بقلم: منصور السلطان
لم يكن لدى الفريق أول م. الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، أي وقت يمكن أن يقضيه في تلقي التهاني، بتعيينه رئيسا لمجلس الوزراء، طبقا للأمر الأميري الذي كلفه أيضا بترشيح أعضاء الوزارة الجديدة، وعرض أسمائهم على صاحب السمو الأمير لإصدار مرسوم تعيينهم.
ذلك لأنه يعلم يقينا أن الكويت لا تنتظر، وأنه يستشعر عظم المسؤولية التي أوكلت إليه. ويعرف تماما أن تكليفه بهذا المنصب الرفيع، يأتي في واحدة من أدق مراحل الكويت أهمية وحساسية، ولابد له أن يترجم الثقة السامية به إلى برنامج عمل واضح، ينهي حالة الجمود السياسي التي مرت بها البلاد خلال الفترة الماضية، بسبب الاحتقان الشديد بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهو ما أثر سلبا على جميع نواحي الحياة الأخرى، خصوصا الناحية الاقتصادية والتنموية.
لكن الشيخ أحمد النواف وهو يتولى رئاسة الحكومة الكويتية الـ40 في تاريخ البلاد، والرابعة في عهد صاحب السمو الأمير الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله ورعاه، يستند إلى ظهير شعبي مؤيد لهذا الاختيار الموفق، ومساند وداعم له، انطلاقا من خبرة طويلة سابقة أظهرت للشعب الكويتي، مدى صلابة الشيخ النواف، وقدرته على التعامل مع كل التحديات التي تواجهه.
وقد بدا ذلك واضحا وجليا منذ التحاقه في بداية حياته العملية بوزارة الدفاع ضابطا، ثم شغله للعديد من المناصب في وزارة الداخلية، وكيلا مساعدا لشؤون الجنسية والجوازات، ووكيلا مساعدا لشؤون التعليم والتدريب، ثم نائبا لرئيس الحرس الوطني، فوزيرا للداخلية.
ولا ننسى بالتأكيد الفترة التي عمل خلالها محافظا لمحافظة حولي عام 2014، وشهد له الجميع بأنه تمكن من تحقيق نقلة نوعية في المحافظة، وتدشين عدد من المشروعات التطويرية بالغة الأهمية، بالتعاون مع الجهات الحكومية، والتي أسهمت بدور فاعل وكبير في التيسير على المواطنين والمقيمين، وتقديم أفضل الخدمات لهم، بالتعاون مع سائر الجهات الحكومية المعنية.
ومن الضروري أن نتوقف كذلك عند الفترة التي شغل فيها النواف حقيبة وزارة الداخلية، فعلى الرغم من قصر هذه الفترة، فقد استطاع أن يترك بصمات واضحة في هذه الوزارة، وأن يمهد الطريق لمن يخلفه في هذا الموقع، لاستكمال النجاحات الكبيرة التي تحققت، وأبرزها بكل تأكيد ضرب أوكار تجار المخدرات وإحباط محاولاتهم لتهريب المخدرات برا وبحرا وجوا إلى البلاد، والشروع في وضع معالجة شاملة وحاسمة لخلل التركيبة السكانية التي تعاني منها البلاد، والقضاء على تجارة الإقامات، وإعادة هيكلة قطاعات الوزارة المختلفة، ومنح الفرصة لشباب الوزارة لشغل المواقع القيادية، وإعادة الاعتبار والتقدير للكفاءات والخبرات، وجعلها المقياس الأول والأساسي للتقييم والترقي.
وسيكون أمام الشيخ أحمد النواف العديد من الملفات والاستحقاقات الكبيرة المهمة، لعل أهمها وأخطرها، مكافحة الفساد الإداري في الجهات الحكومية، والارتقاء بمستوى الأداء فيها، بما يلبي طموحات وتطلعات المواطنين، بالإضافة بالطبع إلى بعض الملفات العالقة منذ سنوات مثالا على ذلك التركيبة السكانية والتوظيف والإسكان والبدون والتربية والرياضة والاقتصاد والتنمية والمشاريع المتعطلة وغيرها.
ولا شك أن أولى الخطوات في طريق وضع الحلول المناسبة لهذه المشكلات، تبدأ باختياره لوزراء أكفاء، بعيدا عن أسلوب «المحاصصة» الذي أثبت فشلا ذريعا خلال سنوات طويلة سابقة، وآن له أن يتوقف ليحل محله الأسلوب الذي تعرفه كل الدول المتقدمة، والمتمثل في اختيار أصحاب الكفاءات والخبرات. ويكتمل ذلك بتقديم برنامج عمل للحكومة الجديدة، يتناسب مع أهمية هذه المرحلة وخطورتها.
ومن المؤكد أن رئيس الوزراء الجديد الشيخ أحمد النواف يدرك أنه يأتي إلى منصبه الرفيع هذا، ووراءه ليس فقط تاريخه المشرف، وإنما وراءه ومعه أيضا تاريخ أسرة الحكم التي ينتمي إليها، والتي تقوم فلسفة الحكم لديها على التوافق، وليس الصراع، وعلى الثقة الكبيرة بين القيادة والشعب.
من هنا يبدأ الشيخ أحمد النواف عمله رئيسا للوزراء، ومن هنا أيضا يأتي التفاؤل الكبير بنجاحه إن شاء الله، وإنجازه الطموحات والآمال المعلقة عليه، من القيادة والشعب أيضا.
[email protected]