل صورة إيجابية عن ألمانيا في الكويت، نقل وجهات النظر الحكومية أو الضغط من أجل اتخاذ إجراءات مشتركة وربط الناس من بلدينا لتحقيق فهم أفضل لبعضهم البعض.
وتطرق كذلك إلى أنه لا يمكن غض النظر عن الجوانب السلبية مثل الانتهاكات المحتملة لحقوق المستخدم، انتهاك الخصوصية، الأخبار المزيفة وغيرها.
تفكير جدي
من جهته، قال رئيس قسم الفلسفة وأستاذ الفلسفة السياسية والمعاصرة بجامعة الكويت د.محمد الوهيب إن التحدي الأكبر الذي يقف اليوم أمام أي احتكام للحس المشترك وهو أن معظم الأحكام والآراء السياسية تقوم بتقسيم المجتمع، التي تحتكم لجزء لا إلى الكل، وإلى الحد الذي أصبح معه الاستقطاب علامة حواراتنا السياسية حيث يزعم جوناثان هايدت، عالم النفس الاجتماعي بجامعة نيويورك، أن الاستقطاب المتفشي في عالمنا السياسي قد تفاقم بسبب وسائل التواصل الاجتماعي في العقد الماضي، غير فيسبوك وتويتر ومنصات الوسائط الاجتماعية الأخرى من شكل الأسلوب الذي نشر وتستهلك المعلومات من خلاله.
وأضاف أن هناك مؤسسات كاملة تحولت بسبب هذا الأسلوب الجديد حيث حدد علماء الاجتماع 3 قوى رئيسية على الأقل تربط مجتمعة الديموقراطيات الناجحة ألا وهي رأس المال الاجتماعي «شبكات اجتماعية واسعة ذات مستويات عالية من الثقة»، ومؤسسات قوية، وقصص مشتركة، لافتا إلى أن الحقيقة هي أن وسائل التواصل الاجتماعي قد أضعفت هذه العناصر الثلاثة.
وبين د.الوهيب أننا مطالبون اليوم بالتفكير جديا بهذا الدور الخطير جدا الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في التأثير بل وهدم الاستقرار المجتمعي، وربما من هنا تحديدا انطلقت أهمية مؤتمرنا، فيصبح فرصة لنا للتفكير بهدوء وعقلانية نقدية في تلك التحديات التي تواجه مجتمعاتنا المعاصرة.
الحفاظ على هويتنا
توجه د.محمد الوهيب بالشكر إلى د.عبدالله الهاجري وإلى مؤسسة كونراد أديناور، كما ثمن الدعم للمؤتمر من مؤسسة البابطين، كجهة بذلت الكثير والكثير من أجل الحفاظ على الهوية والثقافة واللغة العربية في كل بقعة من بقاع المعمورة، وفعلت كل ذلك دون وجود أي هدف مادي ربحي.
الاستخدام الآمن لـ «مواقع التواصل»
حملت الجلسة الأولى من فعاليات المؤتمر عنوان «الأطر النظرية لفهم مواقع التواصل الاجتماعي»، وترأستها أستاذة الميتافيزيقا في قسم الفلسفة د.شيخة الجاسم، وأكد المشاركون فيها أهمية تدريب الشباب على الاستخدام الآمن لمواقع التواصل الاجتماعي، والتصدي للشائعات من خلال تطبيق العقوبات على مروجيها.
وخلال الجلسة قال عضو هيئة التدريس في جامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية د.عبدالله المطيري، إن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة وفرت للإنسان خاتما سحريا شبيها بذلك الذي تحدث عنه أفلاطون، وبالتالي فهي تعيد سؤال الحرية والمسؤولية لا باعتباره تأملا فكريا فقط، ولكنه باعتباره حدثا واقعيا يشكل الحياة اليومية.
وتابع أن المبحث الأخلاقي اليوم أمام مهمة أساسية تتمثل في إعادة التفكير في الحرية وأولويتها وعلاقة الذات بالآخر في الشرط الإنساني الجديد.
من جانبه، حث أستاذ الفلسفة الحديثة في قسم الفلسفة في كلية الآداب بجامعة الكويت د.محمود أحمد، على تدريب الشباب على الاستخدام الآمن لمواقع التواصل الاجتماعي، وضرورة التصدي للشائعات من خلال تطبيق العقوبات على مروجيها مع ضرورة التصدي للإيديولوجيات المتطرفة والأفكار التي تستهدف الشباب بصفة خاصة.
من جانبها، قالت المستشارة القانونية في سلطنة عمان بسمة الكيومي إن كل شيء في عالمنا بالوقت الحالي أصبح بضغطة زر، حيث أصبح من السهل إلغاء الإضافات بين الأشخاص في التواصل الاجتماعي.
د.شيخة الجاسم: مداخلات ممتازة
قالت أستاذة الميتافيزيقا في قسم الفلسفة بجامعة الكويت د.شيخة الجاسم إن الكلية بدأت اليوم المؤتمر الدولي للفلسفة، والذي يخص مواقع التواصل الاجتماعي من ناحية الأطر النظرية ومشاكل التطبيق»، لافتة إلى أن الجلسة حظيت بمداخلات ممتازة عن إشكاليات التواصل الاجتماعي ومفهومها، وحريات التعبير، والمسؤولية المتعلقة عن حريات التعبير، والحسابات الوهمية، والأخلاق المتعلقة بالأحداث العالمية التي تحدث. وأضافت في تصريح للصحافيين على هامش الجلسة الأولى، إن جميع الجلسات المتعاقبة جميعها تتحدث التواصل الاجتماعي والحرية والمسؤولية والمشاكل المتعلقة بها.
مواقع التواصل الاجتماعي ورضا المستخدمين عن حياتهم
عقدت الجلسة الثانية للمؤتمر بعنوان «وسائل التواصل الاجتماعي والثقافة»، وترأسها أستاذ قسم فلسفة الذهن في قسم الفلسفة د. حنان الخلف. وقالت أستاذ الإعلام الإلكتروني في جامعة الكويت د.فاطمة السالم إن كثرة متابعة مواقع التواصل الاجتماعي قد تجعل الأشخاص غير راضين عن حياتهم، لأنها تخلق مشاعر الغيرة والحزن وذلك بدخولها للمقارنة الاجتماعية. وتابعت عن الدراسة التي أجريت على عدد 4275 شخصا داخل الكويت، ان بنسبة 41% منهم يستخدمون مواقع التواصل الاجتماعي لمدة 6 ساعات يوميا، بينما هناك نسبة 25 في المائة يستخدمونها لمدة أربع ساعات يوميا، بينما هناك نسبة 22.4 في المائة يقضون من ساعتين إلى أربع ساعات على مواقع التواصل الاجتماعي يوميا. وأكدت أن هناك نسبة 19 في المائة راضون عن المحتوى في المواقع التواصل الاجتماعي، ونسبة 14.2 في المائة غير راضين تماما.
من جهته، قال الأستاذ المشارك في قسم الإعلام بجامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا د.علي دشتي إنه أثناء تفشي المرض وانتشرت الكثير من التغريدات الفكاهية التي كانت وسيلة للهروب من الواقع لتخفيف الذعر، وتثقيف الجمهور، ولجعل الناس غير مهتمين بخطورة هذا الوباء.