واجهت الحكومة البريطانية المحافظة بقيادة بوريس جونسون، المصممة على ترحيل المهاجرين المتسللين إلى أراضي المملكة المتحدة إلى رواندا، انتكاسة تمثلت بإلغاء رحلة أولى كانت مقررة مساء امس الأول بعد قرار قضائي في اللحظة الأخيرة.
على الرغم من الوعود بالسيطرة على الهجرة منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي (بريكست)، تؤكد الحكومة أنها ماضية في خطتها لإرسال طالبي اللجوء الذين يصلون بشكل غير قانوني إلى المملكة المتحدة، إلى هذه الدولة الواقعة على بعد أكثر من ستة آلاف كيلومتر في شرق أفريقيا، بهدف الحد من توافد طالبي اللجوء في رحلات خطيرة عبر بحر المانش.
وانتقدت الأمم المتحدة الخطة التي تحظى بشعبية كبيرة بين الناخبين المحافظين بينما يحاول بوريس جونسون استعادة سلطته بعدما أفلت من تصويت بحجب الثقة عنه من قبل حزبه على خلفية فضيحة «بارتي جيت» بعد حضوره حفلات خلال اجراءات كورونا.
لكن بعد اللجوء إلى القضاء وقرار طارئ من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لم تقلع الطائرة المستأجرة لقاء مئات الآلاف من اليوروهات.
دفع هذا الموقف وزيرة الداخلية بريتي باتيل التي عبرت عن «خيبة أملها»، إلى مهاجمة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. وصرحت باتيل مساء امس الاول «قلت باستمرار إنه لن يكون تطبيق هذه السياسة سهلا، وأشعر بخيبة أمل لأن الطعون القانونية ومطالبات اللحظة الأخيرة منعت الرحلة الجوية من الإقلاع»، واضافت وزيرة الداخلية أن «من المفاجئ جدا أن تتدخل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان على الرغم من النجاحات السابقة المتكررة أمام محاكمنا الوطنية».
واكدت أنه «لا يمكن أن تثبط عزيمتنا عن فعل الصواب وتنفيذ خططنا للسيطرة على حدود بلادنا»، موضحة أن الفريق القانوني للحكومة «يراجع كل قرار اتخذ بشأن هذه الرحلة والاستعداد للرحلة التالية قد بدأ».
من جهتها، أكدت الحكومة الرواندية امس التزامها استقبال المهاجرين على الرغم من إلغاء الرحلة. وقالت الناطقة باسم الحكومة يولاند ماكولو لوكالة «فرانس برس» إن «هذه التطورات لن تثبط عزيمتنا ورواندا مازالت ملتزمة بالكامل العمل على إنجاح هذه الشراكة».
وأضافت أن «رواندا مستعدة لاستقبال المهاجرين عند وصولهم وتأمين الأمن والفرص لهم».
وكانت السلطات تنوي ترحيل عدد من المهاجرين يصل إلى 130 من إيرانيين وعراقيين وألبان وسوريين في هذه الرحلة الأولى. وانخفض العدد بعد دعاوى فردية قدمها عدد منهم.
وفي تطور في اللحظة الأخيرة، أوقفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ترحيل طالب لجوء عراقي، مستندة إلى إجراء طارئ مؤقت، وأثارت هذه الخطوة ارتياح منظمات مدافعة عن حقوق المهاجرين تعتبر خطة الحكومة قاسية وغير إنسانية.
واعتبرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومقرها ستراسبورغ أنه يجب تأجيل إبعاد هذا العراقي إلى أن يدرس القضاء البريطاني شرعية القانون في يوليو المقبل. ويتعلق الأمر خصوصا بالتأكد من حصول المهاجرين على إجراءات عادلة في رواندا ومن أن رواندا تعتبر دولة آمنة.
رحبت جمعيات ومنظمات داعمة للاجئين بهذه النتيجة ومن بينها «مجلس اللاجئين» (ريفوجي كاونسل) الذي عبر في تغريدة على تويتر عن «ارتياحه الشديد».
وكتبت صحيفة «تلغراف» اليومية المحافظة أن الحكومة البريطانية قد تعيد النظر في تبنيها المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان لتتمكن من تنفيذ استراتيجيتها على الرغم من الانتقادات، من الكنيسة الأنغليكانية إلى الأمير تشالز الذي وصف الخطة بـ«المروعة» حسب صحيفة «ذي تايمز».
مع ذلك تبدو النكسة التي واجهتها الحكومة خطيرة. وتحدثت صحيفتا «مترو» و«ديلي ميرور» عن «مهزلة قاسية» بينما تحدثت صحيفة «ذي غارديان» اليسارية عن «الفوضى» التي أحدثتها.