عرضت الحكومة البريطانية أمام البرلمان أمس مشروع قانونها لتعديل بعض بنود بروتوكول أيرلندا الشمالية والذي تم التفاوض عليه في إطار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) والذي يثير توترا شديدا في المقاطعة البريطانية.
وإذ تؤكد الحكومة أن النص المقترح «قانوني»، إلا أن حزب العمال المعارض والحزب الجمهوري الأيرلندي «شين فين» يتهمانها بـ «انتهاك القانون الدولي».
وترغب الحكومة البريطانية في اعتماد نظام جديد بحيث تمر البضائع المتداولة والمتبقية داخل بريطانيا عبر «قناة خضراء جديدة» وتحررها من الإجراءات الإدارية. وتبقى البضائع الموجهة للاتحاد الأوروبي خاضعة لجميع الضوابط المطبقة بموجب قانون الاتحاد الأوروبي.
وقال رئيس الوزراء بوريس جونسون لإذاعة «إل بي سي» إنها «تغييرات بيروقراطية ضرورية، وبصراحة إنها سلسلة تعديلات بسيطة إلى حد ما»، مؤكدا أن مشروع القانون شرعي.
وأوضح أن «التزامنا الأساسي كدولة يتعلق باتفاقية الجمعة العظيمة في بلفاست».
كما دافعت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس عن موقف بلادها في اتصال مع نائب رئيس المفوضية الأوروبية ماروس سيفكوفيتش ونظيرها الأيرلندي سايمون كوفني، دون أن تنجح في إقناعهما.
وأكد سيفكوفيتش أن الاتحاد الأوروبي قدم «الحلول»، معربا عن أسفه «للعمل الأحادي الجانب الذي يقوض الثقة المتبادلة».
كوفيني الذي استمرت المكالمة معه بالكاد 12 دقيقة، اعتبر أن النص «ينتهك التعهدات البريطانية المتعلقة بالقانون الدولي» متهما تراس «بعدم المشاركة في مفاوضات ذات مغزى مع الاتحاد الأوروبي».
وردت تراس «نحن نفضل حلا تفاوضيا لكن يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يكون مستعدا لتعديل البروتوكول»، مشددة على ضرورة «إعادة الاستقرار السياسي».
بدوره، أكد الوزير البريطاني المكلف بشؤون أيرلندا الشمالية براندون لويس أن مشروع قانون الحكومة «شرعي» و«صائب».
وأوضح أن النص يهدف الى «إصلاح» المشاكل الناجمة عن تطبيق البروتوكول من أجل تبسيط التبادل التجاري بين بريطانيا وأيرلندا الشمالية وتهدئة الوحدويين لكي يقبلوا بتشكيل حكومة.
وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، فإن هذا يعتبر تراجعا عن اتفاقية دولية ومن شأنه ان يبرر إجراءات انتقامية تجارية. فالبروتوكول الذي أبرم لحماية السوق الأوروبية الموحدة، أنشأ حدودا جمركية في بحر أيرلندا لإبقاء أيرلندا الشمالية في المدار الجمركي للاتحاد الأوروبي وتجنب إنشاء حدود برية بين المقاطعة البريطانية وجمهورية أيرلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، وحماية اتفاق «الجمعة العظيمة» الذي وقع في العام 1998 ووضع حدا لأعمال عنف دامية استمرت عقودا أسفرت عن مقتل 3500 شخص.
لكن الوحدويين يرون أنه يشكل تهديدا لمكانة المقاطعة داخل المملكة المتحدة التي يرتبطون بها بشدة. ويرفض الحزب الوحدوي لأيرلندا الشمالية المشاركة في حكومة جديدة في بلفاست في حال عدم تعديل البروتوكول.
من جهتها، اتهمت ماري لو ماكدونالد، زعيمة الحزب الجمهوري في أيرلندا الشمالية «شين فين»، الحكومة البريطانية بـ «انتهاك القانون الدولي» عبر التعديل، مؤكدة أن «البروتوكول يعمل». واعتبرت أن رئيس الوزراء بوريس جونسون يحاول عبر ذلك استعادة سلطته.
وأضافت أن اقتراحات الحكومة «معدة لتحريك الطموحات القيادية لدى بوريس جونسون أو أحد خلفائه المحتملين» فيما يحاول رئيس الوزراء استعادة سلطته بعدما نجا في الآونة الأخيرة من تصويت لحجب الثقة قام به حزبه المحافظ.
كما اتهم حزب العمال المعارض الرئيسي في بريطانيا الحكومة بالسعي لانتهاك القانون.
وانتقدت النائبة العمالية رايتشل ريفز الحكومة قائلة: «يبدو أنها تريد تسجيل رقم قياسي في خرق القانون»، في إشارة إلى فضيحة «بارتي غيت» حول إقامة بوريس جونسون حفلات في مقر رئاسة الحكومة خلال فترات الحجر بسبب تفشي وباء كوفيد-19 ما أدى إلى تغريمه، في سابقة بالنسبة لرئيس حكومة في منصبه.