تؤكد الدراسات الاقتصادية الإحصائية أن الأسطول التجاري البحري العالمي يقوم بنقل أكثر من 90% من البضائع والنقل في نطاق التجارة الدولية، ويزداد الطلب على خدمات سفن الأسطول البحري والتجاري بشكل طردي مع زيادة الطلب على السلع والخدمات.
Demand For Commercial Maritime Fleet Services is Corresponding directly and proportionally to the in crease in the demand for goods and services to be transported.
حركة التجارة البحرية العالمية تمر خلال محطات تجارية متذبذبة Economic Ftactuation والتي يتعرض لها الاقتصاد العالمي وفي مقدمتها صناعة النقل البحري العالمي Global maritime Transport Industry، ويمكن إيجاز المراحل الرئيسية لدورة تطور النشاط التجاري للأسطول البحري العالمي Economic life cycle of Global Merchant fleet على النحو الآتي ذكره:
1 - مرحلة التباطؤ أو التراجع
Recession Stage
في هذه المرحلة يتعرض الأسطول البحري الى حالة ركود اقتصادي عالمي قد يتسبب أو يحدث بسبب عوامل مالية واقتصادية وصراعات سياسية دولية مثل الحروب والصراعات العسكرية والكوارث الطبيعية القاهرة (Force Majore and natural calamaties) مثل هذه الأحداث تلقي بظلالها سلبا على الطلب العالمي لخدمات الأسطول التجاري البحري، إذ ينخفض الطلب على تأجير السفن أو التفكير في مشاريع شراء وبناء سفن جديدة وهذا الانكماش في الطلب على السفن Less demand For Chartering مع ثبات المعروض من حمولات السفن في السوق البحري الدولي ينتج عنه انخفاض أسعار تأجير السفن Freight Decline ما ينعكس سلبا على الإيرادات التشغيلية للسفن Operating Revenues وزيادة التكاليف التشغيلية للسفن Increase of ship operating costs ما يجبر أو يدفع ملاك السفن إلى اللجوء الى سياسات ترشيدية مثل التخلص من بعض أنواع وحمولات السفن ذات التكلفة التشغيلية العالية. وفي هذه الظروف يعزف المستثمرون في السوق التجاري البحري عن شراء سفن جديدة أو مستعملة Second hand ships وذلك لعدم جدواها الاقتصادية، ويصل الأمر بانخفاض أسعار السفن المستعملة إلى أسعار التخريد (سكراب) Scrap Prices.
2 - مرحلة التعافي الاقتصادي
Economic Recovery phase
حيث تتحسن ظروف الاقتصاد العالمي وتنتعش حركة التجارة الدولية، وذلك نتيجة زيادة كميات البضائع والنقليات الصادرة والواردة بين الدول المختلفة، ما ينعكس على زيادة الطلب على تأجير سفن الأسطول التجاري البحري الدولي World Maritime Merchant Fleet Freight وتقل الفجوة تدريجيا بين الطلب على تأجير السفن والمعروض من أنواع وحمولات السفن للأسطول البحري Bridging the GAP between the supply and the Demand وبهذا يتجه سوق النقل البحري إلى نقطة التوازن Breakeven status، إلا إنه في مرحلة التعافي Recovery phase يسود شعور من الترقب والحذر وعدم التأكد Uncertainty، فلهذا يعزف عدد من ملاك السفن والمستثمرين في التجارة البحرية عن المخاطرة في شراء سمن جديدة أو إصدار طلبات بناء سفن جديدة New Ships Building بتكلفتها الرأسمالية الباهظة Exorbitant Capital cost حيث تكون منخفضة التكلفة بسبب تأثير مرحلة الركود السابقة.
3 - مرحلة الازدهار والانتعاش
Booming and Flourishing Stage
في هذه المرحلة يعود سوق التجارة البحرية الدولية إلى نقطة التوازن Break Even حيث تقل الفجوة بين الطلب على تأجير وشراء السفن التجارية وبين عدد المعروض من السفن في السوق الملاحي. ويؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على خدمات سفن النقل البحري ومن ثم زيادة أسعار النقل البحري Sea Fright، ولا يمكن التنبؤ باستمرارية انتعاش السوق التجاري البحري، إذ قد يستمر لسنوات عدة ما ينعكس على زيادة الإيرادات التشغيلية الضخمة للشركات الملاحية التي يتم تأجير أسطولها البحري، وهذا يدفع ملاك السفن إلى زيادة الاستثمار في شراء سفن مستعملة أو إصدار أوامر بناء سفن تجارية جديدة، وذلك لزيادة طاقة أساطيلها التجارية والحصول على حصة أكبر من طلبات النقل المتزايدة.
كما يواكب ذلك استجابة البنوك والمؤسسات المصرفية لتمويل عمليات شراء وبناء السفن الجديدة نظرا لوجود فرص وجدوى اقتصادية متفائلة Optimistic Commercial viability of Feasibility study وذلك عن طريق منح تسهيلات ائتمانية لمثل هذه المشاريع Credit Facility.
4 - مرحلة التراجع والانكماش
Shrinking and Retreating stage
في هذه المرحلة تحصل زيادة في أعداد السفن المعروضة للخدمة في السوق التجاري البحري نتيجة لتوجه الشركات الملاحية الى شراء وبناء سفن جديدة لمواكبة الطلب المتزايد على خدمات النقل خلال فترة الانتعاش والازدهار التجاري البحري، ما يؤدي الى زيادة في المعروض من السفن وبشكل يفوق معدلات الزيادة من جانب الطلبات على هذه السفن التجارية Supply of available ships in Excess versus Limited Demand for ships services.
وتتعرض أو تدخل الشركات الملاحية في مرحلة المنافسة السعرية الشديدة فيما بينهم، ما يؤدي الى نزول أسعار النقل البحري Decline of Sea Freight ما ينعكس سلبا على التكاليف الرأسمالية والتشغيلية للشركات الملاحية Capital and operating costs.
ما يدفع الشركات الملاحية الى اتباع سياسات التقشف وترشيد الإنفاق لتقليل هذه التكاليف ويدخل السوق التجاري البحري في مرحلة الانكماش والتراجع، ود يدخل مرحلة الركود.
وأكثر المتضررين من هذا التدهور الملاحي هم ملاك السفن العملاقة إذا ساعد التقدم والتطور الهائل في تصميم وبناء السفن الكبيرة والعملاقة VLCC، ULCC ذات السرعات العالية التي دفع كثير من ملاك السفن إلى الاستثمار في هذه الأنواع من السفن، ما انعكس سلبا على الشركات الملاحية نظرا للتكلفة الرأسمالية والتشغيلية العالية ومن ثم اتخاذ قرار إيقاف هذه الأحجام من السفن عن العمل Laid-up Vessels لفترات محدودة إلى أن يعود سوق النقل البحري إلى الانتعاش.
إن الاستثمار في بناء وتشغيلها هو عملية معقدة وعالية الخطورة بسبب عدم ضمان استقرار السوق الملاحي Uncertainty وخضوعه لمتغيرات مختلفة Fluctuating Variables، وتتطلب رأسمال مكثف Intensive Capital للاستثمار في هذا المجال.
ويعتبر الاستثمار في بناء وتشغيل السفن نوعا من أنواع الاستثمار طويل الأمدLong Term investment حيث يأتي قرار الاستثمار بعد بحوث مستفيضة للسوق السلاحي وإعداد دراسات جدوى اقتصادية Feasibility Studies ويمر خلال عدد من الفواصل الزمنية Time Intervals بين فترات اتخاذ القرار للاستثمار ومن ثم تنفيذ مشروع الاستثمار وإتمامه إلى فترات ظهور النتائج الربحية لهذا المشروع بعد تشغيله، إذ إن معدل العمر الافتراضي للسفينة هو 25 عاما ولا يتم جني الأرباح التشغيلية إلا بعد سنوات عديدة نظرا لارتفاع تكلفة قيمة الاستهلاك Depreciation للسفينة في بداية تشغيلها والتي يتم خصمها من الربح الإجمالي التشغيلي وبعدها يستطيع مالك السفينة أن يجني أرباحا تشغيلية صافية مرتفعة القيمة وتسمى هذه الفواصل الزمنية في علم الاقتصاد بفترة جني الأرباح أو الإثمار Gestation Period.
ومما لا شك فيه أن الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا ستلقي بظلالها على السوق التجاري البحري وستؤدي الى انحصار الأسطول التجاري الروسي والأوكراني وإغلاق الكثير من الممرات البحرية ما سيؤدي الى قلة المعروض من السفن التجارية وارتفاع أسعار النقل البحري Sea-Freight Soaring.