في خضم الحرب التي يخوضها في أوكرانيا، توجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى طهران ليبحث مع نظيريه التركي رجب طيب اردوغان والايراني ابراهيم رئيسي الملف السوري، وخصوصا الهجوم ضد ميليشيات قوات سوريا الديموقراطية «قسد» الكردية، الذي يهدد به اردوغان في شمال سورية.
وتشكل الدول الثلاث الضامن لمفاوضات «استانا» رغم دعمها اطرافا مختلفة ومتحاربة في الحرب السورية.
ويستضيف إبراهيم رئيسي نظيريه الروسي والتركي في أول لقاء ثلاثي على مستوى الرؤساء منذ عام 2019. كذلك، ستتيح اللقاءات الثنائية التي ستعقد في طهران، ويجمع أحدها بين بوتين واردوغان للمرة الأولى منذ غزو أوكرانيا في فبراير، البحث في ملفات شائكة مثل تداعيات هذه الحرب والاتفاق النووي الإيراني.
وأكد الكرملين لدى الإعلان عن القمة هذا الشهر أنها ستخصص لملف سورية.
ويقول المحلل الروسي الخبير في الشرق الأوسط فلاديمير سوتنيكوف لوكالة فرانس برس «توقيت عقد هذه القمة لم يحدد بالصدفة».
ويضيف «بينما تنفذ روسيا «عمليتها الخاصة» في أوكرانيا، تريد تركيا أيضا أن تشن «عملية خاصة» في سورية»، معتبرا ذلك «المسألة الأساسية في القمة».
ويلوح اردوغان منذ شهرين بشن عملية عسكرية ضد مناطق تسيطر عليها «قسد»، تنطلق من الحدود التركية وتمتد الى منطقتي منبج وتل رفعت في ريف محافظة حلب في شمال سورية. ووفق الباحث في الشؤون التركية في معهد كارنيغي-أوروبا سنان أولغن، «لا تريد السلطات التركية أن تخوض العملية من دون ضوء أخضر من روسيا (...)، لأن المنطقتين المستهدفتين تقعان تحت إشرافها، كما تريد تركيا التمكن من استخدام المجال الجوي». وتحضر إيران بدورها في منطقة العملية المزمعة «من خلال ميليشيات مسلحة»، وفق أولغن الذي يشدد على أن ذلك يدفع اردوغان للسعي الى «نيل الضوء الأخضر» منها أيضا، الا أن الموافقة دونها حسابات معقدة. فقد سبق لموسكو أن أعربت عن أملها في أن «تحجم» أنقرة عن شن الهجوم، بينما حذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من أن عملية مماثلة قد تؤدي الى «زعزعة أمن المنطقة».
وأبدى مظلوم عبدي قائد «قسد» ثقته بأن «روسيا وإيران لن توافقا على مطالب تركيا»، آملا ألا تكون سورية «محط بازارات بين القوى الكبرى». ويرى الباحث في معهد «نيولاينز» نيكولاس هيراس أن «إيران وروسيا تريدان الحؤول دون عملية عسكرية تركية أخرى في شمال سورية»، مشيرا الى أن «إيران تؤسس لحضور في حلب ومحيطها ما يثير قلق تركيا، وروسيا (...) تتراجع في سورية لصالح إيران».
وتشكل الحرب الأوكرانية نقطة التجاذب الأساسية راهنا بين روسيا من جهة، والدول الغربية من جهة أخرى، خصوصا الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي الذي تنتمي اليه تركيا.
ويقول سوتنيكوف إن لقاءات طهران ستشمل «العملية الروسية في أوكرانيا التي غيرت الوضع الجيوسياسي في العالم»، مذكرا بأن «للرئيس التركي علاقات شراكة مع روسيا وأوكرانيا، ولهذا يؤدي دور الوسيط في هذا النزاع».
ويضيف «بالنسبة الى روسيا، الحفاظ على الشراكة مع تركيا مهم جدا».